هل ستضع رسالة بوتفليقة بمناسبة اليوم الوطني للشهيد حدا للجدل الثائر منذ عدة أسابيع بشأن ما أثير حول المؤسسة العسكرية وغياب التوافق حول الرئاسيات المقبلة وبالتالي طي الصفحة؟ أم أن عودة الرئيس مجددا وبتفاصيل حول هذه القضية، تعني أنها محاولة لحلحلة الخلافات التي بقيت قائمة؟ بعد رسالته المقتضبة التي دافع فيها عن المؤسسة العسكرية إثر سقوط الطائرة العسكرية، عاد الرئيس في ظرف أسبوع بالتمام والكمال مجددا بمناسبة اليوم الوطني للشهيد للحديث وبأكثر تفاصيل بشأن ما تردد حول العلاقة المتوترة بين الرئاسة والجيش ودائرة المخابرات، وفي ذلك مؤشر على أن الرسالة الأولى لم تطوِ صفحة الجدل مثلما كان منتظرا منها، رغم أنه لم تصدر عقبها أي تصريحات جديدة لا من الأمين العام للأفالان عمار سعداني (المحسوب على محيط الرئيس) الذي قرر التزام الصمت السياسي وطلب من المحافظين التقيد بذلك، ولا من الجهة الأخرى المحسوبة على الجهاز التي لم تسرب أي فضائح حول محيط الرئيس. ويفهم من رسالة الرئيس الجديدة أنها محاولة لكسر “الانسداد” والدفع من أجل تحريك الخطوط وتقريب المسافة بين الفاعلين داخل منظومة الحكم، بعدما تبين أن التصريحات والتصريحات المضادة خلقت حالة من التوجس وسط الجهات الفاعلة، تقف وراء غياب “التوافق” في صناعة الرئيس المقبل، مثلما سجل ذلك رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش قبل أسبوعين فقط من نهاية موعد الترشح للرئاسيات المقبلة. وابتعدت رسالة الرئيس قدر المستطاع عن منطق المحاسبة أو اللوم إزاء من يسميهم بهؤلاء وأولئك، وحاول جعل نفسه على نفس المسافة، ورمى بالمسؤولية في الجدل التي أثير مؤخرا بشأن “الكسكيطة” على عاتق “المناورات الخارجية” المستهدفة للجزائر، وهي طريقة معروفة عن الرئيس بوتفليقة الذي لا يريد الدخول في اصطدام أو مواجهة مباشرة خصوصا مع قيادات المؤسسة العسكرية لأن في ذلك إضعافا لمواقعه، خصوصا في ظل ظروفه الصحية الحالية. ولخص بوتفليقة الأزمة الحالية مثلما وصفتها أحزاب المعارضة في أعلى هرم الدولة بأنه لا توجد خلافات بين الرئاسة وهيئة أركان الجيش ودائرة الاستعلامات والأمن، وهي محاولة منه لتأجيل الخلافات وليس حلها داخل منظومة الحكم. ويكون موعد اقتراب الاستحقاق الرئاسي وفي مقابله وجود “خطر خارجي” حسب رسالة الرئيس، وراء إدخال السيوف لأغمادها ودفع “المتعاركين” إلى هدنة مؤقتة لإخراج موعد 17 أفريل من عنق الزجاجة.