العلامة الشيخ السعيد بن محمد الشريف بن العربي، أبو يعلى الزواوي، من قبيلة آيت سيدي محمد الحاج الساكنة في إغيل زكري من ناحية عزازفة بمنطقة القبائل الكبرى أو زواوة، ينسب إلى الأشراف الأدارسة، ولد حوالي العام 1279ه الموافق ل1862م. درس أوّلاً في قريته فحفظ القرآن الكريم وأتقنه رسمًا وتجويدًا وهو ابن اثنتي عشرة سنة، والتحق بزاوية الأيلولي ومنها تخرّج. وأبرز شيوخه الذين استفاد منهم، والده محمد الشريف والحاج أحمد أجذيذ ومفتي الجزائر الشيخ محمد السعيد بن زكري، والشيخ محمد بن بلقاسم البوجليلي. أكثر الشيخ من التنقل والترحال قبل أن يستقرّ في الجزائر العاصمة سنة 1920م، حيث ارتحل إلى تونس سنة 1893م وكذلك إلى مصر والشام وفرنسا وذلك قبل سنة 1901م. عمل في القنصلية الفرنسية في دمشق من سنة 1912م إلى غاية سنة 1915م، وفي مدّة إقامته هناك نَمَّى معارفه بالأخذ عن علماء الشام وبالعلاقات التي أقام مع الكتاب والأدباء، على رأسهم أمير البيان شكيب أرسلان. ومع بداية الحرب العالمية الأولى، اضطُر الشيخ للخروج من دمشق لاجئًا إلى مصر، لأنّه كان معروفًا بمعاداته للحكومة التركية، ومناصرته لأصحاب القضية العربية كما سمّيت في ذلك العصر. وفي مصر استزاد من العلم بلقاء أهل العلم وأعلام النّهضة فيها، وممّن جالس وصاحب هناك محمد الخضر حسين الجزائري والطاهر الجزائري ومحمد رشيد رضا. رجع إلى الجزائر سنة 1920م بعد انتهاء الحرب، فقضى مدة في زواوة، ثمّ سكن الجزائر العاصمة وتولّى إمامة جامع سيدي رمضان بالقصبة بصفة رسمية. ومع كونه من الأئمة الذين رضوا بالوظيفة عند الإدارة الفرنسية، فقد تبنّى الفكر السلفي الإصلاحي بقوّة وحماس كبيرين، وعاش محاربًا لمظاهر الشِّرك والبدع والخرافات وغيرها من أنواع المنكرات. وكانت له بعد ذلك تنقلات في طلب العلم والدعوة إلى الله، منها ما كان إلى بجاية أو البليدة. توفي، رحمه الله، في 8 رمضان 1371ه الموافق ل4 جوان 1952م، عن عمر ناهز التسعين، وشيّع جنازته خلق كثير وعدد كبير من رجال العلم والفضل، وصلّى عليه الشيخ الطيب العقبي.