قال أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية التونسي، عماد الدائمي، إن تونس وصلت إلى دستور توافقي هو من أكثر الدساتير تقدمية في المنطقة. وأضاف، في حوار مع ”الخبر”، أن الاندماج التونسيالجزائري مرحلة أولى للاندماج المغاربي، معربا عن أمله في ”سياحة تضامنية” من قبل الجزائريين هذا الموسم. ما الذي تغير في تونس بعد انتخاب قايد السبسي ومغادرة منصف المرزوقي؟ دخلت تونس مرحلة الديمقراطية والحكم الديمقراطي في البلاد بعد الثورة وبعد انتخابات 2011 و2014 أيضا، ونحن الآن في مرحلة الديمقراطية والحكم الديمقراطي في البلاد، بما تحتويه من تحديات وإشكاليات، فنحن ديمقراطية ناشئة ولدينا الكثير من الصعوبات والمطبات في هذا المسار. فبعد الانتخابات الأخيرة كان هنالك أمل في دخول تونس مرحلة الاستقرار والتوجه إلى مرحلة الإصلاحات الكبرى في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، لكن ما حصل حقيقة أن الانتخابات أدخلتنا في مسار فيه الكثير من الهشاشة، باعتبار أن التحالف الحاكم الحالي هو تحالف التقى حول مصلحة وليس حول مشروع وطني مشترك، ويفتقد للانسجام وبالتالي لم يحصل الاستقرار المنشود الذي انتظره التونسيون، ولكنه يبقى في إطار المسار الديمقراطي الذي بلغناه بعد الثورة، والذي تحققت فيه خطوات مهمة في المرحلة التأسيسية وسيتواصل مستقبلا، رغم كل الصعوبات التي نمر بها. ومما تحقق في بلادنا هو الوصول إلى دستور توافقي، وهو ربما من أكثر الدساتير تقدمية في المنطقة بصفة عامة، هذا الدستور الذي حمل معالم مشروع مجتمع مشترك يلتف حوله الغالبية العظمى من التونسيين، كما تحقق من المرحلة الانتقالية تكريس لمناخ الحريات، ولكن بالمقابل هنالك العديد من الأهداف التي قامت من أجلها الثورة لم تتحقق بعد في تونس. ماذا تقصدون بالقول إن التحالف التقى على مصلحة؟ التحالف الحاكم كان تحالفا عن واقع، لأن الأطراف المشاركة فيه أكدت في حملتها الانتخابية على مهاجمة أطراف موجودة معها في نفس التحالف، فقد كان من بين أهم شعارات حركة ”نداء تونس” التصدي لمشروع النهضة، ولذلك الحكومة الحالية فاقدة للانسجام، ولبرنامج مشترك وللدعم الشعبي، بما فيها الأحزاب الموجودة داخلها. ما هي تقديراتكم للمخاطر التي تمثلها الجماعات المسلحة في تونس خاصة على قطاع السياحة؟ الخطر الإرهابي على تونس ليس وهميا، والمجموعات الإرهابية الموجودة في بلادنا موجودة منذ عهد الديكتاتورية، لكن هذه الأخيرة كانت تغطي عليها بغطاء سميك على المستويين الأمني والإعلامي، وبالتالي نحن نتعامل مع ظاهرة حقيقية تستوجب استراتيجية شاملة للتصدي لها. وقد كانت هنالك في مرحلة من المراحل، ومازالت، نظرة أحادية في نظر بعض الأحزاب، بما في ذلك الأحزاب الموجودة في الحكم، تقضي بأن مواجهة الظاهرة تتم عبر التصدي الأمني فقط، ونحن نعتبر بأنه بقدر ما يجب أن يكون التصدي الأمني حازما بقدر ما يجب أن تكون المعالجة فكرية وتربوية وثقافية واقتصادية واجتماعية أيضا من ناحية. ومن ناحية أخرى، نعتبر أن الخطر الإرهابي ليس على تونس فقط بل على المنطقة، لأنه خطر معلوم جاءنا من الخارج وبفكر غريب على المنهج الوسطي السني الموجود في تونس وفي المغرب العربي بصفة عامة، وهذا الخطر يهددنا كما يهدد الجزائر وليبيا. أفهم أن هذا هو سبب تواجدك في الجزائر؟ التصدي لهذا الخطر لا يمكن أن يكون ضمن حدودنا فقط، وإنما يكون بتعاون على جميع المستويات مع الشقيقة الجزائر أساسا، وهذا من بين أهداف زيارتي، إذ رغم وجودنا كحزب مؤتمر خارج منظومة الحكم الآن، لكننا ندعم ونرعى التعاون التونسيالجزائري من أجل التصدي لهذا الخطر الموجود أساسا على الحدود بين بلدينا، إلى جانب المزيد من التنسيق لحل الأزمة في ليبيا، الذي يساهم في حماية حدود بلدينا من الخطر الإرهابي الكبير الموجود على التراب الليبي. كما أننا نود ربط علاقات صداقة وأخوة مع عدد من الفاعلين السياسيين الجزائريين، ونأمل حقيقة في تكريس الدبلوماسية البرلمانية، باعتباري نائبا في البرلمان التونسي، ودبلوماسية المجتمع المدني، لأني أعتقد أن العلاقة بين الجزائروتونس أكبر من مجرد علاقة بين حكومتين، بل هي علاقة بين مجتمعين مدنيين متقاربين وما بين قوى سياسية تلتقي في كثير من النقاط المشتركة، وبين شعبين يجمع ما بينهما إرث وتاريخ مشترك ومستقبل مشترك أيضا، ونحن في حزب المؤتمر والدكتور منصف المرزوقي رئيسه الشرفي نؤمن بالوحدة المغاربية. هل ترون أن هنالك إمكانات لتوسيع نطاق التعاون لاسيما أن البلدين وقّعا مؤخرا على اتفاق تبادل حر؟ العلاقات مدعوة إلى تدعيم، هي علاقات جيدة بطبعها لكننا نأمل في أن تتطور في وقت سريع بصورة أفضل، وأهم محاور التطور تطبيق الاتفاقيات العديدة التي وقّعت بين البلدين والتي تكفل نقل العلاقات إلى درجة أعلى بكثير، فهنالك اتفاقيات كثيرة تنتظر التطبيق الآن، من بينها اتفاقيات تتضمن تنمية المناطق الحدودية بين البلدين، وتشمل أيضا إقامة سوق حرة بين البلدين ومناطق لوجستية وصناعية مشتركة. نعتقد أن الاندماج التونسيالجزائري كمرحلة أولى للاندماج المغاربي يمكن أن يربح الجزائر نقطة أو نقطتين في النمو في بلدينا، ونأمل في أن يهب أشقاؤنا الجزائريون هذه الصائفة من أجل إنجاح الموسم السياحي وتعلمون أهمية القطاع في الاقتصاد التونسي، نحتاج إلى سياحة تضامنية من الجزائريين الذين سيكون مرحبا بهم كالعادة. ألا تخشى امتدادات ما يحدث في ليبيا على تونس؟ الموقف الرسمي التونسي كان فيه الكثير من الترتيبات حول الوضع الليبي الذي يتسم بالكثير من التعقيد، ونعتبر أن الموقف الجزائري تميز بالكثير من الاتزان وكان بعيدا عن الانحياز، والجزائر تأوي حاليا جزءا من المحادثات والحوار الليبي. نحن كمعارضة دعونا حكومتنا إلى موقف محايد يبتعد بالدبلوماسية التونسية عن التموقع في صراع المحاور الإقليمية الكبرى حول الشأن الليبي، ويقترب من الموقف الجزائري من أجل الدفع بالمصالحة الليبية، ومن أجل تجنيب ليبيا هذا الصراع الإقليمي الدامي الذي يعرقل توصل الليبيين إلى حل وتكوين حكومة وحدة وطنية، والخروج من الأزمة التي توجد فيها ليبيا، ونعتبر أن الموقف التونسي بدأ يتجه أكثر إلى الحياد ويقترب من الجزائري، وما نأمله هو مزيد من التنسيق المغاربي الذي نعتبره الإطار الوحيد الكفيل بتحقيق مصالحة ليبية ليبية، ليست فيها أي أهداف أو مطامع إقليمية من طرف لوبيات أو جهات إقليمية أو دولية.