الرّاجح في هذه المسألة أنّها تستحق كامل المهر إن سمّي في العقد أو مهر مثيلاتها إن لم يسم، كما أنّها تستحق نصيبها من الميراث ولو لم يتم الدخول، ولها الثُمُن ممّا ترك إن كان له ولد، ولها الرُّبُع إن لم يكن لها ولد، والدليل ما رواه الترمذي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه سُئل عن رجل تزوّج امرأة ولم يفرض لها صُداقًا ولم يدخل بها حتّى مات، فقال ابن مسعود: “لها مثل صُداق نسائها، لا وكس ولا شطط وعليها العدّة، ولها الميراث”، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: “قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بَرْوَع بنت واشق، امرأة منّا مثل الّذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وهو حديث صحيح. أمّا العدّة فإنّها تعتد مدّة أربعة أشهر وعشرًا لعموم قوله تعالى: {والّذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويَذَرُون أزواجًا يَتربَّصْنَ بأنفُسِهنّ أربعةَ أشهرٍ وعَشرًا} البقرة:234، ومعنى العِدّة أنّها لا تتزيَّن ولا تتطيَّب ولا تستقبل الخطاب حتّى تنقضي تلك الأيّام، أمّا لو فارقته بالطّلاق وذلك قبل الدخول فإنّه لا عدّة تعتدها لقوله تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا إذا نَكَحْتُم المؤمنات ثمّ طلّقتُموهنّ من قبل أن تَمَسُّوهنّ فما لكُم عليهنّ من عِدّة تَعتَدُّونَها} الأحزاب:49. وبهذه المناسبة، تجدر الإشارة إلى أمرين مهمّين: أمّا الأوّل فمتعلّق بالعقد الشّرعي، إذ ينصح بجعله مقترنًا بالدخول والعرف السّائد في المجتمع الجزائري عرف جيّد، حيث يؤخّر العقد الشّرعي إلى غاية ليلة الدخول. أمّا إن أراد الخاطب أو أهله التّعجيل في إجراء العقد الشّرعي، وهو متعلّق بالأمر الثاني، فلابدّ أن يجري معه العقد المدني حتّى تحفظ حقوق المرأة، كحقّ الميراث إن حصلت الوفاة قبل الدخول، كما وردت في السؤال، وغيرها من الحقوق خاصة ّإن حصل حمل قبل إعلان الزّواج بالعرس والوليمة كما هو عند كثير ممّن يخطئ ويتّصل بخطيبته قبل الدخول المعلن، أمّا إن لم يتمّ العقد قلا يثبت أيّ حقّ للمرأة، لأنّها أجنبية عن خاطبها، كما لا يجوز له أن يختلي بها أو أن يصافحها أو أن يلمسها أو أن تتزيّن له وأن تبدو له بغير لباسها الشّرعي. ومن المؤسف أن يتساهل الشباب والأولياء في هذا الأمر، فعواقبه الوخيمة لا تخفى على أحد، أعظمها إغضاب الله الّذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.