ولد الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي بالبادية في موضع يقال له الحامدية، في شهر رمضان من عام 1239ه/ ماي 1824م. نشأ العلامة الهاملي في كنف والديه الكريمين عزيزًا مكرّمًا، تعلّم في قرية الهامل ببوسعادة بولاية المسيلة على يد أحد علماء الشّرفة ”سي محمد بن عبد القادر” المشهور ب«كريرش”، فكان ذكيًا وحافظًا ممتازًا، حفظ القرآن في سن مبكرة 13 سنة. انتقل بعد ذلك إلى مناطق البيبان حيث زاوية سيدي علي الطيار لمواصلة تعليمه، فأتقن القراءات السّبع وفنّ التجويد على يد سي الصّادق، كما تولّى مؤونة أكله والعناية به رجل من الأخيار يسمّى عبد الواحد. بعد عامين قضاهما في رحاب القرآن، عاد إلى الهامل وسرّ به معلّمه ”سي كريرش”، بقي مدة في القرية، ثمّ توجّه إلى زاوية السّعيد بن أبي داود (آقبو) ببجاية، حيث لازم العلاّمة سيدي أحمد بن أبي داود مدّة خمس سنوات، فبَرِع في علم التّفسير والحديث والفقه (المذهب المالكي) وأصوله، وعلم الكلام، والنّحو والصّرف، والبلاغة وعلم الفلك، والحساب. وبعدها توجّه إلى زاوية ابن أبي التّقي ليدرس بها الفقه حتّى أتقنه، فكان مدرّسًا ممتازًا واعظًا للعامة، وموجِّهًا دينيًا بارعًا، فأُعجب به النّاس وصار حديث المجالس في بلاد القبائل. في عام 1265ه/1849م أو بعدها بقليل، بدأ الشيخ التَدريس بالهامل، وهو نقطة البدء في عمليّته التّعليمية ومشروعه الّذي عزم على تحقيقه، وفي عام 1279ه/1862م شرع في بناء الزاوية والمعهد، حيث أصبح مركزًا هامًا في المنطقة. توفي الشيخ محمد بن أبي القاسم عام 1315ه/1897م، بعد حياة حافلة بالاجتهاد والجد والعمل ونشر الدّين والثقافة وجميع العلوم، وتقديم خدمات جليلة للإسلام ولأهله ووطنه.