ارسل الملك المغربي محمد السادس وزير خارجيته الجديد صلاح الدين مزوار لتقفي آثار نظيره الجزائري رمطان لعمامرة الذي شرع في جولة إلى دول الساحل في إطار السياسة الجزائرية للتنسيق والتعاون التي شرعت فيها منذ سنوات ووجدت الرباط نفسها معزولة إقليميا بسببها. وباشر رمطان لعمامرة جولة إقليمية، الخميس بدأها من موريتانيا ثم مالي ثم النيجر، في إطار تعزيز العلاقات مع دول الميدان وتنسيق المواقف والجهود لمواجهة الإرهاب والأزمات في المنطقة وهي استمرار للسياسة الخارجية الجزائرية منذ عدة سنوات جعلتها عنصرا محوريا في القارة والإتحاد الإفريقي وفور الإعلان عن الزيارة أرسل الملك المغربي محمد السادس وزير خارجيته الجديد صلاح الدين مزوار في زيارة إلى السنغال أين حرص على بعث رسالة من هناك حول وجود دعم إفريقي لمشروع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية كما افتك تصريحات من وزير خارجية السنغال مانكور نداي كد فيها أن دكار تدعم خيار الحكم الذاتي وتؤكد "مغربية المحافظات الصحراوية" ورأت الصحافة المغربية أن توجّه مزوار إلى العاصمة السنغالية تأكيد وإشارة إلى أهمية البعد الإفريقي للدبلوماسية المغربية. ولكن الرباط التي أدارت ظهرها للعمل في إطار القارة السمراء منذ سنوات اكتشفت الآن وجودها في عزلة إقليمية لصالح تزايد النفوذ الجزائري في المنطقة بشكل جعل الملك يعلن حالة طوارىء لتحريك عجلته الدبلوماسية جنوبا بشكل عجل بالإطاحة بوزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني ونصب مكانه أحد المقربين منه. وكان محمد السادس هو من دشن هذه الحملة الافريقية عندما استغل زيارته الأخيرة إلى مالي في إطار المشاركة في حفل تنصيب الرئيس الجديد ابراهيم كايتا لعرض خدماته على باماكو في المجال الديني بتكوين أئمة في الرباط وهي ما يشكل رد فعل سياسي من المخزن على الجهود الجزائرية لدعم الفكر الوسطي في الساحل من أجل مواجهة التطرف والجماعات الجهادية. واعلن بمالي خلال زيارة محمد السادس أن المغرب ستولى تدريب 500 من الائمة الماليين على مدى عامين بموجب اتفاق مع مالي وقال السفير المغربي في باماكو "نتقاسم مع مالي المذهب المالكي، هناك اذن انسجام كامل بيننا على صعيد تدريب الائمة، وايضا على صعيد الممارسة الدينية" التي تعبر عن اسلام سني معتدل. وأضاف الناصري "سنقوم بتدريب هؤلاء الائمة وفق مبادىء الاعتدال والتسامح في الاسلام" لافتا الى ان العاهل المغربي "سيشرف شخصيا على ان يكون تنفيذ الاتفاق فوريا". ولم تخف وسائل الإعلام المغربية المحسوبة على المخزن أن خلفيات هذا الإتفاق الذي عرض على مالي لا تعدو أن تكون محاولة لقطع الطريق أمام التحركات الجزائرية السابقة لدعم القطاع الديني في مالي من أجل مواجهة التطرف الساحل وذكرت صحف مغربية نقلا عن مراقبين بالمملكة قولهم أن هذا التوجه يعد إستراتيجية يراد من ورائها الرد على الدولة الجزائرية التي لا تكف عن مناكفة المغرب في الشأن الديني، سواء في أوروبا وخاصة فرنسا حيث مسجد باريس، أو في إفريقيا حيث للبلدين معا مصالح متناقضة. وبالرجوع إلى الوراء قليلا نجد ان الجزائر قامت في إطار استراتيجية لمحاصرة الفكر الجهادي والتطرف في منطقة الساحل بمساعي لدى الدعاة والعلماء أثمرت منذ اشهر مضت في تأسيس رابطة علماء الساحل والتي تضم في عضويتها المجلس الإسلامي الأعلى في مالي .