أعتقد أنه يتعين إبعاد قضية المردودية في الوقت الراهن ،لأن البرنامج الحالي الخاص بالغاز الصخري لا يعني الاستغلال، بل يقتصر على تقييم القدرات النظرية والحصول على المعطيات الفعلية بخصوص الصخور الأم التي تحوي على مخزون الغاز، لأنه لا يوجد أي وسيلة أخرى لمعرفة مثل هذه المعطيات دون القيام بحفر آبار، وبعد أن يتم التأكد من القدرات المتاحة، فإن الاستغلال لن يتم إلا إذا تم التحقق بأن مستوى المردودية عال، فأي شركة أيا كانت بما فيها سوناطراك لا يمكنها أن تجازف وتنتحر في محاولة إنتاج الغاز بخسارة والإشارة في هذه المرحلة إلى المردودية كمبرر لعدم تقييم القدرات المتاحة، وهذا في حد ذاته من قبيل عدم المسؤولية. هل هذه الاختلافات تشكل مصدرا محتملا للخطر على صحة الإنسان والبيئة؟ من الناحية التقنية الجواب هو لا، فلا وجود لمخاطر مضاعفة على الصحة والبيئة في حالة الغاز الصخري بقدر المخاطر المحتملة للغاز التقليدي الذي نستغله منذ زمن، فالحفر الأفقي ليس حكرا على المحروقات غير التقليدية، فحوالي 60 في المائة من عمليات الحفر في العالم أفقية، كما أن سوناطراك تلجأ منذ بداية التسعينيات إلى الحفر الأفقي ولم تتوقف منذ ذلك الوقت ولم تواجهها مشاكل، خاصة مع هذا النوع من الحفر لا على صحة العمال وسكان المناطق المعنية ولا على البيئة، مثلما هو الحال مع حاسي مسعود على سبيل المثال. وقد بلغت السرعة القصوى أو الذروة بحفر 50 بئرا في السنة، وبالتالي، فإن إسقاط ذلك على معدل 200 بئر في السنة ليست مرتبطة إلا بمسألة واحدة هي توفر الوسائل المادية التي يتعين توفيرها والبشرية التي يجب تأهيلها. في نفس السياق، يجب الإشارة أن التكسير الهيدروليكي ليست خاصة بالمخزون غير التقليدي، إذ أنها تقنية يتم اللجوء إليها في معظم الآبار، مثلما هو الحال بالنسبة للحفر الأفقي، علما أن سوناطراك تلجأ إلى التكسير الهيدروليكي منذ بداية سنوات التسعينيات، وقد بلغت مستوى 50 بئرا بتقنيات التكسير سنويا دون آثار على البيئة أو الصحة. التنقيب أو الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي يستخدمان نفس التقنية ونفس المواد للغاز التقليدي وغير التقليدي وهو بالتالي لا يطرح مشاكل خاصة بالنسبة لمهندسي سوناطراك، وقد نجح هؤلاء في اكتساب التجربة الضرورية، بل إن البعض منهم تستفيد من خبرتهم شركات بترولية شرق أوسطية وإفريقية. وقد سمعت أحد المتدخلين من بين أصدقائنا في عين صالح يتطرق إلى المشاكل الجيولوجية، وأنا أحيي فيه تدخله المناسب، ولكنني مع ذلك أقول له بكل أخوة بأنه لا يتعيّن أن نستصغر أيضا خبرة مهندسينا في سوناطراك، وإذا كان هناك من داع لإرساء حوار تقني وليس سياسي بين الخبراء والأخصائيين فليكن ذلك، لأنه سيساهم في إثراء النقاش والأفكار. وقد ركّز نفس المتدخل على ما اعتبره ”كارثة” في ”كريشبة” وهي قاعدة حياة لمشروع ”عين صالح غاز” بعد القيام بإعادة ضخ ثاني أوكسيد الكربون، ولكن يجب أن نطمئن بأنه لا يوجد أي كارثة إيكولوجية وأنه لم تسجل أي تسرب لثاني أوكسيد الكربون بعيدا عن منطقة إعادة الضخ، كما أنه لم يكن هنالك أي تسرب ”جيولوجي باتجاه المناطق السطحية وأنه لا مجال لقلق أصدقائنا في عين صالح، لقد كنت من بين المسؤولين الذين قرروا توقيف إعادة الضخ لفترة مراقبة وتقييم لبعض المشاكل التقنية غير الخطيرة والتي لا مجال للتفصيل فيها هنا، بالإضافة إلى هذه المشاكل التقنية، فإن تعليق عمليات إعادة الضخ تخضع لاعتبارات اقتصادية وطاقوية واستراتيجية، أما عن الارتفاع المذكور لنسبة ثاني أوكسيد الكربون في الغاز المنتج ب”كريبة”، فإنه عادي جدا وكان متوقعا مع دراسة المشروع قبل إطلاقه. وقد سمحت المسؤوليات التي أنيطت لي في عين صالح بمعرفة عن قرب سكان مدينة عين صالح ومدى حرص هؤلاء على بيئتهم، وأحييهم بهذه المناسبة بعدما عبروا علانية عن قلقهم ومخاوفهم، ولكن أقول لهم في نفس الوقت أن الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي ليسا جديدين في الجزائر وأن سوناطراك تتحكم في هذين التقنيتين وتستخدمهما على نطاق واسع منذ بداية سنوات التسعينيات، كما أن التقنيات والمضاعفات الكيميائية والبيولوجية هي ذاتها، سواء تعلق الأمر بالتكسير الهيدروليكي لحفر بئر للغاز التقليدي أو غير التقليدي، ونرى أن شبكة الأنترنت تتضمن معلومات تجانبها الصواب والدقة والتي يتم نشر بعضها عن قصد أو البعض الآخر عن غير قصد والتي يتعيّن التمييز بينها حينما يتم الاطلاع عليها، لأن ذلك يمكن أن يقود إلى أحكام خاطئة تماما. فعلى سبيل المثال حينما نقارن بين التكسير الهيدروليكي وبين اللوحات التي يمتلكها التلاميذ والتي يمكن أن تتهشم ليست في الحقيقة سوى رؤية مستوحاة من أفلام الخيال لسنوات السبعينيات ولا تمت للحقيقة بصلة، فالتكسير الهيدروليكي عملية تتم بواسطة إحداث ضغط بواسطة المياه على مسامات وشروخ مجهرية حول القطعة التي يتم حفرها أفقيا في البئر للسماح للغاز بالنفاذ. وإذا أردنا المقارنة، فإننا نقول أن الشروخ المجهرية تشبه ضغط شلال المياه بعد سقوط أمطار غزيرة على قاعدة الجبل الصخري والتي نتمكن من خلالها من رؤية كميات من المياه تتسرب من الصخور. *إطار سامي سابق في مجمع سوناطراك