أقالت الحكومة التونسية 18 واليا من مناصبهم من ضمن 24 واليا كانت قد عينتهم حكومة حركة "النهضة" الإسلامية وذلك فى إجراء طالبت به المعارضة السياسية "لضمان حياد الإدارة" خلال الانتخابات العامة المقبلة. وحسب الجهات الرسمية فان هذا القرار يأتي "تنفيذا" لما جاء في خارطة الطريق التي اتفق عليها الفرقاء السياسيون في جلسات الحوار الوطني "وما يقتضيه" الوضع من تحييد للادراة. وكان الرباعي الراعي للحوار قد اقترح خارطة الطريق من اجل تجاوز ألازمة السياسية الحادة التي خيمت على البلاد عام 2013 إثر اغتيال معارضين سياسيين. وبموجب هذه الخارطة تخلت حركة النهضة الاسلامية في نهاية العام الفارط عن السلطة التنفيذية لصالح حكومة من المستقلين برئاسة مهدى جمعة التي يفترض أن تقود البلاد نحو اجراء الانتخابات العامة المقررة قبل نهاية 2014. وعلى صعيد الإدارة العامة تنص خارطة الطريق على "تشكيل هيئة عليا مهمتها مراجعة كل التعيينات فى أجهزة الدولة والإدارة محليا وجهويا ومركزيا وعلى المستوى الدبلوماسي". وذكر وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو في بيان وزعته وزارة الداخلية ان رئيس الحكومة مهدي جمعة قرر إعفاء 18 واليا من مناصبهم موضحا ان هذا القرار "يندرج في إطار تجسيد ما جاء في خارطة الطريق وما تقتضيه من تحييد الإدارة". ويستجيب هذا القرار الذي يأتي بعد شهر من تولي مهدي جمعة رئاسة الحكومة التونسية لمطالب أحزاب المعارضة السياسية التي شددت على "ضرورة التعجيل بمراجعة" التعيينات التي وضعتها حكومة حزب النهضة الاسلامية على مستوى أجهزة الدولة بما "يضمن" اجراء الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في "كنف الشفافية والنزاهة". واتهمت أحزاب المعارضة السياسية حركة النهضة الإسلامية ب"إغراق" الإدارة التونسية بتعيينات "موالية لها في مسعى للسيطرة على دواليب الدولة" داعية الى "تحييد الإدارة عن كل التجاذبات السياسية". وفي هذا المضمار استأنف الفرقاء السياسيون في تونس جلسات الحوار الوطني بغية التوصل الى استكمال المسارين التأسيسى والانتخابى وتحديد مواعيد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة طبقا لبنود خارطة الطريق. وحسب مصادر الرباعي الراعي للحوار فان الاجتماعات تتمحور كذلك حول اداء الحكومة المستقلة الجديدة بقيادة مهدي جمعة ومدى التزامها بتجسيد خارطة الطريق ميدانيا علاوة على بحث النقاط الخلافية في بنود مشروع قانون الانتخابات كي يتسنى للمجلس التأسيسى المصادقة عليه وتحديد موعد الانتخابات القادمة. وبالمناسبة أثارت مختلف الاطراف السياسية المشاركة في الحوار مسألة تحييد المساجد عن الشؤون السياسية ومراجهة التعيينات في دواليب الدولة وحل مايسمى ب "رابطات حماية الثورة" المقربة من حزب النهضة الاسلامية والمتهمة بشن الاعتداءات ضد المعارضين السياسيين والمثقفين والاعلاميين. وكان السيد حسين عباسي ممثل الرباعي الوسيط قد عبر عن "ارتياحه ازاء المناخات الملائمة" التي اعدتها حكومة مهدي جمعة لاجراء الانتخابات "الديمقراطية" داعيا الى "التعجيل" بالمصادقة على القانون الانتخابي في ظرف اسبوعين قصد تجاوز كل معوقات المرحلة الانتقالية وفسح المجال لجلب الاستثمارات المحلية والاجنبية لاسيما وان أوضاع تونس "لا تحتمل تأجيل الانتخابات الى ما بعد 2014 " وفق تعبيره. ومعلوم ان الجهاز التنفيذي الجديد قد كلف في منتصف شهر ديسمبر المنصرم من طرف الفرقاء السياسيين خلال جلسات الحوار الوطني من أجل استكمال ما تبقى من المسار الانتقالي الديموقراطي وتنظيم الانتخابات العامة خلال العام الحالي 2014 .