أخيرا سيجتمع مجلس الوزراء بعد “لأي” لدراسة مسودة الدستور قبل تحويله إلى برلمان الحفافات للمصادقة عليه! الوزراء الذين سيجتمعون حول ملف الدستور سيكون موقفهم من مسودة الدستور مثل موقف الحفافات.. بل أقل من الحفافات ! لأن المسودة التي اعتمدها الرئيس وحوّلها إلى مجلس الوزراء لا تتطلب النقاش، بل تتطلب الموافقة.. ومن يفتح فمه من الوزراء بما لا يليق في حق المسودة، سيلقى به خارج مجلس الوزراء ! التطبيل لما قرره الرئيس وحاشيته وأحزاب التأييد والمساندة لمسودة الدستور، قبل أن تعلن، قد بدأ بالفعل على مستوى الحكومة والبرلمان... فالموافقة على محتوى الدستور باتت قائمة من طرف الوزراء والنواب، حتى قبل أن يعرفوا محتوى هذا الدستور؟! وفي ذلك دلالة على عدم جدية ما سيعرض على مجلس الوزراء وعلى البرلمان، ويفرض على الشعب بعد ذلك! - الدكتور محمد العربي ولد خليفة سبق النواب ومجلس الوزراء، ووافق على محتوى الدستور قبل أن يعرض على مجلس الوزراء وعلى البرلمان... فقال: إن الدستور الجديد فيه فصل حقيقي للسلطات... وهو أعظم انجاز في الدستور القادم لصالح الديمقراطية. والحقيقة أن الدستور القادم فيه روتوشات تضليلية في مسألة الفصل بين السلطات... فمثلا، عادت صيغة رئيس الحكومة عوض الوزير الأول ! ولسنا ندري لماذا عادت صيغة رئيس الحكومة من طرف الرئيس بوتفليقة بعد أن حذفها هو أيضا بالبرلمان الذي يطبل لهذه الصيغة. - وقالوا: إن رئيس الحكومة سيعيّن من الأغلبية البرلمانية.. وفي حالة وجود الرئيس من غير الأغلبية البرلمانية، يحصل التعايش بين رئيس الحكومة والرئيس! وهذه الصيغة منقولة حرفيا عن دستور الجنرال (ديغول سنة 1958)! ومادام التزوير ما يزال هو القوة السياسية الأولى في البلاد... فالرئيس سيكون من القوة السياسية نفسها لرئيس الحكومة والأغلبية البرلمانية! فأين الجديد إذن؟ - وقالوا أيضا: إن رئيس المجلس الأعلى للقضاء لن يكون رئيس الجمهورية، بل رئيس المحكمة العليا... أو ما شابه ذلك... لكن الرئيس هو الذي يعيّن رئيس المجلس الأعلى للقضاء، فأين الجديد إذن؟! - لا تغيير في الهيئة التشريعية على مستوى علاقتها بالحكومة والرئيس، وحق النواب في الرقابة على أعمال الجهاز التنفيذي والقضائي، وكذلك موضوع الحريات الفردية والجماعية كمعطى جديد في الرقابة على السلطات الثلاث.. فأين الجديد؟! - الطريف في الأمر، أن المادة 88 حذفت منها حكاية المانع بالمرض، لأن الرئيس لا يجب أن يمرض... وعادت المادة 74 إلى سابق عهدها، أي الرئاسة عهدتان فقط، ولم يقل لنا هؤلاء لماذا حذفها الرئيس سنة 2008 ويعيدها اليوم؟! لماذا لا توضع مادة في الدستور تمنع الرئيس من العبث بالدستور بهذا الشكل... الرئيس بوتفليقة فتح العهدات لنفسه وأغلقها لغيره... حتى يبقى هو الوحيد الذي ترأس الجزائر أطول مدة... ومن يدري قد يعمد الذي يأتي بعده إلى فتح العهدات مرة أخرى! - العبث الآخر الذي جاء في الدستور القادم هو تحويل اللغة الأمازيغية من وطنية إلى رسمية! وهذا يدل على وجود طعم انتخابي لأنصار الأمازيغية، ولكنه طعم ملغّم بحيث ينصص الدستور على أن الرسمية الأمازيغية تبقى مرهونة بالظروف، وهو تحايل واضح... وقد يكون هذا وراء موقف الأفافاس الأخير من السلطة.. الأكيد أن دستور الأزمة هو الآن يحضّر.