الجنوب لم يعد فضاء خاليا ورُحَّلا علاقتهم بالمكان عابرة. الجنوب لم يعد صحراء فارغة وأناس غير معنيين.. الجنوب اليوم قضايا كبرى ومشاكل معقدة، ورجال مصممون على حماية أنفسهم.. غير أن رجال الجنوب ليسوا وحدهم المعنيين بتلك القضايا والمشاكل، بل كل الجزائريين معنيون بها، لأن الجميع سيدفع الثمن عاجلا أم آجلا.. ليست الاحتجاجات على البطالة أو السكن أو تحسين حياة الناس هناك، والتي يمكن قمعها بالقوة، هي المخاطر التي تهدد هذا النظام، فلديه دائما الشرطة والعدالة المفبركة،ومقابر جاهزة لأحلام الشباب.. لكن خطر الغاز الصخري يفوق كل المخاطر التي واجهت سكان الجنوب والشعب الجزائري ككل.. إنه قنبلة نووية موقوتة.. ففي أكثر التقارير العلمية إيجابية يظهر أن سلبياته أكثر من إيجابياته، صحيا واقتصاديا وتسويقا.. وقد رفضت الدول التي تحترم شعوبها الاستثمار فيما يقتلهم، غير أن النظام الجزائري (الذي ليس له شعب في الحقيقة يخاف عليه) يرضخ مرة أخرى للضغوط الفرنسية، ويفتح لها الأراضي الجزائرية دون استشارة أحد، ولا حتى أولئك الضحايا المحتملين مثلما حدث في التجارب النووية الفرنسية، والتي ترفض الدولة الفرنسية فتح ملفها رغم مرور 50 سنة على الجريمة. ما لم نفهمه فعلا: كيف ترفض فرنسا الاستثمار في الغاز الصخري على أراضيها خوفا على شعبها وعلى اقتصادها، وتفرض على النظام الجزائري ذلك؟ وكيف يرضخ هذا النظام بسهولة لمطالب تمس بأمن وسلامة شعبه وأيضا تمس سيادته؟ هل ذلك فقط جراء عدم شرعيته التي يعرفها الفرنسيون جيدا؟ أم أن هناك مصالح مشتركة بين أشخاص نافذين في السلطة والشركات الفرنسية العاملة في حقول الموت هذه؟ دعونا نذكر الجزائريين أن النقاش حول هذا الموضوع أثاره الخبراء في الجزائر بحدة منذ سنوات عديدة، وامتد النقاش إلى الصحافة وجمعيات المجتمع المدني المعني بالموضوع، ثم تلقفته المعارضة بموقف موحد هو الرفض المطلق لهذا النوع من الاستثمار.. ومع ذلك تعنت هذا النظام المتعجرف على شعبه، وفتح الأرض الجزائرية للشركات الفرنسية حتى قبل أن يهدأ النقاش ويخترع لهم “تلهية” أخرى. من الغباء أن يعتقد هذا النظام أنه يتصرف وحيدا في أرواح وثروات الجزائريين، وأنه يرضخ لفرنسا لأسباب معروفة على حساب صحة وحياة الجزائريين.. هذه جريمة بكل المقاييس الإنسانية.. وعلى الجزائريين أن يتَّحدوا جنوبا وشمالا وشرقا وغربا لوقف هذه الجريمة. لأن أرواحهم معلقة على بئر ملتهب.