نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً حول القصة الحقيقية لتسريبات الصور التي تكشف عن ضحايا التعذيب والقتل على يد القوات السورية. وقالت الصحيفة: "الرجل المسؤول عن تسريب هذه الصور هو مصور في القوات السورية والتقط الصور بنفسه. وكان هذا المصور قد انشق عن النظام، من هول ما رأى من آثار التعذيب العديدة على ضحايا المعتقلين في السجون الحكومية، وانضم لقوات المقاومة في 2013". وأضافت "تسجيل صور ضحايا التعذيب خدم هدفان للجيش السوري، أولاً: ستتمكن السلطات من تسليم شهادة وفاة إلى أهل الضحية الذين يبحثون عن ذويهم المختفين ملقين اللوم على "أزمة قلبية أو "ضيق في التنفس" أو أي أزمة صحية، ثانياً: سيتمكن معذبو الضحايا من إثبات تفوقهم وتميزهم أمام قياداتهم من خلال إنجازهم للأعمال القذرة". وكانت صحيفة "لوموند" التي استلمت الصور من المصور السوري، ووُضعتها ضمن تقرير أُعطي فيه للمصور اسماً بديلاً هو "سيزر".وأشرفت شركة قانونية بريطانية على الدراسة، بتمويل قطري، ومساعدة خبراء قانونيين دوليين قاموا بدورهم بفحص 55 ألف صورة تضم نحو11 ألف ضحية من السوريين الذين قُتلوا في المعتقلات وقالوا باستحالة زيف هذه الصور التي يظهر فيها الضحايا وهم عرايا أو ملفوفين في قماش مهترئ وقد ظهرت على أجسادهم أنواعاً شتى من التعذيب، مثل الجروح والكدمات والخنق والصدمات الكهربائية والتشويه والبتر. القتل الممنهج وتم الإعلان عن التقرير قبل أيام في مؤتمر صحافي لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية وصحيفة "غارديان" البريطانية.واتهم التقرير النظام السوري بالقيام بعمليات تعذيب وقتل ممنهجة. وظهر في المؤتمر عماد الدين رشيد (48 سنة) الذي وقف خلف العملية، بفضل العلاقة القديمة التي كانت تربط بين المصور "سيزر" وأحد رجال رشيد، الذي قام بتهريب "سيزر" وأسرته، وتسريب مجموعة من الصور.وقام رشيد وهو نائب رئيس سابق لكلية الشريعة بجامعة دمشق، وأحد زعماء الحركة السورية الوطنية، وهي فرع إسلامي معتدل ضمن الائتلاف السوري الوطني. بإحراج الوفد السوري المشارك في "جنيف 2" أمام الصحافة العالمية.واعتاد المصور "سيزر" إبان عمله في المستشفى العسكري على استقبال 50 جثة في اليوم، وكانت كل جثة تحتاج ما بين 15 و30 دقيقة من العمل، حيث كان كل ملف يحتاج أربع أو خمس صور، وكانت وحشية المخابرات السورية أكبر مما يطيق، واقتنع مصور الطب الشرعي بضرورة الانضمام للمقاومة السورية. حقيقة الصور وقال "رشيد" لصحيفة "لوموند": "الأمر استغرق ستة أشهر لتحضير القنوات اللازمة لجمع الصور. وخاطرت مجموعة من الناس المجهولين، بما في ذلك مقاتلين من الجيش السوري الحر، بحياتهم من أجل هذه العملية، وكانت هناك حاجة لأربعة أشهر أخرى لتهريب المصور سيزر وعائلته من سوريا".من جهته، استدعى مكتب المحاماة "كارتر-روك"، الذي يتخذ من لندن مقراً له، ثلاثة أطباء شرعيين، وثلاثة مدعين عامين دوليين سابقين عملوا في المحاكم الجنائية لسيراليون ويوغوسلافيا السابقة.ووافقت دولة قطر التي كانت تدرك جيداً أن معارضتها القاطعة للرئيس السوري بشار الأسد قد تعرّض مصداقية التقرير النهائي للخطر، على تمويل الدراسة بشرط "توثيق الأدلة بشكل صحيح ودقيق".وقالت "اللومند": "الخبراء انخرطوا في فحص الصور الكثيرة بعمق وخرجوا بقناعة أنه من غير المرجح للغاية أن تكون هذه الصور مزورة.والتقوا مع المصور (سيزر) ثلاث مرات في شهر يناير (كانون الثاني)، وسألوه السؤال تلو الآخر، وأكدوا في نهاية المطاف أن الرجل صادق فيما يقول". وعلى الرغم من أن "سيزر" أيّد الانتفاضة المناهضة للأسد، فقد أدلى برواية صادقة حول تجاربه، وفقاً للتقرير الذي أكد أنه لم يتظاهر أبداً بأنه شهد عمليات الإعدام بعينيه. صحة التقرير وفي حديثه مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، رفض قائد فريق التحقيق السير ديزموند دي سيلفا، أي ادعاءات بتدخل الدوحة في نتائج التقرير. وقال: "إن وجود مصلحة لقطر لا يعني أن الأدلة غير صحيحة. لقد التزمنا الدقة في طريقة عملنا وفعلنا ذلك بناءً على معرفتنا بأن سوريا تشهد العديد من الصراعات، وهناك العديد من المصالح الوطنية والدولية على حد سواء". وأشارت الصحيفة إلى أن عماد الدين رشيد أطلعها على نسخة ممسوحة ضوئياً لأحد ملفات الوفاة التي كان يضم "سيزر" إليه الصور. حمل النموذج الكلمات التالية: "الجمهورية العربية السورية، القيادة العامة للجيش". وحملت الصور بعد الوفاة ختم "الشرطة العسكرية".وقالت الصحيفة: "سيزر ورفاقه يحلمون الآن باليوم الذي يمكنهم فيه تسليم الصور إلى محكمة دولية"، مؤكدة أنها تمكنت أيضاً من رؤية العديد من صور المستودعات التي تحولت إلى مقابر جماعية، مع تناثر حوالي 15 جثة على الأرض. في إحدى الصور.وقال رشيد: "هذا هو مرأب المستشفى العسكري حيث يرمون الجثث عندما تكون المشرحة ممتلئة. كل هذه الجلود والعظام تدفعك حتماً للتفكير في معسكرات الاعتقال النازية". وَأضاف رشيد محذراً "إذا لم تأخذ العدالة مجراها وتتخذ ما يجب فعله عقب ارتكاب مثل هذه المجازر، فإنه من المتوقع حدوث مجازر مضادة