كتب تروتسكي في الثلاثينيات “التاريخ بطيء وقاس”، ونحن نلاحظ ذلك كل صباح عند قراءة الجرائد أو الاستماع إلى الإذاعات، وكأن كل هذه الأخبار العفنة والعنيفة لا تدر علينا إلا الموت والعذاب والألم الضار المتوقع في أجساد الأطفال والبنات القاصرات (1600 قاصر تحت سطوة شهوة الرجال في باكستان و200 طفل فلسطيني أسروا في إسرائيل في شهر فيفري). سمعنا كذلك بالمسيرات العظيمة التي قام بها مواطنونا الأبرار في كل أنحاء الصحراء الجزائرية، للتعبير عن رفضهم “عملية” الغاز الصخري، وقد نجح هؤلاء المواطنون الأبرار بعد أن تراجعت الحكومة الإدارية والسلطة السياسية عن القيام بهذه العملية الشنيعة. وكتبت الصحف الجزائرية أن قطر هي التي فازت بعقد البحث لاستخراج الذهب الجزائري في الصحراء الجزائرية، كأن هذه الإمارة الصغيرة والصغيرة جدا لم يكفها تمويل الإرهاب الإسلامي منذ البداية، وخاصة أثناء العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر. وكما كتب الصديق سعد بوعقبة في جريدة “الخبر” يوم 18 فيفري “إسلام قطر والسعودية يذبح المصريين (بعدما ذبح الجزائريين من سنة 1991 إلى سنة 2000)، في ليبيا بسيوف داعش، وطائرات أمريكا وإسرائيل تقصف إسلام داعش في ليبيا باسم الجيش المصريǃ وزير دفاع فرنسا يبارك للسيسي ضربة الجارة الليبية دفاعا عن النفس، وصونا لكرامة المصريين من اعتداء داعش، فرنسا هي التي بادرت بإدخال ليبيا في هذه الفوضى بمباركة قطر والسعودية ومساهمتهما في تمويل الناتو في الهجوم على ليبيا، والثورة الناتوية في ليبيا انتهت هي الأخرى إلى حالة اللادولة (حالة الفراغ والعدم والدم) ومكنت المليشيات من رقاب الناس. السفير المصري في الجزائر يقول في فضائية جزائرية خاصة، بالاسم: إن مصر لا تطلب الموافقة من الجزائر على ضرب ليبيا، وهو على حق.. متى كانت مصر تطلب من الجزائر أي موافقة كانت”. كما قرأنا في الصحافة الجزائرية هذه الأيام أن فرنسا “تعتمد على الجزائر لمحاربة الإرهاب، وأن فرنسا كذلك تعتزم بناء جامعات فرنسية (محضةǃǃ) في الجزائر، فرنسا التي يسميها الإنسان الجزائري الشعبي والمواطن فلان “العكري والعڤرب”، وكأنها بعدما دمرت ليبيا عن آخرها وأسست فيها العدم (2011) عادت إلى الوراء وأرادت إصلاح الوضع الذي “عكره” ساركوزي رئيس جمهوريتها آنذاك، فناطت المسؤولية بالجزائر (كالعادةǃǃ) إلى الجزائر “من يقتل من؟” وجزائر المجازر التي ارتكبها الجيش الوطني الشعبي (؟ǃǃ) دون سواه. وجزائر أنور هدام الذي يريد العودة إلى الوطن بعد التوبة والندم، هو الذي زكى مجزرة شارع عميروش في الجزائر العاصمة في صميم شهر رمضان، وقد نسيت فرنسا أن رئيسها هو الذي دمر ليبيا بمساعدة صديقه “الفيلسوف الكبير” والصهيوني القذر برنار هنري ليفي..إلخ. وقرأنا كذلك “scoop” حول قضية تهريب 400 مليار جزائري إلى سويسرا، وهذا ليس “سكوبا” وإنما شيئ عادي وعادي جدا، لأن الأموال تهرب من الجزائر إلى العالم بأسره في كل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية. توفي يوم الخميس 19 فيفري مالك علولة وهو أعظم شاعر فرانكفوني عرفته الجزائر، في صمت رهيب ولامبالاة رهيبة كذلك، وقد دفن في وهران “خفية”، لماذا؟ لأنه كان محتشما “وماعندوش لكتاف”، لذا كتب تروتسكي “أن التاريخ بطيء وقاس”. ملحوظة: قطر (للتذكير) اشترت أخيرا لوحة (GAUGUIN) تساوي قيمتها 300 مليون أورو.