تزامنا مع اختتام الدورة الخريفية للبرلمان، اليوم، والتي تعتبر عمليا آخر دورة في العهدة تشريعية، نزل أمس، ممثلو الكتل البرلمانية الممثلة في المجلس الشعبي الوطني على منتدى "الشروق" لتقييم حصيلة العهدة التشريعية السادسة التي تشرف على نهايتها، حيث استغلوا هذه الفرصة لوضع النقاط على الحروف، بخصوص الكثير من المشاكل والعراقيل التي واجهتهم طيلة الخمس سنوات التي قضوها بمبني البرلمان، وخلصوا إلى أنها أضعف عهدة تشريعية في تاريخ الجزائر، لجملة من الاعتبارات والأسباب تجدونها في فصول هذا المنتدى. وزراء فوق القانون ونواب يخافون من مساءلة أويحيى زياري خذل رفقاءه واختار الوقوف إلى جانب الحكومة اتفقت الأحزاب السياسية الممثلة بالمجلس الشعبي الوطني، التي حضرت منتدى "الشروق" أمس، على ضعف أداء العهدة التشريعية السادسة (2007 / 2012 )، وحمّلت المسؤولية لرئيس المجلس، عبد العزيز زياري، الذي عجز عن توظيف الصلاحيات التي يخولها الدستور للبرلمان، من أجل فرض احترام آليات الرقابة على الجهاز التنفيذي. وانتقد عبد الرحمان منصور، النائب عن كتلة التغيير، ما وصفه ب"تعالي" بعض الوزراء، على النواب ورفضهم النزول إلى المجلس من أجل الرد على انشغالاتهم وأسئلتهم، الأمر الذي جعل من الغرفة السفلى، مجرد أداة لتسجيل القوانين التي تأتي من الحكومة. مسؤولو الكتل البرلمانية، للأفانا والأحرار وحركة النهضة وحركة التغيير، ذهبوا بعيدا في انتقادهم لمكتب المجلس، حيث وصلوا حد اتهامه بالتخندق مع الحكومة على حساب النواب، وتجلّى ذلك من خلال تغاضيهم عن مقترح قانون تجريم الاستعمار، وسكوتهم عن الانتهاكات المتتالية للجهاز التنفيذي واحتقاره لمؤسسة يفترض أنها مستقلة عنه. وبرز اسما وزيري الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، والوزير المنتدب لدى وزير الدفاع، الجنرال عبد المالك قنايزية، كمسؤولين "فوق القانون"، لرفضهم الإجابة على الأسئلة سواء الشفوية أو الكتابية، التي وجّهت إليهم من قبل النواب، في حين انتُقد أويحيى، لرفضه احترام طلب الاستجواب، في أكثر من مناسبة. والغريب في الأمر أن عبد العزيز زياري، رفض التعاطي مع طلبات صادرة عن نواب في المجلس، تدعو إلى تبني آلية جديدة يقرها القانون الناظم للعلاقة بين غرفتي البرلمان، وبين البرلمان من جهة والحكومة من جهة أخرى، وهي آلية السؤال الشفوي الاستعجالي، التي جاءت كرد فعل على تماطل الوزراء في الرد على أسئلة النواب، علما أن هناك من الأسئلة الشفوية ما مر عليها أربع سنوات، دون أن يرد عليها الجهاز التنفيذي. وأرجع الحاضرون هذه الوضعية، إلى جملة من المعطيات التي رافقت انتخاب نواب العهدة التشريعية الحالية، وتدخل يد السلطة في تحديد طبيعة التشكيلة النيابية الحالية، وسيادة منطق الديكتاتورية والمحاباة في تسيير الأحزاب، ما أفرز نوابا عديمي روح المسؤولية، "يخافون من رئيس الجمهورية، ولا يتجرأون على مساءلة وزير الدفاع مثلا". ويعتقد علي ابراهيمي المستقيل من الأرسيدي، أن سبب مآسي البرلمان الجزائري، يتحملها كل من جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم، إلى جانب كتلة الأحرار، بسبب احتكارها للفعل السياسي، وخنقها للمبادرة داخل الغرفة السفلى، الأمر الذي أفسد الممارسة الديمقراطية، وأنسى الجزائريين ما عاشه مبنى زيغود يوسف من نقاشات مثيرة خلال العهدتين التشريعيتين الرابعة والخامسة. ومن أبرز المشاهد التي سجلتها العهدة التشريعية الحالية، الخطاب المغلف بالنفاق، الذي برز في الكثير من مداخلات بعض النواب المحسوبين على أحزاب التحالف الرئاسي، الذين لم يتورعوا في انتقاد المشاريع القانونية عند المناقشة، ومسارعتهم إلى إيداع التعديلات والمقترحات، غير أنهم سرعان ما ينقلبون على أعقابهم عند التصويت، في مواقف وصفت بأنها "مسرحيات سيئة الإعداد والإخراج". ويعلّق حديبي، ممثل النهضة، على سلبية المشهد، معتبرا ما يجري من صراع نفوذ بين البرلمان والحكومة، امتداد للصراع القديم المتجدد بين أعوان الإدارة المعينين والنواب المنتخبين، فيقول: "ما يقوم به الجهاز التنفيذي ضد الحكومة، يماثل تماما ما يقع للنائب مع الإدارة عندما يسعى لحل مشاكل المواطنين"، مشيرا إلى أن "حكومة التحالف لم ترحم حتى نواب التحالف".
عبد الرحمن منصور (كتلة التغيير): الأوامر الرئاسية طغت على العهدة وغالبية القوانين مصدرها الحكومة يرى رئيس كتلة التغيير المنشقة عن حركة مجتمع السلم عبد الرحمن منصور، أن العهدة الحالية كانت من أفقر العهدات التشريعية في تاريخ الجزائر، وأكد أن 98 بالمائة من القوانين التي مرت عبر المجلس كان مصدرها الحكومة. وذكر المتحدث أن الأمريات الرئاسية، أصبحت هي الأصل، في حين أن المشرع الجزائري يعتبرها استثناء، وحسب منصر فإن هناك وزراء فوق العادة لا يعيرون اهتماما للمساءلة ولا ينزلون إلى البرلمان، ومنهم الوزير الأول الذي لم يجب على سؤال حول عمال الأشغال العمومية والري منذ 3 سنوات، كما أن زياري أصدر تعليمية منع بموجبها السؤال الكتابي للأشخاص.
عماد جعفري (رئيس كتلة الأحرار): فشل البرلمان سيستمر للعهدات المقبلة ما لم يفصل في نظام الحكم قال رئيس كتلة الأحرار عماد جعفري إن فشل البرلمان الحالي سيمتد إلى العهدات المقبلة إذا لم تعدل صلاحيات البرلماني والقوانين التي تنص عليها، وإذا لم يفصل الدستور القادم في نظام الحكم في الجزائر. فمشكل صلاحيات البرلمان سيبقى مطروحا، وذلك إما باعتماد النظام البرلماني وتمنح للبرلمان صلاحية رقابية، أو رئاسيا، أين سكون رئيس الجمهورية مسؤولا أمام الشعب، رغم أن هذا البرلمان يقول رئيس كتلة الأحرار عرف تسجيل 667 سؤال شفوي وأكثر من 800 سؤال كتابي وحوالي 70 مشروع قانون، معتبرا أنه ليس من صالح الإدارة تقزيم دور المنتخب، لأنه الحلقة السياسية بين الشعب والإدارة، وإلا كيف نفسر وصول الاحتجاجات إلى مبنى الرئاسة. من جهتها، ترى النائب عن ذات الكتلة سعودي يعلاوي دليلة أن الحديث عن فشل العهدة التشريعية الحالية غير مقبول، معتبرة أن وسائل الإعلام ساهمت أيضا في تعميم هذا الحكم.
على براهيمي (نائب عن ولاية البويرة) التحالف عطل آليات الرقابة والمعارضة لم تجتمع يوما للتنسيق يؤكد النائب علي ابراهيمي أن المسؤول الأول على فشل العهدة هو إطار وظروف ولادة هذه العهدة واللاديمقراطية التي تسير بها الأحزاب التي هي صورة عن نظام الحكم بمركزية ودكتاتورية القرار. ويشرح علي إبراهيمي كيف أن الأغلبية في البرلمان جاءت لفرض الجمود داخله، وتعطيل ميكانيزمات الرقابة وممارسة العمل التشريعي، حيث عملت الأغلبية حسبه على تجميد الصلاحية التشريعية، حيث أن هذه الأغلبية منعت 7 مبادرات خاصة به، وجمدت كذلك الرقابة والحريات، حيث رفض المجلس لجنة تحقيق على الحريات والحقوق والرشوة وكرست سياسة اللاعقاب، كما جمدت صلاحية الوساطة بين جهاز الدولة والمواطنين. واعتبر براهيمي بالمقابل أن للمعارضة أيضا مساهمة في تجميد العهدة البرلمانية، حيث أن هذه المعارضة لم تجتمع يوما للتنسيق فيما بينها ووضع أطر للتعاون، فيما أقصى الأرندي مثلا نوابا أمضوا على مبادرات مع أحزاب المعارضة.
معوش أحمد (الارندي): دافعنا عن برنامج الرئيس وحققنا إنجازات قيم النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي أحمد معوش العهدة التشريعية الحالية بالايجابية من خلال الكم الكبير من الأسئلة الشفوية والكتابية والقوانين والعمل الدبلوماسي. وقال النائب عن ولاية البويرة بأن دور البرلمان كان متوسطا، مشيرا إلى أن 90 بالمائة من 140 اقتراح للأرندي في تشريعيات 2007 تجسدت على أرض الواقع منها مثلا مجانية النقل لمرضى الجنوب ومرافقيهم، وأكد على أنه من الواجب أن يدافع عن برنامج الرئيس وبالتالي يجب عليه أن يقبل التشريع بأوامر رئاسية، معتبرا بأن ما أنجز في العهدة التشريعية الحالية ستنعكس نتائجه في المستقبل.
عبد القادر دريهم، رئيس كتلة الأفانا: العهدة "مسرحية سيئة الإخراج" والمجلس أداة بيد السلطة قال رئيس الكتلة البرلمانية للجبهة الوطنية الجزائرية عبد القادر دريهم إن تقييم أداء العهدة التشريعية يجب أن يكون من الجانب التشريعي ومن الجانب الرقابي، والمتمعن في الجانب التشريعي يرى أن المجلس لم يشرع شيئا بل شرع الصفر، بعد أن حاول بمشروع واحد وهو مشروع تجريم الاستعمار لكنه قبر، وكل القوانين جاءت من الحكومة. ومن الجانب الرقابي يرى دريهم أن المتعارف عليه هو أن يراقب البرلمان الحكومة لكن الذي حدث هو العكس، حيث هيمنت الحكومة على البرلمان وصار الوزراء لا يجيبون حتى على الأسئلة الشفوية وإذا أجابوا فبعد فترات تصل 4 سنوات، ومنهم من يرفض الإجابة أصلا، وتحولت العهدة حسب دريهم إلى مسرحية برلمانية والمجلس إلى مؤسسة لتمرير قوانين السلطة والحكومة.
محمد حديبي (حركة النهضة) مدلسي تكبّر على النواب الجزائريين وذهب "صاغرا" للبرلمان الفرنسي اعتبر النائب عن حركة النهضة أمحمد حديبي بأن العهدة الحالية ضعيفة وهزيلة لأن أحزاب الأغلبية نفسها مغلوب على أمرها، حيث غلبت إرادة التعيين والأوامر على إرادة التشريع، وعملت السلطة على خلق أحزاب تلعب على الوترين "المعارضة والأغلبية". وقال النائب حديبي بأن حكومة التحالف نفسها أهانت برلمان التحالف، وكيف بأن النواب شرعوا في مناقشة مخطط عمل الحكومة لعام 2008، لكن وعند فتح التقرير يجدون بأنه عبارة عن حصيلة للحكومة من 2004 إلى 2008، إضافة إلى أنه ومنذ 97 إلى اليوم مر 295 قانون عبر المجلس منها 7 أو 8 قوانين فقط جاءت من عند النواب والباقي من الحكومة. وتابع حديبي قائلا حتى الوزير الأول أحمد أويحيى وعدد من الوزراء صاروا يرفضون النزول للبرلمان للرد على أسئلة النواب ومنهم وزير الخارجية مراد مدلسي، إلا أنه قبل بالنزول أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية.
حسين خلدون (الافلان): البرلمان الحالي تشرف بفتح العهدات الرئاسية وإعطاء المرأة حقها السياسي قال النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني والرئيس السابق للجنة الشؤون القانونية، حسين خلدون بأن البرلمان الحالي كان له الشرف أن يعدل الدستور في 2008 الذي أتاح لبوتفليقة الترشح لعهدة ثالثة وكذلك أقر ترقية مشاركة المرأة في لا حياة السياسية. واعترف ممثل الأفلان بضعف النصوص المنظمة لعمل المجلس الشعبي الوطني، مشيرا إلى أن الأفلان نفسه طالب بمراجعة القانون الداخلي للمجلس، مشيرا إلى أن رئيس المجلس عبد العزيز زياري من الممكن أن يقدم حصيلة العهدة وجميع الأرقام المتعلقة بها. وبخصوص عجز البرلمان الحالي على تمرير قانون تجريم الاستعمار قال حسين خلدون بأن المبادرة لم تمت ولم يتم وأدها، وإجرائيا المبادرة ما زالت قائمة، وسيتشاور البرلمان القادم والحكومة على موعد مناقشتها، لأنه يجب ألا يطوى هذا الملف.