يقضي الكثيرون عادة ساعات على "الفايسبوك" للدردشة والإبحار في صفحات الأصدقاء. وفي شهر رمضان، حيث تشغل مائدة الإفطار الصائمين الحالمين بمائدة مزينة بما لذ وطاب، تحوّل انشغال "الفايسبوكيين" إلى "اقتناص" وصفات شهية، كما أصبحت صفحات الطبخ على موقع التواصل الاجتماعي مصدر "إلهام" لربات البيوت. لم تعد الوصفات التقليدية المتعارف عليها ولا صفحات كتب الطبخ المصدر الوحيد لانتقاء أطباق مائدة رمضان، ف"الفايسبوك” أيضا دخل على الخط، فمنذ بداية شهر الصيام تحولت صفحاته إلى معرض مفتوح على أشهى المأكولات الجزائرية والمغاربية، وحتى المشرقية وكذا وصفات الطبخ العالمي، التي تعرض بشكل جذاب “يدغدغ معدة الصائم ويسيل لعابه”. وتأخذ صفحات مقدمي برامج الطبخ على القنوات التلفزيونية العربية حصة الأسد من المعجبين والمتابعين على “الفايسبوك”، على غرار صفحة أسامة السيد على قناة دبي، منال العالم بقناة أبوظبي و"حورية المطبخ” بقناة “فتافيت”. السيدة مونية، وهي عروس دخلت قفص الزوجية أسبوعين قبل شهر رمضان، من بين من يستلهمن أطباق مائدة الإفطار من صفحات “الفايسبوك” منذ بداية شهر رمضان، لترضي زوجها الذي لم تعد الأطباق التقليدية ترضيه “خاصة لتزامن شهر الصيام وموسم الحر”، تقول مونية. وتواصل محدثتنا مردفة: “ذوق زوجي صعب جدا، فهو لا يستسيغ الكثير من الأطباق التقليدية، كما أنه لا يتناول الشربة وهذا أدخلني في دوامة للبحث عن البديل، خاصة أني عاملة ولا وقت لدي لمشاهدة برامج الطبخ على التلفزيون”. غير أن مونية وجدت الحل في “الفايسبوك”: “بحكم عملي أقضي الساعات أمام شاشة الكمبيوتر، وأسترق بعض الوقت لولوج الفايسبوك، واكتشفت صدفة صفحة طبخ رائعة، نقلت منها العديد من الوصفات التي جربتها وكانت النتيجة مرضية”. دخلت المطبخ ببركة “الفايسبوك” وإذا كانت مونية قد اكتشفت صفحة الطبخ بالصدفة فأخريات ولجنها بتوصية من الزوج أو الأبناء، على غرار سعاد التي أصبحت تختار وصفات مائدتها من صفحات “الفايسبوك” نزولا عند رغبة زوجها وأبنائها. تقول سعاد: “أبنائي وزوجي لم يعد يعجبهم العجب على الإفطار، فلأنهم في عطلة يقضون يومهم على شاشة الفايسبوك يشاهدون وصفات لا تقاومها معدتهم الصائمة، ويطلبون مني تحضيرها، فكان لزاما علي الانصياع لرغبتهم حتى لا أحضر أطباق لا يأكلها أحد”. وللرجال أيضا نصيب في ما تعرضه صفحات “الفايسبوك” الذي حوّل البعض إلى طباخين، رغم أنهم لا يجيدون طهي بيضة في الأيام العادية، وهو حال محمد، وهو طالب جامعي في كلية الحقوق ببن عكنون. يقول محمد: “في العادة لا أدخل المطبخ إلا للأكل، لكن الحال تغير هذه السنة، فالأطباق الخفيفة التي تعرضها صفحات الفايسبوك أدخلتني مرغما إلى المطبخ لأزاحم أمي وشقيقاتي، لكن لتحضير وصفات خفيفة لا تأخذ الكثير من الوقت على غرار المقبلات.. إنها بركة الفايسبوك على رأي أمي”، يعلق ضاحكا. ولأن العائلات في رمضان كثيرا ما تتقاسم مائدتها مع الضيوف، تحرص ربات البيوت على أن تكون مائدتها ببصمة إبداعية ومختلفة، لا تكرر فيها نفس الأطباق المعروفة. وعن ذلك تقول إحدى “الفايسبوكيات”: “لست من هواة الفايسبوك ولا الإبحار في الشبكة العنكبوتية، غير أن زميلاتي في العمل نبهني لصفحات الطبخ التي لا تقدم فقط وصفات جديدة ولذيذة، لكنها تساعدك في عرض الأطباق والمائدة بطريقة جذابة أثارت إعجاب ضيوفي “. ويتقاسم “الفايسبوكيون” أطباقهم مع أصدقائهم، فمائدة رمضان لا تشبه المائدة في باقي أيام السنة، إذ تتحوّل الكثير من الصفحات إلى ميدان منافسة لأبهى مائدة.