تواجه الحكومة الجديدة انتقادات من طرف المعارضة اليمينة ومن بعض نواب اليسار بعد قرار تعيين إيمانويل ماكرو وزيرا للاقتصاد خلفا لأرنو مونتبور. فيما يرى المتتبعون للشؤون الفرنسية أن حكومة فالس 2 أخذت منعطفا ليبراليا يخالف تماما وعود فرانسوا هولاند الإنتخابية.تباينت ردود الفعل إزاء تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة التي كشفت الرئاسة الفرنسية عنها مساء أمس الثلاثاء.ولم يضيع حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية المعارض الفرصة لتوجيه انتقادات حادة لوزيرين أساسيين، وهما نجاة فالو بلقاسم، التي عينت وزيرة للتربية خلفا لبنوا هامون وإيمانويل ماكرو الذي سيشرف على وزارة الاقتصاد خلفا لأرنو مونتبور.ورأت نادين مورانو، النائب في البرلمان الأوروبي عن الحزب المذكور، أن تعيين نجاة فالو بلقاسم على رأس وزارة التربية هو بمثابة " استفزاز" واضح وصريح للمعارضة، باعتبارها، تضيف النائب، من المدافعات عن "نظرية النوع" التي أثارت ضجة كبيرة في فرنسا ومن اللواتي قاومن بشدة القانون الذي يمنع ارتداء البرقع في الأماكن العامة. فرنسا خاضعة كليا لبروكسل والاتحاد الأوروبي من جهته، انتقد إريك سيوتي، النائب عن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، تعيين فالو بلقاسم في وزارة التربية كونها تتبنى حسب رأيه "إيديولوجية سياسية خطيرة" قد تخلق انقسامات ومشاكل بين فئات المجتمع الفرنسي.الانتقادات وجهت أيضا لوزير الاقتصاد الجديد إيمانويل ماكرو الذي وصفه فلوريان فليبو، نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية -اليمين المتطرف- "بالليبرالي المتشدد"، وقال فليببو:" تعيين إيمانويل ماكرو على رأس وزارة الاقتصاد والصناعة هو اعتراف رسمي بمدى سيطرة المراكز المالية القوية والمصارف على اقتصاد فرنسا".وأضاف: "أصبحت فرنسا خاضعة كليا لبروكسل وللاتحاد الأوروبي، ما يجعلني أتساءل في بعض الأحيان، هل هي حكومة فرانسوا هولاند أم حكومة أنجيلا ميركل". عدوي خفي ولا نراه، عدوي هو المال ورأى كرستي استروزي، رئيس بلدية نيس ونائب في الجمعية الوطنية، أن تعيين "إيمانويل ماكرو، وهو رجل مال ليبرالي، على رأس وزارة هامة سيدفع اقتصادنا إلى الهاوية". فيما ذكرت نادين مورانو بنوع من السخرية الجملة الشهيرة التي قالها فرانسوا هولاند في تجمع انتخابي كبير في أبريل/نيسان 2012 حين قال "عدوي ليس نيكولا ساركوزي ولا يمكن أن نراه. عدوي هو المال".هذا، ورغم الضمانات التي قدمها رئيس الحكومة مانويل فالس بعدم إتباع سياسة التقشف، إلا أن بعض المسؤولين والنواب في الحزب الاشتراكي غير مرتاحين من تعيين إيمانويل ماكرو على رأس وزارة الاقتصاد.وأكد جان مارك جرمان، وهو نائب اشتراكي يحسب على تيار النواب الذين انتقدوا سياسة التقشف التي تتبعها الحكومة الفرنسية، أن اختيار رأسمالي على رأس وزارة الاقتصاد ليس "بالخيار الصائب"، كون هذا الوزير لم يشغل سابقا سوى مناصب لها علاقة بالمال وهو قادم من فضاء البنوك. "الخضر" يرفضون المشاركة في حكومة فالس 2 من جهته، عبر بيير لوران، رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي، عن خيبة أمله بعد تعيين حكومة يعتبرها "يمينية" أكثر من أي وقت مضى، مضيفا أن " إيمانويل ماكرو ومانويل فالس لا يخاطبان جمهور اليسار".وإلى ذلك، رفض حزب الخضر المشاركة في الحكومة الجديدة رغم المحاولات العديدة التي قام بها مانويل فالس من أجل إقناع جان فانسون بلاسي، أحد ممثلي الحزب البارزين والنائب في مجلس الشيوخ. لكن هذا الأخير، رغم المحادثات التي جرت في اللحظات الأخيرة مع رئيس الحكومة، رفض المشاركة بحجة أن فرانسوا هولاند لم يمنح أهمية كبرى لمسائل البيئة. فالس يرفض فكرة حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة وكان الأمين العام للرئاسة الفرنسية كشف أمس الثلاثاء عن أسماء أعضاء الحكومة الفرنسية الجديدة. وكان رئيس الحكومة مانويل فالس أكد أمس في مقابلة مع القناة الفرنسية الثانية أن النقاش مع أرنو مونتبور انتهى وأن همه الوحيد وهم الحكومة بأكملها هو استرجاع الأمل للفرنسيين وخلق فرص عمل جديدة والتغلب على البطالة وتخفيض العجز المالي الذي وصل إلى 4 بالمئة.وأضاف فالس أن التشكيلة الحكومية الجديدة متكاملة ومتجانسة وكل وزير في مقامه مطالب ببذل أقصى الجهود من أجل إخراج فرنسا من الوضع الاقتصادي السيئ الذي تتواجد فيه منذ عدة سنوات. أوضح أن السياسة التي تتبعها الحكومة هي سياسة محكمة وستأتي بثمارها في المستقبل، فيما نفى أن تكون هناك رغبة من الرئيس فرانسوا هولاند بحل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. "فرنسا تمر بأزمات كثيرة فلا داعي لخلق أزمة سياسية جديدة"، أكد فالس الذي دافع عن وزير الاقتصاد الجديد ايمانويل ماكرو الذي وجد نفسه محل انتقادات كثيرة من اليمين واليسار بسبب توجهاته الليبرالية.