لم يستجب الشباب الملثمون في شوارع الڤرارة بولاية غرداية طيلة ليلة الجمعة إلى السبت لنداءات التهدئة التي صدرت من أعيان ومنتخبين وأئمة ومشايخ المنطقة، ولم تهدأ الأوضاع في البلدية إلا بعد أن فرض أكثر من ألف عنصر من قوات مكافحة الشغب التابعة للأمن الوطني طوقا أمنيا في المناطق الساخنة بالمدينة. نقلت المديرية العامة للأمن الوطني عدة مجموعات للتدخل من الوحدات الجمهورية للأمن إلى القرارة، وتواصل نقل التعزيزات طيلة يوم السبت الماضي، حيث فاق عددهم ألف عون لفرض النظام في بلدة لا يزيد عدد سكانها عن 65 ألف نسمة. انتهت المشادات بين الشباب الملثمين ومحاولات تخريب المحلات واقتحام البيوت في القرارة مساء أول أمس بعد تدخل عناصر الوحدات الجمهورية للأمن والملثمين، والتي استعملت الهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة شديدة لفرض النظام في شوارع المدينة، حيث هدأت الأوضاع نسبيا ليلة السبت لكي تعاود الاشتعال أمس في مناطق متفرقة في هذه المدينة لكن بأقل حدة. وباشر والي غرداية ورئيس الدائرة الاتصالات لتهدئة الأوضاع، حيث شهد مقر الدائرة سلسلة من اللقاءات بين أعيان ومشايخ وأعضاء في المجالس المنتخبة من أجل التوصل لاتفاق تهدئة في القرارة.وطالب تجار ومستثمرون من القرارة بالتعويض عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم جراء عمليات التخريب والنهب التي مست عشرات المحلات ومراكز الخدمات، ولم تسلم منها حتى البيوت وبعض المرافق العمومية، وقد بدأت لجنة من التجار في حصر خسائر القطاع التجاري والصناعي. وتشهد مدينة القرارة منذ يوم الجمعة الماضي شللا تاما في النشاط التجاري وتوقفا لحركة النقل. “الأفافاس” يتهم قررت القيادة الوطنية لجبهة القوى الاشتراكية إرسال لجنة برلمانية للتحقيق في أعمال العنف في القرارة، وجاء القرار بعد أن اتهم القيادي في جبهة القوى الاشتراكية حمو مصباح “أطرافا خفية لأغراض سياسية في السلطة بالتورط في أعمال العنف التي اندلعت فيها منذ الجمعة الماضي”. وكشف الأمين الوطني في الحزب ومنسق ولايات الجنوب حمو مصباح أن “الأمانة الوطنية للحزب وأعضاء من كتلته في المجلس الشعبي الوطني قرروا إرسال لجنة تحقيق برلمانية للوقوف على حقيقية الأوضاع في القرارة وفي عموم ولاية غرداية”، والنظر في الاتهامات التي وجهها أعضاء من فدرالية جبهة القوى الاشتراكية في غرداية للشرطة “بسوء تسيير الأزمة والتورط في تجاوزات خلال أعمال العنف التي حدثت في القرارة وقبل عدة أشهر في غرداية”. وأضاف مصباح ل “الخبر” أن “عام 2013 شهد تجدد المصادمات وأعمال العنف بين المواطنين 6 مرات، وشهد أيضا سوء تسيير للأزمة من قبل الجهاز الإداري والأمني بولاية غرداية، وهو ما يدعو لطرح عشرات الأسئلة حول الأطراف التي تحرك الأحداث قبل أقل من نصف سنة عن موعد الرئاسيات”. وتشمل صلاحيات لجنة التحقيق البرلمانية النظر في تسيير الإدارة للانتشار الوبائي لداء الملاريا في ولاية غرداية، وأشارت عريضة وقعها أعضاء سابقون في المجلس الشعبي الوطني والمجلس الولائي إلى وجود تقصير وغياب أمني، حيث انتشرت الاعتداءات في غرداية في السنتين الأخيرتين بشكل لافت. الأمن يحقق في مواقع إنترنت تحرض على الفتنة وجهت محاضر الاستماع على مستوى الشرطة القضائية بأمن دائرة القرارة تهمة التحريض على العنف والتخريب لشخصين موقوفين تحت النظر أوقفا أثناء أعمال العنف في القرارة، وضبطت لديهما صور وتسجيلات فيديو لأعمال العنف، وبلغ عدد الموقوفين في القرارة منذ اندلاع الأحداث 17 موقوفا تم الإفراج عن 6 منهم بسبب عدم ثبوت أية تهمة، بينما ينتظر 11 آخرون المثول أمام نيابة محكمة بريان المختصة إقليميا. ويتعاون محققون من قسم الجريمة الإلكترونية في المخبر المركزي للشرطة بشاطوناف بالعاصمة مع ضباط شرطة قضائية من غرداية، للوصول إلى مطلوبين حرضوا على العنف ونشر الكراهية بين سكان مدينة القرارة عبر مواقع إنترنت وحسابات في شبكات التواصل الاجتماعي. وتشمل التحقيقات، حسب مصدر من أمن ولاية غرداية، الوصول إلى مطلوبين نشروا صورا لضحايا الأحداث وصور أخرى لعمليات التخريب ومواد تحريضية مكتوبة ومصورة تتضمن سبا وشتما متبادلا ضد كل فئات السكان. وقال المصدر ذاته إن أحد أهم أسباب أعمال العنف التي اندلعت مؤخرا في القرارة هو تبادل السب والشتم بين أشخاص يحملون أسماء مستعارة عبر منتديات ومواقع الكترونية وحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، ويواجه المطلوبون تهما جنائية قد تتعدى عقوبتها 10 سنوات سجنا بالنظر إلى فداحة الخسائر التي أوقعتها أعمال العنف في القرارة. وقال مصدر من أمن دائرة القرارة إن عدد الموقوفين الذين سيحالون على نيابة محكمة بريان المختصة إقليميا هو 11، وقد وجهت لهم مبدئيا تهم تخريب ممتلكات الغير ووضع النار عمدا في منازل ومتاجر وسيارات والتجمهر المسلح، وهي تهم جنائية تتعدى عقوبتها 10 سنوات سجنا.