على عكس الهدوء الذي جرت فيه مظاهرات الربيع البربري في البويرة وبومرداس، أمس، فقد تميزت المسيرات في تيزي وزو وبجاية بحدوث مواجهات بين قوات حفظ الأمن وآلاف المتظاهرين الذين جابوا الشوارع للمطالبة بترسيم اللغة الأمازيغية. وخلفت المواجهات، التي استعمل فيها الأمن الغاز المسيل للدموع، جرحى واعتقالات. ورفع المتظاهرون المنتمون إلى الأرسيدي والحركة الثقافية البربرية وحركة الحكم الذاتي الانفصالية، شعارات معادية للسلطة، وعبروا عن استيائهم من استمرار بوتفليقة في الحكم. مسيرة الأمسيبي تنتهي بمواجهات عنيفة مع قوات الأمن ببجاية جرحى وتوقيفات في صفوف المتظاهرين انتهت المسيرة التي دعا إليها ”الأمسيبي” والأرسيدي و«الماك” ببجاية، صبيحة أمس، إلى مواجهات عنيفة بين العشرات من الشباب وقوات الأمن، حيث بمجرد أن هم الآلاف من المتظاهرين بالانصراف، تحول الشباب إلى مقر الولاية وشرعوا في رشق قوات الأمن المتواجدة بالحجارة من أجل دفعهم للخروج والمواجهة المكشوفة. مصالح الأمن التزمت ضبط النفس لأكثر من ساعة قبل أن تقرر الخروج من مقر الولاية والدخول في مواجهات مع الشباب، وتمكن أفرادها من توقيف عدة متظاهرين واقتيادهم إلى مراكز الأمن، واضطرت بعدها إلى الاستعمال المكثف للغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين ومطاردتهم إلى أحيائهم، وقد حاول عدد من نشطاء الأمسيبي منع الشباب من التصادم مع مصالح الأمن لتأكيد الطابع السلمي للمظاهرة، لكن دون جدوى. وللإشارة، فإن المسيرة التي دعا إليها قدماء الحركة الثقافية البربرية عرفت استجابة واسعة قدرها المنظمون بأزيد من عشرة آلاف شخص، وانطلقت على شكل مربعات من الحرم الجامعي تارقة أوزمور في اتجاه مقر الولاية، منها أربعة مربعات خاصة بالموالين للماك ومربعان للحركة الثقافية البربرية ومربع آخر للأرسيدي. وكانت أغلب اللافتات المرفوعة عبارة عن أعلام أمازيغية من إعداد أنصار الماك، بينما تلك التي رفعها قدماء الأمسيبي فهي تطالب بالاعتراف بالهوية الأمازيغية وتقديم المزيد من الحريات الديمقراطية والتعبير والرأي. وطوال المسيرة كان السائرون يهتفون ”ارحل أيها النظام الفاسد” و«الجزائر في غرقة وجابوا لنا بوتفليقة”. وفيما فضل أنصار ”الماك” والأرسيدي مواصلة المسيرة إلى نهايتها والانصراف في هدوء، فقد أوقف قدماء الأمسيبي مسيرتهم بمفترق طرق الناصرية على بعد أمتار قليلة من مقر الولاية وتحويلها إلى تجمع شعبي، وتناوبوا على إلقاء الكلمة، وكان أول المتدخلين هو كبير المعتقلين أثناء أحداث 1980 السيد طاري العزيز، الذي انتقد بشدة تنكر السلطة الحالية للهوية الوطنية، وقال إن حملتهم انتهت وستبدأ الحملة الثانية بعد أيام قليلة، لأن المعركة السياسية والسلمية القادمة ستكون أكثر ضراوة. وقال طاري إن ”النظام أوصد أبواب الأمل والحرية على الجزائريين منذ 1962 إلى اليوم”، معلنا أن الحركة سترد بقوة على الذين سبوا وأهانوا سكان منطقة القبائل. كما تدخل المناضل السابق في الحركة، السيد جمال إخلوفي، الذي قال إن مشوار الكفاح من أجل الاعتراف بالهوية ما زال طويلا والسلطة الحالية أبدت تصلبا غير مسبوق من خلال تفضيل سياسة التحايل والتحامل بدلا من التعاون والتعامل، وأرجع ذلك إلى غياب الإدارة السياسية لحل هذه الإشكالية المطروحة منذ 1949 إلى اليوم. وعبر المتدخلون الآخرون عن فرحتهم بلم شمل قدماء الحركة، حيث أكدوا أن الأبواب مفتوحة لجميع التنظيمات والأحزاب والجمعيات التي تناضل من أجل ترقية اللغة والثقافة الأمازيغية. واستغل قدماء الأمسيبي التجمع الحاشد ليعبروا عن تضامنهم مع سكان بني ميزاب الذين يواجهون الإبادة العرقية والشاوية الذين خدشوا في شرفهم، ونددوا بمنع الاحتفالات بذكرى 20 أفريل، واعتبروا ذلك مساسا برمزية الذكرى التي فتحت عيون الجزائريين على الديمقراطية والحرية، وحملوا النظام مسؤولية جميع الانزلاقات المحتملة. إحياء ذكرى الربيع الأمازيغي بالبويرة وبومرداس مسيرات شبانية وطلابية وسط تعزيزات أمنية كبيرة استجاب صباح أمس العشرات من الشباب، لنداء الحركة الثقافية البربرية وحركة ”الماك” للمشاركة في مسيرة جابت شوارع مدينة البويرة. كما شهدت ولاية بومرداس مسيرات مماثلة رفعت فيها شعرات مناوئة للنظام، لكنها انتهت في هدوء. استغل أمس المئات من شباب المنطقة الشرقية لولاية البويرة والمنضوين تحت الحركة الثقافية الأمازيغية وجامعيون من قسم اللغة الأمازيغية وكذلك حركة ”الماك”، مناسبة الذكرى ال34 للربيع الأمازيغي التي تصادف ال20 أفريل من كل سنة، لتنظيم مظاهرة انطلقت من مدخل جامعة البويرة قبالة مجلس القضاء مرورا بالطريق بحي 1100 مسكن ومديرية التربية وعبورا للمدخل الجنوبي للمدينة وصولا إلى مقر الولاية، ورفعت خلال المسيرة لافتات مكتوبة عليها ”من أجل جزائر متعدّدة وديمقراطية”، ”ترسيم اللّغة الأمازيغية” و«20 أفريل بديل ديمقراطي”، كما رفع المشاركون في المسيرة العلم الوطني، وجرت المسيرة في جوّ ميزه الهدوء والتنظيم. كما شارك عشرات الطلبة والثانويين بالإضافة إلى عدد من مناضلي حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية. وطوقت مصالح الأمن كل المؤسسات العمومية وضاعفت من تواجدها عبر الشوارع خوفا من خروج هذه المظاهرة عن إطارها الحقيقي، والمتمثل في إحياء الذكرى 34 للربيع الأمازيغي بسبب ما حدث نهاية الأسبوع الماضي في بعض البلديات الشرقية للولاية بسبب الانتخابات حيث تم اعتقال العشرات من الشباب بسبب تجمهرهم خاصة بمنطقة رافور. ويجدر التذكير بأن مسيرة الحركة للسنة المنصرمة كانت قد شهدت مناوشات بين منظّمي المسيرة ومصالح الأمن التي تدخّلت لتفريق المحتجّين. كما خرج زوال أمس، العشرات من طلبة جامعة امحمد بوڤرة ببومرداس، في مسيرة سلمية جابت شوارع المدينة، ردد فيها الطلبة شعارات مناوئة للنظام، وهو نفس الأمر الذي شهدته مدينة دلس شرقي ولاية بومرداس، من خلال خروج تلاميذ الثانوي في مسيرة سلمية رددوا فيها نفس الشعارات، إحياء لذكرى الربيع الأمازيغي. وشهدت مدينة بومرداس طوقا أمنيا غير عادي، غطت من خلاله الشرطة التي انتشرت بأعداد كبيرة كل زوايا المدينة، تفاديا لحدوث اي انزلاقات محتملة، تزامنا والمسيرة التي نظمها طلبة جامعة امحمد بوڤرة، إحياء للذكرى 34 لأحداث الربيع الأمازيغي. المسيرة انطلقت في حدود الواحدة زوالا من كلية العلوم، جاب من خلالها الطلبة الشارع الرئيسي للمدينة مرورا بمجلس قضاء بومرداس إلى غاية كلية المحروقات والكيمياء، ليعود الطلبة إلى غاية نقطة الانطلاق، حيث تفرق الطلبة في هدوء تام. وردد الطلبة خلال المسيرة العديد من الشعارات المناوئة للنظام على غرار ”نظام مجرم” و« إلى أين تتجه الجزائر برئيس مريض”، وهو نفس الشعار الذي ردده تلاميذ الثانوي بدلس حيث خرجوا في مسيرة جابت شوارع المدينة، صباح أمس، وذلك انطلاقا من حي سيدي المجني إلى غاية المدينة العتيقة بدلس، في حين لم يلتحق معظم تلاميذ الثانوي بمقاعد الدراسة يوم أمس، هذا وخلفت المسيرتان اختناقات مرورية رهيبة، بعد أن قامت قوات الأمن بإيقاف حركة المرور على كل المحاور التي كان من المنتظر أن تمر بها المسيرة. 10 منظمات وتنظيمات تدعو لتشكيل فضاء جماعي للمجتمع المدني “لا يمكن للحوار المزيف والانتخابات الصورية إحداث التغيير المرجو من الجزائريين” اقترحت مجموعة من المنظمات وتنظيمات المجتمع المدني والفعاليات، أمس، ضرورة ”تشكيل فضاء جماعي للمجتمع المدني جامع، من أجل نضال ديمقراطي مستقل ومفتوح”. وقالت هذه التنظيمات، في بيان مشترك، إنها ”مقتنعة بأن وحده التقاء القوى من أجل فرض تحقيق هذا الهدف”، معلنة عن اتصالها بكل العاملين من أجل التغيير ”بغرض لقاء يوم السبت 26 أفريل 2014 في دار النقابات ويبقى النقاش مفتوحا”. وأوضح البيان المتوج لاجتماع جرى أول أمس، بدار النقابات جمع 10 منظمات، أنه ”حتى إذا كان الفضاء مستقلا عن الحقل الحزبي، فإن المنظمات، التنظيمات وفعاليات المجتمع المدني الموقعة أدناه تهيب بالأحزاب السياسية بتحمل مسؤولياتهم التاريخية جماعيا، من أجل جعل الأمل في التغيير ممكنا”.وموازاة مع تنديد الموقعين على البيان ب«التهجم الإعلامي المتوحش على مناضلين وسط صمت متواطئ للعدالة”، جاء في نفس البيان أنه ”لا يمكن للحوار المزيف والإصلاحات الخاطئة وكذا الانتخابات الصورية أن تحدث التغيير المرجو من الجزائريات والجزائريين”، في انتقاد لنتائج ومجريات الانتخابات الرئاسية. وحسب هذه التنظيمات فإنه ”لم يزد ذلك الأزمة والانسداد السياسي سوى تعقيد”، في إشارة إلى أن الانتخابات الرئاسية لا يرجى منها أي حلول. وسجلت هذه التنظيمات في المقابل أن ”المجتمع أظهر، سواء الشرائح المنظمة منه أو غير المنظمة، رفضها إعادة إنتاج النظام القائم أو استمراره، وذلك عن طريق النضال والمبادرات الحاملة لأمل في المستقبل”. وفي دعوتها لضرورة ”توحد” القوى المطالبة بالتغيير، ذكرت هذه التنظيمات في بيانها أن ”تفتت قوى النضال يشكل عائقا في سبيل تغيير ديمقراطي يكرس مجتمع الحريات والحقوق تنبثق منه سلطة مضادة ودولة قانون تجسد الفصل الفعلي بين السلطات وإعادة الاعتبار لسيادة الشعب، ضمن انتخابات حرة وشفافة عن طريق هيئة مستقلة من أي وصاية إدارية أو غيرها”. وتتشكل هذه المنظمات الموقعة على البيان من نقابة سناباب، نقابة أساتذة التعليم العالي المتضامنين، النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين، جمعية راج، أس أو أس مفقودون، اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي، حركة 10 أفريل 2014 (بومرداس)، النقابة الوطنية المستقلة للطلبة. مسيرة ذكرى الربيع الأمازيغي تنتهي أيضا باعتقالات 40 جريحا في مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في تيزي وزو خلفت مشادات عنيفة اندلعت صباح أمس بمدينة تيزي وزو، بين المشاركين في المسيرة المخلدة للربيع الأمازيغي وقوات مكافحة الشغب، أزيد من 40 جريحا في صفوف الطرفين، وذلك عقب منع هذه المسيرة الرمز، في سابقة منذ أزيد من 30 سنة. ولم يكن منتظرا أن تمنع السلطات العمومية هذه المسيرة التقليدية بمنطقة القبائل، حيث كان يسمح بتنظيمها كل سنة بغض النظر عمن يدعو إليها، لكن المفاجأة كانت أمس بإحضار تعزيزات أمنية مكثفة إلى مدخل الجامعة، حيث كان مقررا أن تنطلق منها المسيرة كالعادة، وتجوب الشوارع الرئيسية للمدينة، وقد طوقت الشرطة مدخل الجامعة، قبل أن تندلع أول المشادات بين الطرفين، لتتوقف بعد مدة. لكن المفاوضات بين المتظاهرين وبعض مسؤولي الشرطة لم تصل إلى أية نتيجة. ووجد عناصر الشرطة أنفسهم محاصرين بعد توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين من الجهة العليا للجامعة، لتندلع المواجهات مجددا، وهو ما استدعى جلب المزيد من أعوان مكافحة الشغب، واضطر المتظاهرون للانسحاب إلى مفترق الطريق 20 أفريل، حيث زادت حدة المواجهات التي خلفت، إلى غاية الساعة الرابعة مساء، أزيد من 40 جريحا في صفوف الطرفين، كما تم توقيف عدد معتبر من المتظاهرين خلال المواجهات. وقد أصدر منظمو المسيرة بيانا حملوا فيه السلطات مسؤولية ”ما وقع من جرحى واقتحام الحرم الجامعي”، وأضافوا أن الأمر يعد رسالة من النظام مفادها قمع الحريات في السنوات الخمس القادمة، ووجه البيان دعوة لكافة مناضلي القضية الأمازيغية ”مهما كانت ميولهم” إلى مشاورات واسعة لتحديد السبل والوسائل التي من شأنها فرض النضال. وقد استرجع سكان المنطقة، أمس، ذكريات أجواء ربيع 2001 حينما كانت الغازات المسيلة للدموع والحجارة ديكور المدينة، وسط استغراب الجميع حول دوافع منع المسيرة بعد 3 أيام فقط من الرئاسيات التي أفرزت عهدة رابعة للرئيس بوتفليقة، بعد عشرات السنين من السماح بتنظيم مسيرة ومظاهرات في هذه الذكرى التي تحمل رمزية لدى سكان منطقة القبائل. ولم يتردد العديد من الملاحظين في تفسير الأمر بكونه ردة فعل من السلطات العمومية على عزوف مواطني هذه الولاية عن انتخابات الخميس الماضي، حيث فضل 80 بالمائة من السكان مقاطعة مكاتب الاقتراع، لتتذيل الولاية الترتيب الوطني في نسبة المشاركة. اعتبرت اغتيال الجنود فاجعة أليمة الأحزاب السياسية تدين العملية الإرهابية بتيزي وزو أعربت حركة البناء الوطني، أمس، عن استنكارها وإدانتها للعملية الإرهابية التي ذهب ضحيتها مجموعة من الجنود بتيزي وزو. وقالت الحركة في بيان وقعه أحمد الدان، إنه أمام هذه الفاجعة الأليمة التي ألمت بالشعب الجزائري ”تترحم على ضحايا الجزائر وتعزي الشعب الجزائري فيهم عامة ومؤسسة الجيش الوطني الشعبي وعائلات الضحايا خاصة، سائلين الله العلي القدير أن يتغمدهم برحمته ويرزق أهلهم الصبر والأجر”. بدوره استنكر بقوة حزب ”تاج” ما وصفه ب«الفعل الغادر والجبان”، في رد فعله على خبر الاعتداء الإرهابي الجبان الذي أودى بحياة 14 جنديا من أفراد جيشنا الوطني الشعبي، وهم في طريق عودتهم من مهمتهم النبيلة في تأمين الاقتراع الرئاسي من أجل تمكين المواطنين من أداء واجبهم الانتخابي. وتقدم الحزب، في بيان له، أمس، بتعازيه لعائلات الضحايا والشهداء. كما أعلنت الحركة الشعبية الجزائرية، في بيان لها، عن تنديدها بشدة بهذه ”العملية الجبانة التي تم تنفيذها مباشرة بعد انتخابات رئاسية ناجحة”. وقال حزب عمارة بن يونس إن ”مسؤولي ومناضلي الحركة الشعبية ينحنون بكل تقدير أمام أرواح جنودنا الذين سقطوا في ميدان الشرف وهم يؤدون واجبهم الوطني”.