خاتمة المحقّقين بشمال إفريقيا، المفسّر المحدّث الشيخ سيدي محمد بن عبد الرحمن، من سلالة الولي الصالح والشّريف الحسني سيدي إبراهيم، من قرية الديس قرب مدينة بوسعادة بالجنوب الجزائري. ولد سنة 1270ه بقرية الديس، وتوفي يوم 22 ذي الحجة عام 1339ه، ذاق مرارة اليتم منذ صباه إذ توفي والده وتركه صغيراً، فتربّى في حجر والدته وجدّته. وفي السنة الرابعة من عمره أدخل الكتاب لحفظ القرآن الكريم، ولمّا وصل إلى سورة الجن أصيب بمرض الجدري فأفقده عينيه، واستمر على الرغم من ذلك على قراءة القرآن إلى أن حفظه وأتقن أحكامه على أيدي علماء القرية. شرع بعد ذلك في تلقي المبادئ العلمية على يد عالم الديس وصالحها الشيخ سيدي أبي القاسم بن سيدي إبراهيم والد الشيخ الحفناوي مفتي المالكية بالجزائر في بداية القرن العشرين، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى زاوية الشيخ السعيد بن أبي داود بجبل زواوة، أخذ عن رجالها الفقه والنحو والتوحيد والفلك، ثم قصد قسنطينة وحضر دروس الشيخ حمدان الونيسي. عاد إلى قريته الديس، ولازم حفظ المتون، ومنها قصد زاوية الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم بالهامل، وذلك سنة 1296ه 1878م. عرف الشيخ بقوة حافظته، كما عرف بسرعة فهمه وإدراكه إضافة إلى شغفه بالمجالس العلمية والبحوث، حيث كانت مجالسه كلّها عبارة عن مناقشات ومباحثات ومدارسات لا تخلو من فائدة، وكانت دروسه عبارة عن مناظرات علمية بحتة، ما حبّب ذلك إلى نفوس الطلبة واكتسبت دروسه بذلك شهرة واسعة لدى الأوساط العلمية.