يبدي عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس، حرصا على استقبال الأجانب والمسؤولين في حكومته، والتحدث إليهم، بينما يعزف بوتفليقة، المترشح للانتخابات الرئاسية، عن لقاء الجزائريين في الحملة الانتخابية التي يشارك فيها بالوكالة. وهذا النوع من الممارسات لم يُعرف عن بوتفليقة في الاستحقاقات الرئاسية الثلاثة الماضية. استقبل بوتفليقة بمقر رئاسة الجمهورية، أول أمس، وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى ونائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش الفريق أحمد ڤايد صالح. وجاء هذا النشاط الرئاسي في الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية، التي يغيب عنها، فيما ينشطها بدلا عنه مدير حملته وستة مسؤولين في أجهزة الدولة، اثنان منهم عضوان في الحكومة. ولم يسبق للرئيس أن تصرف هكذا في الحملات الانتخابية للاستحقاقات الثلاثة التي شارك فيها. فقد تعوّد على أن يوجه كلامه للناخبين كأولوية في مثل هذه الظروف، بدل الانصراف إلى النشاط الرسمي. ويمكن قراءة استقبال ڤايد صالح ببزته العسكرية، في السياق العام الذي تجري فيه العملية الانتخابية، على أنه إرادة من الرئيس تغليب الصفة العسكرية لڤايد صالح على صفته المدنية كنائب لوزير الدفاع. بمعنى آخر استقبال قائد الأركان بدل عضو الحكومة، معناه في الظرف السياسي الحالي، أن المؤسسة العسكرية تدعم المترشح عبد العزيز بوتفليقة. وما يوحي بأن الرئيس تعمّد ذلك، هو إظهار صور الاستقبال في التلفزيون العمومي. أما في حالة أحمد أويحيى، فلم يسبق لبوتفليقة أن حرص على إظهار اجتماعاته بمديري ديوانه السابقين وهم علي بن فليس والراحل العربي بلخير، ومحمد مولاي قنديل! فهل كانت رغبة منه في تمرير رسالة معينة، إذا أخذنا في الاعتبار أن أويحيى يوصف، عند الكثيرين، بأنه أقرب مدني إلى القوى النافذة في الجيش وعلى رأسها دائرة الاستعلام والأمن؟ هل أراد بوتفليقة التأكيد، وهو يستقبل الوزير الأول سابقا، بأن المخابرات تدعم ترشحه وأن ما قيل عن صراع مفترض بينه وبين الجنرال “توفيق” حول العهدة الرابعة، غير صحيح؟ هل استغل الرئيس الرمزية التي يحملها قائد الأركان كممثل للمؤسسة العسكرية، للتأثير على مجرى الانتخابات؟ والخلاصة أن الحديث إلى صالح وأويحيى في فترة الانتخابات، أهم عند الرئيس المترشح من مخاطبة 21 مليون جزائري، الذين قال عنهم “إنهم أمعنوا في الالحاح عليه” من أجل الترشح للرابعة. ومعروف أن لويزة حنون نقلت عن لقائها بڤايد صالح الشهر الماضي، أن الجيش سيقف على مسافة واحدة إزاء كل المترشحين لموعد 17 أفريل المقبل. غير أن توجه قائد الأركان لرئاسة الجمهورية للقاء أحد المترشحين، تصرف لا ينسجم مع موقف المؤسسة العسكرية. وأمام هذه الوضعية يحق للمترشحين الخمسة أن يطالبوا الرئيس بالتوقف عن استغلال صفته الدستورية، كقائد أعلى للقوات المسلحة لأغراض انتخابية. ويكون ذلك برفع احتجاج للجنة السياسية لمراقبة الانتخابات ولجنة الإشراف على الانتخابات. ويجوز لهم أيضا إصدار رسالة، مشتركة أو كل واحد بمفرده، توجه للمؤسسة العسكرية يشهدون فيها الجزائريين بأن الهيئة الدستورية المكلفة بمراقبة الحدود وتأمينها، ترتكب تجاوزا يمس بمصداقية الانتخابات.