لم يصمد وقف إطلاق النار في شمال مالي طويلا، إذ سرعان ما تجددت المواجهة بين المعارضة الأزوادية المطالبة بالحكم الذاتي ومسلحين محسوبين على الحكومة. وجاءت هذه التطورات بعد أن غيرت تنسيقية حركات أزواد موقفها من اتفاق السلام، المنتظر التوقيع عليه في 15 ماي المقبل، معلنة الانضمام إلى الأطراف الموافقة عليه. نشرت التنسيقية بيانا، أمس، على موقعها، يذكر بأن “عناصر من الجيش المالي ومليشياته قامت، في وقت مبكر من صباح 27 أفريل الجاري، بشن هجوم عسكري على بلدة ميناكا (الشمال)، ما أدى إلى وقوع اشتباكات وحدوث مزيد من المعاناة لسكان البلدة”. وأوضح البيان أن “انتهاكات الحكومة المالية لوقف إطلاق النار تتفاقم منذ بداية مسار المفاوضات، وبشكل مستمر دون أن تتم إدانتها من قبل المجتمع الدولي ولا البعثة الدولية، بينما يتم تكثيف الضغوط من كل الجهات على منسقية الحركات الأزوادية للتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق الجزائر، المقترح في الفاتح مارس المنصرم”. وأضاف بيان التنسيقية: “تكمن خطورة هذا العدوان غير المقبول، في كونه يأتي بعد يوم من التزام تم تسليمه لرئيس البعثة الدولية والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، من طرف المنسقية، بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق في أقرب وقت ممكن”. وتضمن البيان جزئية هامة، تتعلق بموافقة التنسيقية على التوقيع على الاتفاق المرتقب بعد 16 يوما، ما يمثل تطورا لافتا في الأزمة. وحملت التنسيقية حكومة الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا مسؤولية “انتهاك شديد الخطورة لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقع بتاريخ 23 ماي 2014 بكيدال، وكذلك إعلان وقف الأعمال العدائية بتاريخ 24 جويلية 2014 بالجزائر العاصمة، الذي تم التأكيد عليه بتاريخ 19 فيفري 2015”. مشيرة إلى أن الحكومة “ستتحمل العواقب المترتبة عن مثل هذه الهجمات، ولن تتغاضى منسقية الحركات الأزوادية عن هذه الاعتداءات التي تمليها باماكو دون الرد عليها. كما لن يؤثر الموقف على التزام المنسقية بالبحث عن السلام”. ودعت الوساطة الدولية، التي تقودها الجزائر، إلى “إدانة هذه الأعمال”. ولم يشر بيان التنسيقية إلى حدوث خسائر بشرية نتيجة ما تسميه هجوما على البلدة التي تعد معقلا رئيسيا للحركة الوطنية لتحرير أزواد، المؤثرة في قرارات المعارضة التي كانت، حتى وقت قريب، رافضة التوقيع على اتفاق سلام ما لم يتضمن مطلب إقامة حكم ذاتي في مدن الشمال الخمس. من جهتها، أدانت الحكومة، في بيان، “التصعيد في أعمال العنف، في وقت تبذل جهود للتوصل إلى اتفاق سلام يعد الضامن الوحيد لعودة الاستقرار، واستئناف الأنشطة الخاصة بالتنمية”. ودعت الحكومة “كافة الأطراف إلى مضاعفة اليقظة، للحؤول دون أن تتمكن أعمال الاستفزاز من تقويض الجهود التي يبذلها مالي والوساطة الدولية، من أجل عودة السلم بصفة نهائية”. ورغم أن التنسيقية أعلنت، الأحد الماضي، بأنها ستتوجه إلى باماكو، يوم 15 ماي، للتوقيع على الاتفاق، فإن الناطق باسم التنظيم، موسى آغ الشرعاتومان، صرح لإذاعة محلية، أمس، أن تطبيق الاتفاق في الميدان مرهون بالتجاوب مع شروط التنسيقية المعروفة، التي رفضت الوساطة الجزائرية ضمها في وثيقة الاتفاق. ودعا المسؤول الأزوادي إلى بعث المفاوضات مع الحكومة بعد التوقيع، وهو ما سبق أن رفضه وزير الخارجية المالي الذي قال إن التفاوض من جديد يعني العودة بالمسار إلى نقطة البداية.