أظهرت حصيلة المشاورات حول الدستور التي أعدتها رئاسة الجمهورية، بعد لقاءات دامت 40 يوما مع 114 جهة، أن السلطة ألغت من قاموسها وجود معارضين أو مقاطعين في هذه المشاورات، حيث أكدت أن المدعوين الذين تشاورت معهم يمثلون 80 بالمائة من أعضاء البرلمان و90 بالمائة من المنتخبين المحليين، أي أغلبية الشعب الجزائري. لم تولِ السلطة أي أهمية للمتغيبين عن مشاورات تعديل الدستور التي قامت بها طيلة 5 أسابيع بمقر رئاسة الجمهورية، حيث جاء في حصيلة انتهائها من المشاورات أن الأغلبية الساحقة من الشعب كانت ممثلة أو حاضرة فيها، نافية أن تكون المقاطعة أثرت على ال114 لقاء التي عقدها مدير الديوان بالرئاسة، أحمد أويحيى. وضمن هذا السياق، قالت رئاسة الجمهورية بأن “هناك 50 حزبا سياسيا ومجموعتين برلمانيتين مستقلتين شاركوا في المشاورات”، وهو ما يمثل- حسب السلطة- من جهة 80 بالمائة من أعضاء البرلمان، ومن جهة أخرى 90 بالمائة من المنتخبين بالمجالس الشعبية البلدية والولائية. والنسب المقدمة من قِبل رئاسة الجمهورية يراد من خلالها الردّ على انتقادات أحزاب المعارضة التي قالت بأن السلطة “تحاور نفسها”، في تبرير قرار مقاطعتها لهذه المشاورات، وهو ما لم تتركه السلطة يمر دون أن تردّ عليه. إن إشارة رئاسة الجمهورية بأن الطبقة السياسية التي تحاور معها وزير الدولة مدير الديوان، أحمد أويحيى، تمثّل 80 بالمائة من أعضاء البرلمان و90 بالمائة من عدد المنتخبين المحليين في المجالس البلدية والولائية، هو رسالة إلى الأحزاب المقاطعة لهذه المشاورات بأنها تمثّل “أقلية” وامتدادها محدود وسط الجماهير الشعبية، وبالتالي ليس بمقدورها فرض “أجندتها” على خريطة الطريق التي أقرّتها السلطة من وراء مسعى تعديل الدستور. كما أن محاولة إلغاء الآخر (المعارضة)، المعتمدة من قِبل السلطة، هي بمثابة مؤشر حول طبيعة الدستور القادم المنتظر. من جانب آخر، وفي الوقت الذي أعلنت الكثير من الأحزاب رفضها تمرير التعديل الدستوري على البرلمان، لأنه “بتركيبته الحالية فاقد للمشروعية”، حسب نصر الدين بوسماحة، أستاذ القانون الدستوري بجامعة وهران، لأن كل الأحزاب لم تتحصل سوى على 2 مليون صوت، ما يعادل 10 بالمائة فقط من الكتلة الناخبة التي تفوق 22 مليون ناخب، تعلن رئاسة الجمهورية تمسكها ب«الأغلبية البرلمانية” الحالية ومحاولة اعتبارها “أغلبية شعبية”، في سعيها لتجاهل مطالب المعارضة. وفي ذلك أكثر من مؤشر على رفضها كل تغيير.