يفتتح البرلمان بغرفتيه دورته الربيعية غدا، وهي الدورة السادسة في عهدة المجلس الشعبي الوطني الحالية، والتي ستدخل بعد شهر عامها الثالث، هذا إذا أتم عهدته إلى 2017 ولم تعصف به الأحداث السياسية المتسارعة. لكن لماذا تصر السلطة على صرف آلاف المليارات على مؤسسة تجاوزتها الأحداث ولم يعد لها أي وزن يذكر في الحياة العامة للمواطنين؟ يلتقي أعضاء الحكومة والنواب هذا الاثنين بمناسبة افتتاح الدورة الربيعية لسنة 2015 في لقاء تقليدي بروتوكولي، تحاول فيه الحكومة إظهار مؤسسات الدولة متكاملة، ويحاول البرلمان أن يثبت سلطته الرقابية والتشريعية التي فقدها. 21 مشروع قانون صودق عليه في ظرف 3 سنوات، بمعدل قانون واحد في أكثر من 50 يوما، وهي حصيلة بعيدة جدا عن ما يجب أن يكون إذا ما قارناها مثلا بعهدة 1997-2002 التي توصف من قبل المعارضة بأنها نتيجة أوسع تزوير انتخابي في تاريخ الجزائر، لكن ذلك لم يمنعها أن تكون أكثر فعالية، ويكون معدل عملها مشروع قانون كل 28 يوما. وبالنسبة إلى الالتزام ببرنامج الدورة الذي ينص القانون العضوي المحدد للعلاقة بين الحكومة والبرلمان بأنه يتم وضعه بالتنسيق بين غرفتي البرلمان والحكومة، رغم أن الواقع يثبت أن الحكومة هي التي تفرضه وتقدمه كورقة ملزمة لرئيسي الغرفتين، هذا البرنامج في الغالب لا يتم احترامه، بدليل بقاء 4 مشاريع قوانين عالقة من أصل 13 مشروعا من برنامج دورة الخريف. وبلغة الأرقام، فإن برامج الدورات منذ انتخاب نواب العهدة الحالية سجلت 50 مشروع قانون أو أكثر، لكن لم يتم الالتزام بنصفها. البرلمان الذي يفترض أن يكون فضاء للديمقراطية والرأي الآخر، لم يفرج عن مقترح قانون واحد منذ انتخابه، لتبقى مبادرات النواب حبيسة أدراج مكتب المجلس. وينطبق هذا الوضع على مجلس الأمة الذي يمثل حالة شاذة في الممارسات البرلمانية، باعتبار أنه الوحيد الذي لا يشرع، وليس له مهام سوى قطع الطريق أمام القوانين المصوت عليها في الغرفة الأولى، المجلس الشعبي الوطني. من جانب آخر، عرفت ميزانية المجلس الشعبي الوطني قفزة سريعة في ظرف 3 سنوات، إذ انتقلت من 500 مليار سنتيم إلى 600 ثم إلى 700 مليار، وعندما نسمع طبول الأزمة الاقتصادية تدق أبوابنا، نستغرب الإبقاء على وضع مماثل وصرف المال العام على مؤسسة يفترض أنها تحمل صوت الشعب، ونتساءل إذا لم يكن الغرض الحقيقي هو تسويق واجهة الديمقراطية بدلا من بناء أسس الديمقراطية الحقيقية.. فإلى متى سيستمر هذا الفيلم ”الكوميدي”؟ وتعليقا على هذه الوضعية، قال النائب نعمان لعور رئيس كتلة ”الجزائر الخضراء” السابق، ”أصبحنا نحتكم إلى أهواء الأشخاص وليس للقانون، وتحول البرلمان إلى خادم للحكومة التي تفعل ما تشاء دون حسيب أو رقيب، تحتكر تشريع القوانين وترفض مقترحات النواب بتواطؤ من الأغلبية”. وأضاف لعور أن ”الوزير الأول يتصدر الذي يدوسون القانون بخرق الدستور، فيما يتعلق بعرض بيان السياسة العامة سنويا، فضلا عن أننا أصبحنا ننتظر انعقاد مجلس الوزراء للموافقة على مشاريع القوانين التي تنزل إلينا لمناقشتها والتصويت عليها!”. وسألت ”الخبر” محمد قيجي، رئيس المجموعة البرلمانية للأرندي، حول أسباب الأداء الهزيل للبرلمان بغرفتيه فأجاب ”على الأقلية أن تحترم الأغلبية، نحن نؤدي مهامنا بمسؤولية، الدورة السابقة كانت زاخرة بمشاريع القوانين التي صادقنا عليها وعددها 10، ونعتزم مناقشة 9 مشاريع موجودة على مستوى اللجان خلال دورة الربيع”. وبشأن تقويض الدور الرقابي للمجلس، قدر قيجي أن ”مكتب هذا الأخير رفض تشكيل لجان التحقيق لأن الضرورة لم تستدع ذلك”، لكنه اعترف بأن ”الخلاف” القائم بين قيادة الأفالان ورئيس المجلس ولد خليفة بسبب أحد النواب، ألقى بظلاله على حسن تسييره. وحول مقترحات القوانين التي يرفضها المكتب، قال قيجي إنها ”تخالف الدستور وتتعارض مع علاقات الجزائر الدولية”.