السائر هذه الأيام في شوارع العاصمة وباقي مدن وقرى الجزائر، يلاحظ ما يفعله الناس بملصقات وصور المترشحين التي يطالها التمزيق والتشويه بما أتيح من وسائل.. ما القصة ولماذا؟ الجواب: لا يختلف المحللون السياسيون حول برودة الحملة الانتخابية لرئاسيات هذا العام، ومرد ذلك، حسب هؤلاء، فتور العلاقة بين الحاكم والمحكومين والذي ساهمت فيه سياسة التحكم في رقاب الناس ب«العافية والأمر الواقع”. ولأن المترشحين معروفون لدى عامة الجزائريين المعنيين بالانتخاب، قانونا، فإن بعضهم أحجم عن تعليق صوره أو إلصاقها في الفضاءات المخصصة لذلك من طرف الإدارة، ومن المترشحين من اكتفى بإسدال صور عملاقة على مبنى مداوماته الوطنية والمحلية بدل الاستثمار في صور تطالها عمليات التمزيق وهو ما يكلف المترشحين خسائر معتبرة. حتى وإن كان قانون الانتخابات تنبه لمثل هذه الأعمال، من خلال تضمنه وعيدا بمعاقبة كل من تسول له نفسه تمزيق الصور، إلا هذا الردع لم يمنع حدوثه. ولم تنج حتى صور الرئيس بوتفليقة الذي اعتاد الجزائريون عليه بحكم تحطيمه الرقم القياسي الجزائري في البقاء بقصر المرادية، وهو رقم كان بحوزة كل من الراحلين الشاذلي بن جديد وسلفه هواري بومدين ب13 سنة، من التمزيق الذي كان من نصيبه أكثر من منافسيه. وكان هذا السلوك “التمزيقي” حكرا على صور المترشحين للبرلمان وللبلديات والمجالس الولائية، لكن ومع إصرار السلطة على فرض ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، رغم وضعه الصحي الذي لا يسمح له بالاضطلاع بمهام مهمة وصارمة وتتطلب الحضور البدني والعقلي، داخليا وخارجيا، فإن الظاهرة لم تعد مقتصرة على العاصمة التي تعتبر ملتقى لجميع الجزائريين بمختلف أطيافهم الأيديولوجية والسياسية. وفي قسنطينة، عاصمة شرق البلاد، يبدو أن مديرية الحملة للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة هي المتفوقة على منافساتها من حيث السطو على مساحات الإعلانات والفضاءات المخصصة للإشهار والإلصاق. إذ أن الملاحظ من خلال اللوحات الإشهارية أن صورة المترشح بوتفليقة تستحوذ على كل المربعات وفيه اعتداء على المساحات الخمسة المخصصة للمترشحين الآخرين، رغم تعرض أغلبيتها للتمزيق من قبل المواطنين. بالمقابل، فقد جندت المداومات من يعوض تلك الصور التي أصبحت تعلق عمدا خارج الأطر المسموح بها، على غرار جدران المباني وسط المدينة. أما بالنسبة للمشرفين على حملة باقي المترشحين، فقد تجاهلوا الأمر ولم يعوضوا ملصقات مترشحيهم الآخرين سوى بعض الصور لعبد العزيز بلعيد وعلي بن فليس وتواجد شبه منعدم لباقي المترشحين، فيما لاتزال مساحات الإعلانات فارغة في بعض البلديات والقرى ولم تستعمل لحد الساعة. أما في وهران وأغلب مدن الغرب الجزائري، فهي حملة باردة، رغم مرور خمسة أيام على عمر هذه الأخيرة، حيث لاتزال جُل المساحات والفضاءات التي خصصتها مصالح الولاية لتعليق صور الفرسان الستة المتنافسين على منصب رئيس الجمهورية القادم شاغرة في مجملها. ورغم مرور أسبوع كامل على بدئها، غير أن الحملة لم تنطلق بشكل فعلي في مناطق وهران، بالنظر إلى عدم وجود مؤشرات ذلك على أرض الواقع، حيث لم تستعرض مداومات المترشحين الستة الذين قبل المجلس الدستوري ملفات ترشحهم عضلاتها بعد، لاسيما أنه لم يتم تنظيم أي تجمع شعبي لأي مترشح لحد الساعة في الولاية. وتظهر هذه الحقيقة للعيان بمجرد إجراء عملية مسح بسيطة لبعض الشوارع الرئيسية والمناطق المعروفة بكثافة سكانها في وهران وحركيتها الكبيرة من قبل المارة، خاصة في وسط المدينة، حيث لاتزال المساحات المخصصة لإشهار صور المترشحين شاغرة في مجملها باستثناء عمليات محتشمة بدأت تقوم بها بعض المداومات في مناطق محدودة وعلى رأسها مداومة الرئيس المترشح، تمهيدا للتجمع الشعبي الذي سينظمه مدير حملته عبد المالك سلال اليوم في مدينة أرزيو، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة مع تقدم أيام عمر الحملة واقتراب موعد الاقتراع.