العدالة الجزائرية ما تزال تحقق وستبقى تحقق لسنوات أخرى وهذا في انتظار أن تقوم العدالة الإيطالية بملاحقة بجاوي فريد وشركائه في وزارة الطاقة وتصادر أموالهم.. وتبقى الجزائر وعدالة الجزائر تحقق من أجل الحصول على لا شيء. المال المسروق هو المال الجزائري ومع ذلك تسبقنا العدالة الإيطالية في المطالبة بتوقيف فريد بجاوي عبر الأنتربول. ما يقع في مجال ملاحقة السراق من تباطؤ لا يفسر بقلة الكفاءة فقط، بل قد يفسر هذا التباطؤ بالتواطؤ! فريد بجاوي قال إنه كان مجرد جامع للأموال لفائدة الوزير شكيب، وقد يعتقد أن المساعدة على السطو لا تجعل صاحبها تحت طائلة القانون؟! المشكل ليس في فريد بجاوي ومافيا إيطاليا وشراكتها مع مافيا وجدة، بل المشكلة في هذا السيستام الجزائري الذي يجعل المال العام سائبا بهذه الطريقة وبلا رقابة.. وعندما يكتشف الجيران أن الدار المسروقة أخلات.. تتحرك العدالة لتنام فوق الملفات كالعادة وتشخر كمان حتى يأخذ الجيران ما لذّ وطاب لهم مما سرق. لا أحد يستطيع أن يقنعني بأن شابا فصعونا مثل فريد بجاوي يقوم من خارج الوطن بما قام به، ومن خارج السيستام أيضا؟! لو لم يكن الوضع في تسيير المال العام قد وصل إلى الإهمال التام. المشكلة ليست فيما سرق من سوناطراك “1” و"2”، بل المشكلة أن السيستام الذي سمح بهذه السرقة ما يزال شغالا كما كان من قبل، وقد تكون عمليات النهب ما تزال مستمرة ما دام السيستام لم يتغير. التسيير البوليسي للاقتصاد هو الذي أوصل البلاد إلى هذه الوضعية. ملف الإطارات في البلاد تسيّره الشرطة وال(D.R.S) أكثر مما تسيّره الحكومة والمؤسسات الاقتصادية والإدارية، بل حتى الحكومة تسيّر أمنيا أكثر مما تسيّر سياسيا. لا سلطان للبرلمان بغرفتيه على أعمال الحكومة والشركات الوطنية والبنوك العمومية والقوانين التي تسيّر الاقتصاد توضع على المقاس لتجعل حاسي مسعود يصبّ خارج الطاس.. والرقابة الوحيدة الموجودة على تسيير الاقتصاد هي الرقابة البعدية التي تقوم بها الشرطة بمختلف أنواعها.. وبطبيعة الحال الرقابة البعدية لا يمكن أن تكون وسيلة لمنع العبث بالمال العام.. لأن الرقابة البعدية تعالج النتائج فقط، في حين الرقابة القبلية بالقوانين والرقابة المصاحبة هي الفعالة وهذا ما يزال غائبا حتى الآن في تسيير الاقتصاد الجزائري.