تعرضت عشرات البيوت التي غادرها أصحابها في الأحياء المضطربة بغرداية للنهب ليلا في الأيام الماضية، وواصلت عشرات الأسر في غرداية النزوح من بيوتها بفعل تهديدات وكتابات حائطية تدعوهم للرحيل، وقرر عدد كبير من تجار مدينة غرداية نقل نشاطهم بصفة نهائية من مدينة غرداية خوفا من تعرض محلاتهم للحرق مجددا. عجزت أكثر من 500 أسرة منكوبة تعرضت بيوتها للحرق والتخريب عن العودة إلى بيوتها حيث تقيم في أماكن متفرقة، بل إن بعض الأسر المشردة لم تتمكن حتى من زيارة بيوتها بعد حرقها وتخريبها، وتعرضت بيوت غادرها أصحابها تحت التهديد أو الخوف للانتهاك والسرقة في الليالي الماضية. ويواصل عشرات التجار من وسط مدينة غرداية نقل بضائعهم وسلعهم من المدينة، رغم العودة النسبية للهدوء إلى المدينة. وقال بعض التجار الذين قرروا الرحيل، إنهم باتوا غير قادرين على البقاء في المدينة بعد تكرار موجات الحرق والعنف، والتهديدات اليومية التي توجه للأشخاص الذين قرروا البقاء في مواقع مضطربة في المدينة. ورغم عودة الهدوء نسبيا إلى المدينة، إلا أن الخوف ما يزال يسيطر على العديد من الأحياء التي غابت عنها التغطية الأمنية، حيث اكتفت قوات الشرطة والدرك بالتواجد في مراكز ثابتة في شوارع رئيسية ورفضت الدخول إلى عمق بعض الأحياء الساخنة خوفا من التعرض لهجمات الملثمين. وقال أعيان من الطرفين، العرب والميزابيين، إن السلطات تتحمّل مسؤولية الانزلاق الذي وقع بين يومي 13 و16 مارس الماضي وأسفر عن حصيلة ثقيلة في الخسائر المادية والبشرية، وبرروا الاتهام بعاملين اثنين، الأول هو القرار المنفرد بسحب قوات التدخل من المناطق الساخنة في غرداية دون العودة إلى ممثلي الفئتين ودون استشارتهما، والثاني هو المعاملة الخاصة التي يتلقاها بعض المحرضين على العنف والناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، وقال في هذا الشأن أحد أعيان العرب “قبل شهرين، طلبنا من السلطات التعامل بما تقتضيه المصلحة الوطنية ومصلحة جميع سكان غرداية مع بعض المحرضين على العنف والكراهية، إلا أن السلطات رفضت تحمّل مسؤوليتها، وهو ما يضع المنطقة تحت رحمة العنف”، وتساءل أحد أعيان الميزابيين “كيف يمكن تحقيق الهدوء في مدينة غرداية، والسلطة تسمح لعدد من الأشخاص المعروفين بنشر الكراهية والحقد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، دون أن تعمد إلى التعامل بحزم مع هؤلاء؟”، وأضاف المتحدث “لقد وعدنا أحد المسؤولين بأن السلطات ستوقف قريبا نشاط المحرضين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، غير أن هذا لم يحدث”. من جهة أخرى، أحالت قيادة قوات وحدات الدرك الوطني في غرداية دركيا على التحقيق بعد أن اتهمه مواطنون من أحد أحياء المدينة بالتحرش بفتاة، وقال مصدر من قيادة الدرك إن مواطنين اتهموا دركيا من وحدات التدخل بتسليم رقم هاتفه لفتاة وأن المشكل تم حله بسرعة فائقة. وفي سياق متصل بالأحداث الأخيرة، وافقت مديرية مصالح السجون على مقترح قدمته النيابة العامة لدى مجلس قضاء غرداية، يقضي بالفصل بين السجناء العرب والميزابيين في 3 مؤسسات عقابية هي سجن غرداية وسجون ورڤلة والأغواط، وقال مصدر قضائي من غرداية إن مصالح السجون تضع سلامة السجناء جميعا في المرتبة الأولى، لهذا تقرر الفصل بين السجناء المتهمين بالتورط في أعمال العنف في غرداية في قاعات منفصلة. وبسبب ضيق مؤسسة الوقاية في غرداية التي تعاني ازدحاما شديدا، نقل عدد من السجناء إلى سجون الولايات القريبة، ويفوق عدد السجناء المتهمين في أحداث غرداية 160 أوقفوا في أعمال العنف التي بدأت في الڤرارة في نوفمبر الماضي، ثم في غرداية في ديسمبر.