نحن في الأيّام الأخيرة من شهر رمضان، فبماذا تذكّرون مَن غفل عن العبادة في العشرين الأولى منه، أو صام ولم يحقّق معاني الصّيام العظيمة؟ - لقد أنعم الله على هذه الأمّة بمحطّات إيمانية عظيمة هي بمثابة ُرَص للتّزوّد بالتّقوى وتطهير القلوب والنّفوس من المعاصي والذّنوب، ومن هذه المحطّات الإيمانية شهر رمضان المبارك، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”جاءكم شهر رمضان شهر مبارَك كتب الله عليكم صيامَه فيه ليلة خير من ألف شهر مَن حُرم خيرها فقد حُرِم”، وقال عليه الصّلاة والسّلام: ”إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنّة وغلّقت أبواب النّار وصفّدت الشّياطين” متفق عليه. وينبغي للمسلم أن يستقبل هذا الشّهر بعزيمة قويّة على صيام نهاره وقيام ليله، وأن يستعدّ للاجتهاد في الطّاعات واجتناب المعاصي والمحرّمات حتّى لا يكون ممّن قال فيهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:”مَن لَم يَدَع قولَ الزُّور والعملَ به فليس لله في أن يَدَع طعامَه وشرابَه”، ورُبَّ صائم ليس مِن صيامه إلاّ الجوع والعطش، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامه إلاّ التّعب والسّهر”. فالصّيام ليس عادة من العادات، نصوم لأنّ آباءنا يصومون ونقوم به من غير خشوع ولا نيّة، بل هو عبادة جسدية وقلبية عظيمة، لا بُدّ أن تصوم جوارحنا وألسنتنا عن الحرام كما نصوم عن الأكل والشّرب، ونقول لمَن ضيّع وقته في رمضان في اللّهو والّلغو والسّمر، إنّ باب التوبة مفتوح فاقصده قبل فوات الأوان، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”إنّ الله عزّ وجلّ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء الليل حتّى تطلع الشّمس من مغربها” رواه مسلم. أمّا مَن وفٌّه الله للعمل في رمضان فيدعو الله أن يتقبّل منه ويُثبِّتَه على الطّاعة بعد رمضان، لأنّ من علامات قبول العمل المداومة عليه والزّيادة في الطاعات. رجل مريض بداء السكري كان يتناول حبوبًا من أجل ضبط نسبة السكري في الدم، لكن مع تفاقم مرضه، أعطاه الأطبّاء حُقن الأنسولين ومنعوه من الصوم، وهو خائف من الإفطار، فبماذا تنصحونه وماذا عليه إن أفطر؟ - إذا كان المسلم مريضًا مرضًا لا يُستطاع معه صيام فالواجب العمل بالرّخصة وهي الإفطار لقوله تعالى: ”فَمَن كان مريضًا أوْ علَى سفرٍ فعِدّةٌ مْن أيّام أُخَر”. والمرضى المصابون بداء السكري ويعالجون بالأنسولين لا يستطيعون الصيام لمدة طويلة، فعليهم الإفطار وإطعام مسكين عن كلّ يوم، ويُحرَم عليهم الإضرار بأنفسهم في حالة صومهم، وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”إنّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخصَه كما يُحِبُّ أن تُؤتَى عزائمُهُ”، والله يُثِيبَكُم أجرَ الصّائمين إن شاء الله، والله أعلم.