تصرّف عبد العزيز بوتفليقة المترشح لانتخابات 17 أفريل 2014، مع "استدعاء" عبد المالك سلال لإدارة حملته الانتخابية، كرئيس جمهورية يعفي وزيره الأول من كل مهامه الحكومية المكلف بها دستوريا، ليؤدي له خدمات خاصة به هو شخصيا! أما الدستور فيفرض في حالة كهذه استقالة الوزير الأول وكل أعضاء طاقمه، ويمنع الحكومة من الإشراف على الانتخابات. آخر حلقة في مسلسل انعدام المنطق الذي تعيشه الجزائر، ما جاء في بيان رئاسة الجمهورية، الخميس الماضي، فقد ذكر بأن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة “كلف وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي بتولي مهام الوزير الأول بالنيابة، خلفا لعبد المالك سلال الذي استدعي لإدارة الحملة الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة، تحسبا لانتخابات الرئاسة المقررة ليوم 17 أفريل 2014”. وتزامن البيان مع إعلان المجلس الدستوري عن أسماء المترشحين الستة المقبولين، للمشاركة في الاستحقاق ومن بينهم بوتفليقة. وتستوجب القراءة المتأنية للبيان، من زاوية قانونية وأخرى سياسية، ملاحظات. أهمها أن الوثيقة لا تشير إلى المرجعيات الدستورية التي استند إليها بوتفليقة لاتخاذ قرار تكليف يوسفي بمهام الوزير الأول بالنيابة. بينما ذكر وبوضوح سبب مغادرة سلال قصر الحكومة، وهو التفرّغ لإدارة حملته الانتخابية. هذا النشاط الذي كلفه بوتفليقة به، لا يعدّ، بحسب القانون، وظيفة عمومية ولا منصبا رسميا في أحد أجهزة الدولة، وإنما هو نشاط سياسي خاص بأحد المترشحين الستة للانتخابات. غير أن بوتفليقة الرئيس لا يوضّح الطريقة التي ترك بها سلال منصب الوزير الأول، ليشرف على حملة بوتفليقة المترشح. فهل كانت بناء على طلب سلال، بمعنى أنه قدم استقالته وهو حقه بموجب المادة 86 من الدستور؟ أم أن إنهاء مهامه كان بمبادرة من رئيس الجمهورية المخولة له بالمادة 77 فقرة 5 من الدستور؟ وفي كلتا الحالتين، فالنتيجة القانونية والسياسية الحتمية لانتهاء مهام الوزير الأول هي استقالة حكومته بجميع أعضائها ال32، بمن فيهم وزير الطاقة يوسف يوسفي. ولذلك فالتساؤل المطروح في هذه الحالة، هو كيف لوزير انتهت مهامه نتيجة استقالة الحكومة التي ينتمي إليها بفعل انتهاء مهام الوزير الأول فيها، أن يكلف بممارسة مهام الوزير الأول بالنيابة في الحكومة التي تعتبر أصلا مستقيلة؟! وبالمحصلة، كيف لحكومة منتهية الصلاحيات القانونية والسياسية، وفقا لأحكام الدستور، أن تتولى عملية تنظيم انتخابات رئيس الجمهورية التي تعد محطة هامة في الحياة المؤسساتية والسياسية في البلاد؟ ويمكن تشبيه هذا التصرف من جانب بوتفليقة، بمن يدير مزرعة ملكا للجماعة المحلية فيأمر أهم المزارعين فيها ليقوم بخدمته في بيته الخاص، محدثا بذلك فراغا في المزرعة وتعطيلا لنشاطها. وأكثر ما يلفت الانتباه في هذا التصرف، أن عدم إنهاء مهام الوزير الأول رغم أنه مستقيل دستوريا، يعني أن بوتفليقة هو الرئيس وسلال هو وزير أول بأمر واقع، بعد 17 أفريل. ومعلوم أن سلال سبق أن أدار الحملة الانتخابية للمترشح بوتفليقة، في استحقاقي 2004 و2009. وفي كلا الموعدين تم إعفاؤه من منصبه كوزير في الحكومة بمرسوم، نشر في الجريدة الرسمية. ثم عاد إلى الحكومة بعد تجديد عهدة بوتفليقة على رأس الدولة. أما ما قام به رئيس الجمهورية المترشح، هذه المرّة، فهو تحايل وخرق فاضح للدستور وعبث بمؤسسات الدولة، واستخفاف بالنظام الجمهوري، وهي عناصر يتضمنها القسم الدستوري.