ما هي الأسباب الحقيقية وراء الموقف المصري بسحب سفيرهم من أنقرة ومطالبة السفير التركي في القاهرة بالمغادرة؟ حسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية فإن هذا الموقف جاء لأن “تركيا تدعم المنظمات التي تحاول زعزعة الاستقرار في مصر”، ولكني أعتقد أن السبب الرئيسي لهذا الموقف يتمثل في تأييد الحكومة التركية للشرعية في مصر، وكما تعلمون حدث انقلاب عسكري ضد أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، ثم وقعت إراقة دماء، والدولة التركية مصرة على موقفها الداعم للشرعية في مصر، وهنا أقصد بالشرعية النظام الذي جاء عبر صناديق الاقتراع، فتركيا لديها تجربة كبيرة من الانقلابات العسكرية في 1960 و1971 و1980 و1997. وهذه الانقلابات لا تفيد الشعوب، لذلك الحكومة التركية كان موقفها دعم الشرعية في مصر، مع الإشارة إلى أن لا الشعب التركي ولا حكومته يريدان أن تكون العلاقات سيئة مع مصر، فالشعب المصري شقيق والأتراك يريدون كل الخير له. تركيا استثمرت نحو 10 مليار دولار في مصر بعد الثورة منذ جانفي 2011 وخاصة في عهد مرسي فهل ستتأثر هذه الاستثمارات بالتطورات السياسية الأخيرة؟ العلاقات الاقتصادية المصرية التركية كانت جيدة منذ أيام مبارك، ورجال الأعمال الأتراك كانت لهم استثمارات أكبر عندما كانت هناك حكومة منتخبة، كما أن مصر كانت تحتاج إلى دعم خارجي لذلك فرجال الأعمال الأتراك استثمروا كثيرا في مصر في عهد مرسي، وزودت الحكومة التركية مصر بالقروض لأسباب أخوية، فضلا عن أن العلاقات التجارية بين البلدين كانت تنمو والحكومة التركية شقت طريقها نحو علاقات تجارية جيدة مع مصر لأن تركيا ليس لها ثروات كبرى، لذلك تريد أن تكون علاقاتها التجارية بمصر قوية، لكن الانقلاب العسكري عرقل هذه العلاقات. تركيا تبنت سياسة تصفير مشاكلها الدولية، ولكن علاقاتها مع النظامين المصري والسوري في أسوأ أحوالها، هل أدى “الربيع العربي” إلى مراجعة تركيا لهذه السياسة؟ هذه الفكرة نشرها وزير الخارجية التركي داوود أوغلو في مقالة جديدة لتصفير المشكلات في العلاقات الدولية، لأنه قبل مجيء حكومة حزب العدالة والتنمية كانت لتركيا مشاكل مع دول الجوار مثل جورجيا وأرمينيا وبلغاريا وإيران، وداوود أوغلو في مقالته يحاول تصفير هذه المشاكل مع دول الجوار وهذه السياسة لا زالت مستمرة إلى اليوم، بدليل زيارة رئيس إقليم شمال العراقلتركيا، كما سيزور رئيس وزراء العراق نوري المالكي تركيا ثم سيزور أردوغان العراق، وكذلك سيزور وزير الخارجية التركي إيران، فحدودنا المعينة مع إيران أقدم من تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالنسبة لمصر فهناك مد وجزر في هذه العلاقات، ولكننا نؤمن أن هذه العلاقات التاريخية والقديمة جدا سترجع إلى سابق عهدها.