باشرت الوكالة الرسمية للأنباء المغربية حملة إعلامية أشركت فيها كل الصحف المغربية، تزعم فيها أن الجزائر جنّدت دبلوماسيتها ومداخيل البترول من أجل تنفيذ ما وصفته ب”الأجندة” الجزائرية ضد المغرب. وقالت الوكالة بأنه في عرف الجزائر الرسمية كل الوسائل مباحة للإضرار بالمغرب وبما تسميه “الوحدة الترابية”، حتى وإن كان ذلك على حساب هشاشتها المزدوجة السياسية والاقتصادية. لم تمض أيام عن التصريحات الاستفزازية التي أطلقها وزير الخارجية المغربي وهاجم فيها الموقف الجزائري من الصحراء الغربية بعبارات اعتبرت “مشينة”، حيث اعتبر بأن الجزائر “الخصم الوحيد حاليا بالنسبة للمغرب”، ووصف خطاب الجزائر ب”البائس والفاقد للمصداقية”، حتى انطلق الإعلام الرسمي المغربي في حملة هجومية غير مسبوقة ضد الجزائر من خلال تلفيق تهم وترويج أخبار لا أساس لها من صحة، على غرار ترويج بعض وسائل الإعلام المغربية لتزويد الجزائر إسرائيل بالغاز في عزّ الهجوم على غزة، وأيضا دعم الجزائر لعضوية إسرائيل كعضو ملاحظ في الاتحاد الإفريقي، وأيضا اتهامها بتفويت على دول المغرب العربي نسبة النمو الاقتصادي التي كانت ستتحق لدوله في سياق الاتحاد المغاربي، في إشارة إلى مسألة غلق الحدود. وذكرت الوكالة المغربية، في مقال منشور في موقعها الإلكتروني، ووُزع بإيعاز من نظام المخزن على العديد من الصحف المغربية، بأن الجزائر وعلى مدار السنوات لم تتوقف عن تمويل الحملات المعادية للمغرب، وآخر هذه الحملات، حسب زعمها، افتتاح الجامعة الصيفية لإطارات البوليساريو ببومرداس، رغم أن هذه الجامعة الصيفية هي تقليد دأبت اللجنة الجزائرية لدعم الشعب الصحراوي على تنظيمه منذ سنوات دعما للقضية الصحراوية دون أن تثور ثائرة المغرب. وتعتقد الوكالة ذاتها أن الجزائر ليس لديها أي أولوية في أجندتها سوى “الإضرار بالمغرب وبصحرائه”، من خلال “تجنيد لوبيات ومنظمات غير حكومية لدعم الانفصاليين، بواسطة إرشائهم بالمليارات”. وأشارت، في هذا الصدد، بأن الدبلوماسيين الجزائريين، وعلى رأسهم وزير الخارجية رمطان لعمامرة قد تنقل خصيصا إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، باعتباره بلدا ملاحظا في النزاع بالصحراء الغربية، من أجل متابعة توصيات الهيئة الأممية المتعلقة بمراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، مؤكدة ما قاله السفير المغربي في الأممالمتحدة، عمر هيلال، بأن “الجزائر هي كل شيء ماعدا دولة ملاحظة في نزاع الصحراء الغربية، حيث تجنّدت منذ 1976 سياسيا ودبلوماسيا وماليا”. وتكشف هذه الحملات الاستفزازية المغربية ليس فقط عزلة نظام المخزن، ولكن أيضا ضيقه من عودة الساحل الإفريقي كمحور استراتيجي في الدبلوماسية الجزائرية، وأيضا خيبة أمل الرباط بعد قرار الاتحاد الإفريقي تعيين مبعوث خاص في القضية الصحراوية لقي الإجماع من الدول الإفريقية، حتى من تلك المتحالفة تقليديا مع المغرب. وضمن هذا السياق، وردّا على اتهامات الوزيرة المنتدبة في الخارجية المغربية، مباركة بوعيدة، خلال جلسة عامة مخصصة للأسئلة بمجلس النواب المغربي، ادّعت أن “الجزائر تعرقل مشاركة المغرب في عدد من المؤتمرات والندوات الإقليمية المتعلقة بالأمن، سواء المقامة في الجزائر أو في دول أخرى”، اعتبر وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، بشأن الحوار بين الفصائل المالية وحكومة باماكو، أن الجزائر تقود هذا الحوار بطلب من الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كايتا، مشددا بالقول لصحيفة “جنون أفريك”: “صراحة الجزائر لا ترى أي جدوى من مشاركة المغرب في الحوار المالي، نظرا لافتقادها الصفة التي تخوّلها ذلك”. وقال بالنص “بأي صفة يريدون الحضور؟”. ثم تساءل “لماذا يحتفظون بالكليشيهات القائلة إن الجزائر تريد عزل المغرب؟”. ورغم استمرار هذه الحملات المغربية، غير أن رئيس الدبلوماسية الجزائرية قال، في رسالته إلى الرباط، إن “الجزائر تعمل على حل الخلافات وليس مفاقمتها”، في إشارة إلى أن المغرب يدفع للتعفن والتأزيم.