متقاعدو سوناطراك وراء مشروع استغلال الغاز الصخري بطاطاش: "زيارة هولاند إلى الجزائر مررت المشروع" يصف المحلل المالي فرحات آيت علي، إقبال الحكومة على استغلال الغاز الصخري بالمغامرة المالية الخطيرة، تقديرا منه أن الخسائر التي ستتكبدها الخزينة العمومية ثقيلة وتقدر ب36 مليار دولار خلال ثماني سنوات، بدليل إنفاقها مبلغا إجماليا للإنتاج يقدر ب75 مليار دولار، مقابل مداخيل حصرها في 39 مليار دولار، مضيفا أن الاقتداء بالنموذج الأمريكي ضرب من الخيال لأن خسائر هذا البلد مبنية على رغبته في تحقيق الاستقلالية الطاقوية، وكنوع من الدعم الداخلي لمواطنيها كون تكلفة إنتاج وحدة من الشيست هناك تقدر ب10 دولار لتسوق ب3 دولار. يعرض آيت علي، في البداية النظرة التي بنت عليها الحكومة الجزائرية موقفها ويصفها بالخاطئة تماما، لأن تحقيق الأرباح من استغلال الغاز الصخري مستحيلة، بل وتكبد الحكومة خسائر مضاعفة جراء الاستغلال غير المبرر والمتهور. في البداية، يعرض ضيف ”الفجر”، أهم الأسباب التي دفعت الحكومة للإقبال على هذا الاختيار الخاطئ، وفي مقدمتها الرغبة في تكوين احتياطي غاز من خلال تعويض الغاز الحالي الذي هو في تراجع، وهذا للحفاظ على الحصص الخارجية الجزائرية في مجال الغاز، والنقطة الثانية هي سد احتياجات السوق الداخلية. وحسبه، في سنة 2020 ترتقب الحكومة الجزائرية إنتاج 40 مليار متر مكعب موجهة للاستهلاك الداخلي، أما في الوقت الحالي، فإن 55 مليار متر مكعب هي التي توجه للتصدير و19 مليار متر مكعب هي احتياجات السوق الداخلية في مجال الغاز الطبيعي. بالنسبة للحكومة الإقبال على خيار الغاز الصخري لوجود إشكالية حالية في استخراج الاحتياطي المقدر ب4035 مليار متر مكعب، حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة الطاقة والمناجم بحيث أن الصعوبة التي تواجه الاستغلال الكامل للغاز الطبيعي الاحتياطي، هو أنه كلما تتقلص الكمية يصعب استخراجه، حيث يتحتم إضافة الماء، ومن هنا جاء اقتراح استغلال الغاز الصخري في حقول جديدة بكل من ولاية إليزي وأدرار، حيث تقدر الكمية ب6000 مليار متر مكعب من الاحتياطات الجديدة للغاز الصخري. الحجة الثانية التي بنت عليها الحكومة الجزائرية خيارها هو أن مداخيل المحروقات بدأت تتقلص، ولهذا سعت لتعويض القيمة المالية التي ستفقد بالغاز الصخري من أجل الحفاظ على ميزانية الدولة ومداخيلها الطاقوية. كما رافق هذا تراجع في مداخيل التصدير والجباية خاصة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية. ويعرض آيت علي، نظرته لمعاكسة جميع المبررات التي قدمتها الحكومة فيما يخص الاعتماد على الغاز الصخري لتعويض حصصها بالسوق الخارجية في مجال الغاز بصفة عامة. فبالنسبة لتكلفة الاستثمار والتسيير الخاصة ببئر واحد من الغاز الصخري، من خلال استعراض التجربة الأمريكية تكلف 7.5 مليون دولار أمريكي، وهو ما يعني ضعف تكلفة الإنتاج بالجزائر. وذكر أنه في حالة إنتاج 55 مليار متر مكعب من الغاز الصخري مثلما تسعى إليه الجزائر، فإنه يستلزم منها أن تقوم بحفر 5 آلاف بئر في المرحلة الأولى، مقابل مرحلة ثانية ممتدة على أربعة سنوات أخرى تحفر خلالها آبارا جديدة تصل مجملها إلى 10 آلاف بئر. وقال الخبير إن هذه الكميات تكلف الدولة الجزائرية ما قيمته 75 مليار دولار في إجمالي الاستثمار والتسيير، لكن خارج تكاليف النقل والمصاريف الأخرى خلال ثماني سنوات. وواصل آيت علي، أنه لإنتاج 55 مليار متر مكعب تقابلها في السوق 23 مليار دولار، في العقود الطويلة المدى، لكن اليوم الغاز الصخري لديه عقود قصيرة المدى في السوق الحرة، حيث يسوق حاليا ب3.40 دولار ل35 مترا مكعبا وهي الوحدة المعتمدة في القياس الغازي. وحسب المصدر نفسه، تعطي النتائج الرقمية السابقة الذكر نتائج واضحة أن الخسائر التي ستلحق الجزائر ستتكبد الآن مداخليها من الغاز الصخري ستعادل 4.8 مليار دولار كل سنة باحتساب جميع المصاريف الهامشية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنها ستقوم بتصدير 55 مليار متر مكعب من الغاز الصخري مثلما تريد من خلال اعتمادها على تعويض حصصها بالسوق الدولية من مادة الغاز عبر تعويض تراجعها في ميدان تصدير المحروقات بالغاز الصخري. و23 مليار دولار كانت تجني من تصدير نفس الكمية من الغاز الطبيعي، خلال نفس الفترة، كما أنه بالإضافة إلى هذا فإن طبيعة العقود المبرمة في مجال الغاز الطبيعي طويلة المدى عكس عقود الغاز الصخري التي هي قصيرة المدى. وقال الخبير إن الحكومة الجزائرية تفكر بمنطق الحكومة الأمريكية التي تسوق الغاز بوحدة 3 دولار رغم أنها تنفق في إنتاجه 10 دولار، لكن الأمر مختلف الآن، واشنطن تقوم بذلك كدعم لمواطنيها وتحقيق نوع من الاستقلالية الطاقوية. الحكومة اكتفت باستشارة متقاعدي سوناطراك وتأسف الخبير لاكتفاء الحكومة الجزائرية باستشارة متقاعدي شركة سوناطراك، ممن هم أصدقاء لشركات أجنبية، راغبة في الاستثمار في استغلال هذا الغاز بالجزائر، معتبرا أن ذلك تم من أجل تقديم خدمات لهذه الشركات الأجنبية التي تريد استغلال هذه الطاقة الجديدةبالجزائر، و جلب معدات بالملايير لبلادنا، خاصة وأن طبيعة العقود الخاصة بالاستغلال تجعلها لا تنقل خبرتها للطرف الجزائري، وهو ما يظهر النوايا المبيتة من تمرير هذا الملف الخطير الذي ستجني من ورائه الشركات المتعددة الجنسيات الملايير، مع خسائر مالية باهظة للجزائر وكوارث بيئية لا يمكن إحصائها في هذه المساحة من الورق. ويؤكد المحلل المالي، أنه في حالة ما إذا أخذنا بعين الاعتبار 4.8 مليار دولار في ثماني سنوات، فإن الدخل سيكون في 39 مليار دولار، مقابل قيمة إجمالية للمصاريف الخاصة بإنتاج الغاز خلال نفس الفترة تقدر ب75 مليار دولار، وهو ما يعني أن الخسارة المالية التي ستتكبدها الدولة كبيرة جدا وواضحة للعيان لأن الفارق بين سعري الإنتاج والبيع كبير جدا. كما يعتقد المحلل المالي أن رعاة مشروع استغلال الغاز الصخري المبنية على توقعات بإمكانية ارتفاع سعر الغاز بالسوق مستقبلا غير مؤسسة، لأن طبيعة العقود المبرمة في هذا المجال قصيرة وليست طويلة المدى مثل عقود الغاز الطبيعي، كما أن اعتماد دول الخليج وفي مقدمتهم قطر على تسويق إنتاجها الطاقوي للدول الأوروبية بأسعار منخفضة هي نقطة ليست في صالح الجزائر التي تبني توقعاتها وفق مقاربة ليست شاملة.
رئيس الكتلة البرلمانية للأفافاس أحمد بطاطاش ل”الفجر”: ”زيارة هولاند إلى الجزائر مررت مشروع استغلال الغاز الصخري” أكد أحمد بطاطاش، رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية، بأن زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر، كان أحد أهدافها دعم مشروع استغلال غاز الشيست الخطير بالجزائر، حتى تكون حصة الأسد في استغلال الحقول الجزائرية لصالح الشركات الفرنسية، التي لا تسمح قوانين بلادها بإنتاج هذه الطاقة المميتة هناك. وقال ممثل الأفافاس، إن هناك وصاية فرنسية على مشروع الغاز الصخري في الجزائر. وأضاف أن الأفافاس قاطع جلسة النقاش البرلمانية، قناعة منه بعدم المشاركة في جريمة تمس بالبيئة المواطن والأجيال القادمة. وإن كانت النوايا الفرنسية حسبه مبنية على إنقاذ الاقتصاد الفرنسي المأزوم، فإن المبررات التي دفعت الحكومة الجزائرية إلى تمرير المشروع لا يمكن الاقتناع بها بأي شكل من الأشكال، سيما وأنه في نظر النائب ”التكنولوجيا الحالية لا تضمن استغلال هذا الغاز دون حدوث كوارث بيئية تتمثل في تلويث المياه الجوفية، فضلا عن التسبب في أمراض سرطانية خطيرة قياسا بالمواد المستعملة في الحقول”. ولدى الأفافاس قناعة كبيرة أن الحكومة الفرنسية تريد حصتها من السوق الجزائرية في مجال استغلال هذا الغاز، خاصة وأن زيارة هولاند للجزائر حسب النائب لم تخل من تناول هدا الملف الذي يأتي في سياق مماثل لضغوطات كانت تربط الشركات الأمريكية خلال تمرير قانون المحروقات أيام شكيب خليل. ولا يستبعد بطاطاش أن تكون الطريقة التي يدار بها الملف بها ”رائحة الفساد، لأن استغلال الغاز الصخري سيكون حتما مواصلة لمسلسل فضائح سوناطراك 1 و2 وأقول هذا بحكم ما نراه في الواقع”. وتأسف النائب للصمت الرهيب الذي شاب تناول هذا الملف الخطير على صحة المواطن والبيئة، في وقت تحركت فيه أحزاب فرنسية ونشطاء في مجال البيئة لمنع الشركات الفرنسية الراغبة للاستثمار في الجزائر من خوض المغامرة، خاصة وأن استغلال هذا الغاز الخطير ممنوع في فرنسا، واعتبر ذلك عارا كبيرا خاصة وأنه شرع في إجراء تجارب نموذجية عن الغاز الصخري بولاية إليزي حتى قبل مصادقة النواب على المشروع. ويعتقد مصدرنا، أن العامل الذي حرك نشطاء البيئة الفرنسيين هو نظرتهم الكونية لملف البيئة، وأن أخطاره لابد أن تمنع على الجميع بعيدا عن الحدود الجغرافية. ووصف بطاطاش الحجج التي ساقها بعض النواب للاستدلال أن غاز الشيست مستغل من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية في خانة البراهين غير المقبولة، تقديرا منه أن واشنطن يحكمها نظام رأسمالي متغول تسيطر عليه بارونات المال وشركات صناعة الأسلحة على صناعة القرارات السياسية بشكل كامل، ولا مكان فيه لكلمة نشطاء البيئة، وهذه الشركات هي التي تصنع الرؤساء والحكام بل وهي التي تصنع الحروب من أجل بيع أسلحتها للعام. وهذا ما جعل النائب يرى أن الاعتماد على النموذج الأمريكي غير مقبول أصلا، لأنه يختلف عن النموذج الأوروبي الذي لا تزال فيه الحقوق الإنسانية والبيئية يدافع عنها بكل مسؤولية، والدليل رفض استغلال الغاز في فرنسا مثلا ودول أوروبية أخرى. وخلص إلى أن الحزب سيعقد ندوة حول ملف الطاقة في الجزائر بعد فراغه من المؤتمر، لتعرية جميع عيوب استغلال هدا الغاز الخطير، سيما وأن نتائجه الكارثية غير قابلة للتصحيح.
مهدي بسيكري عضو التنسيقية الوطنية من أجل الحريات والمواطنين استغلال الغاز الصخري بالجزائر جريمة في حق البيئة والأجيال القادمة يصف عضو التنسيقية الوطنية من أجل الحريات والمواطنين مهدي بسيكري، إقبال الحكومة الجزائرية على استغلال غاز الشيست في الجزائر بالجريمة الحقيقية في حق البيئة والأجيال القادمة. وفي الشق البيئي، يعتمد الناشط بسيكري، على نقطة التلويث الذي سيسببه الغاز الصخري لطبقات المياه الجوفية، التي يحددها الخبراء ما بين 40 ألف مليار إلى 60 ألف مليار متر مكعب، وهو ما يعد جريمة حقيقية في حق الإنسانية، سيما وأن التحكم في تسرب المواد الكيميائية الخطيرة بباطن الأرض سيكون غير قابل للسيطرة. ويعتقد بسيكري أن تلويث هذه الثروات الطبيعية انتهاك لحقوق الأجيال القادمة، سيما وأن استشارة الشعب في استعمال هذا الغاز، لم تتم رغم أن الوطن ملك للجميع، حيث يرى أن الاكتفاء بالبرلمان لا يعكس الإرادة الشعبية بأي شكل من الأشكال. ويعتقد أيضا، أن استغلال الغاز هو نوع من المساس بالسيادة وستنجم عنه لا محالة تهجير السكان المناطق وترحيلهم من أراضيهم بحكم الأضرار المنتظرة، من أجل ”إرضاء من يريد كسب المزيد من الأموال في صفقات الأجهزة التي ستستعمل للاستغلال وجميع الآلات الخاصة بالمشروع التي سيقوم بتقاسم ريعها أطراف ستغترف من هذا المشروع الذي ليس في صالح الجزائريين”. وبناء على ذلك يؤكد صحفي جريدة ”الوطن” أن الحقوق الأساسية الممنوحة للمواطن دستوريا انتهكت، وخلص إلى القول إن تجربة غاز الشيست بالجزائر جريمة نكراء ولا تغتفر، سيما وأن الأخطار والأمراض التي ستسببها المواد التي تدخل في استغلال الغاز مسرطنة وخطيرة جدا ونتائجها غير قابلة للتصحيح.
جاء الغاز الصخري.. فغابت جمعيات حماية البيئة لعل المثير للجدل في ملف استغلال الغاز الصخري بالجزائر، هو الصمت المطبق الذي التزمته العديد من الجمعيات البيئية إزاء هذا المشروع الخطير على البيئة، حيث لم تكترث بالتحرك وظلت بعيدة عن الحدث تماما، وهو ما يدل على استقالة العديد من تمثيليات المجتمع المدني من أدوارها الأساسية، وأن وجودها هو مرتبط بقبض الأموال التي تدفعها لها وزارة الداخلية والجماعات المحلية دون أي حصيلة تذكر، وهو أمر يمكن تعميمه على العديد من الجمعيات الأخرى باستثناء القلة القليلة التي تؤدي دورها بالمجتمع وتحافظ على الرسالة التي تأسست من أجلها.