النظام البيئي للصيرفة الاسلامية بالجزائر مقبل على مزيد من التطور مع إطلاق الصكوك    تجارة: اعتماد استراتيجية رقمية شاملة لإرساء نظام معلوماتي متكامل    اليوم العالمي للمياه: تثمين الأشواط المحققة لتعزيز الأمن المائي الوطني    لقاء بالجزائر العاصمة حول العبر المستخلصة من يوم النصر (19 مارس 1962)    المديرية العامة للغابات تسلم أكثر من 26 ألف رخصة    السد الأخضر: مشروع إعادة التأهيل يتقدم بخطى كبيرة    ورقلة: اختتام فعاليات الطبعة ال12 للمهرجان الثقافي المحلي للإنشاد بتكريم الفائزين    اختتام ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري    مراد يشرف من قسنطينة على الإطلاق الرسمي للمنصة الرقمية "استمارة الخدمة الشرطية "    المسيلة : مسجد "النخلة" ببوسعادة … منارة علمية ضاربة في عمق التاريخ    فرنسا: روتايو ينتمي إلى تيار من اليمين لم يتجرع أبدا انتزاع الجزائر استقلالها بنفسها    ربيقة يشارك في مراسم إحياء عيد استقلال جمهورية ناميبيا وتنصيب الرئيسة المنتخبة    متحف المجاهد بباتنة … حافظ للذاكرة الوطنية وتاريخ الجزائر المجيد    ثروة في الغابات    بوغالي يواسي    مجلس الأمن: الجزائر تؤكد على ضرورة العودة الى وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ جميع مراحل الاتفاق    كرة القدم /مونديال-2026 - تصفيات: تصريحات مدرب المنتخب الجزائري و اللاعب يوسف بلايلي    مونديال 2026 /تصفيات/ بوتسوانا-الجزائر (1-3): فوز ثمين ومهم للمنتخب الوطني    مونديال-2026 - تصفيات: المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا 3-1    إسبانيا : اعتقال أربعة أشخاص جدد في قضية "نفق تهريب المخدرات" من المغرب    المغرب: تنظيم يوم احتجاجي غدا السبت ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني    فلسطين : الاحتلال الصهيوني ارتكب جرائم حرب في مستشفيات غزة    افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بالجزائر العاصمة    مطاعم الرحمة.. موائد مبسوطة لعابري السبيل في رمضان    غزّة.. الهروب من الموت إلى الموت!    رقم الأعمال يرتفع ب15 بالمائة    5 معطيات تنسف مزاعم روتايو    الوالي يعاين أشغال مشروع إزالة التلوّث من وادي الرغاية    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    مخططات مغرضة تستهدف الجزائر    الجزائر وتونس تُنسّقان لتأمين الحدود    وزير الاتصال ينظم مأدبة افطار لفائدة الأسرة الإعلامية الوطنية    الجزائر تُحضّر لإطلاق الجيل الخامس للنقّال    الوادي : تشييع جثمان شهيد الواجب الوطني الطيار المقدم نصر بكوش بمقبرة سيدي يوسف    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفية بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    اليوم الدولي للغابات: تنظيم حملات للتشجير والتحسيس حول الحفاظ على الثروة الغابية بغرب الوطن    نحو إدراج التراث الأثري لمدينة تبسة ضمن القائمة الإرشادية للتراث العالمي بالجزائر    وفاة الصحفية السابقة بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    حشيشي يؤكد على ضرورة الالتزام بآجال المشروع الجديد لضغط الغاز بغرد النص    خطوات جديدة لمرافقة وترقية الاستثمار    اختبار صعب ل"الخضر" في طريق التأهل لمونديال 2026    نجوم في بيت الفن والسمر    بوقرة يستنجد بمجادل وكعسيس لتدعيم التعداد    "بريد الجزائر" يطلق صفحة خاصة بتطبيق "بريدي موب"    المسموح والممنوع في الخدمات الرقمية نحو الخارج    7 متنافسين على المقعد الرياضي الأكثر نفوذا    مهرجان للإنشاد والمديح بسكيكدة    الخضر يبحثون عن الفوز للاقتراب من المونديال    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    الحويني في ذمة الله    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    هذا موعد أول رحلة حج    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على ماذا تربّى العرب؟
نشر في الخبر يوم 30 - 01 - 2014


يقول المفكّر الفرنسي أندريه مالرو: "إنّ القرن الواحد والعشرين سيكون روحيا (بمعنى دينيا) أو لا يكون"، ويقصد مالرو أنّ العالم الذي كان يمرّ حينها بحقبة تطّور الإيديولوجيات وانتشارها سيتغيّر ليعود إلى ما كان عليه قبل هذه الحقبة في دورة حياة عادية. ولكن يقول الفيلسوف الألماني كارل ماركس: "إنّ الأحداث التاريخية الكبرى.. تقع مرّتين: المرّة الأولى كمأساة والمرّة الثانية كمهزلة"، وقد صدق الاثنان في ما زعما. ولو دقّقنا النظر في عالمنا العربي لوجدنا أنّه يدور في حلقة مفرغة، وأنّه غرق في متاهة لا مخرج منها. لقد كنا نعيش تحت ظلم سفّاحين استحوذوا على مقاليد الحكم في عالمنا العربي تحت شعارات فارغة لكنها كانت جذّابة، هي شعارات لم يكن يعي المواطن العربي معناها، وظلّ يرددّها ويؤمن بها بسذاجة وجهل. ثمّ حلّ علينا الفرج (كان هذا اعتقادنا) فسقطت الأنظمة في تونس ومصر واليمن وليبيا، ولن يطول الأمر بالسوري فلكلّ شيء نهاية، فصبرا أهل سوريا، إنّها لكم وأنتم وارثوها. لكن، لنعد إلى الوراء ونحاول التعرّف على مصدر الشرّ الذي يعصف بالبلاد العربية ويشتّتها دون رحمة ويفتك بها شرّ فتكة. كانت الأنظمة العربية الحاكمة المستبدّة قائمة على إيديولوجية القومية التقدّمية، وهي تلفيق لا أساس له من الصحّة، إذ لم تمض عشر سنوات من حكمها، حتّى ظهرت على حقيقتها، ففريقا قتلت وفريقا عذّبت وثالثا شرّدت، وأصبح شعارها "الثراء لي والتجويع لشعبي"، وأصبح الرؤساء أشبه بالملوك الجائرة التي استأسدت في بعض البلدان العربية الأخرى. وقد قامت الأنظمة العربية الفاسدة عن بكرة أبيها من المغرب إلى الشام بتكوين طبقة مهمّتها "تربية" سواد الشعب على الخوف من الحاكم والإيمان به ك«مكتوب وقدر" لا مفرّ منه، فاستكانت الشعوب العربية وخضعت للحاكم الذي صوّر على أنّه مخلّص الأمة ومحييها، وأنّ غيره لا يمكن أن يقوم مقامه، وهكذا شربت النخب العربية من هذه الكأس حتى ثملت وأغوت المواطنين البسطاء فحذوا حذوهم، وأصبحت المجتمعات العربية منقسمة انقسامات عدّة أملاها التاريخ والجغرافيا والمصالح، أو كلّ هذه المفاهيم كلها مجتمعة، فالتاريخ والجغرافيا "حتّم" على الشيعة أن يساندوا ويدعموا النظام السوري القاتل الظالم لأنّه شيعي، و«حتّم" على دول الخليج مساندة الأسرة الحاكمة في البحرين رغم أنّها أقصت الشيعة من المشاركة في السلطة، و«حتّم" على الليبين مساندة عشيراتهم التي ينتمون إليها ضدّ مصالح الوطن الوحدوية. أمّا الذين قسّمتهم المصالح فإننا نجدهم في مصر وتونس والجزائر وغيرها من البلدان العربية، فقد استفحلت في هذه البلدان ظاهرة قديمة قدم الإنسانية، وهي إقصاء المخالف للرأي وتصويره على أنّه إبليس لبس ثوبا إنسيا. وقد رأينا كيف أنّ العلمانيين أو الذين يسمون أنفسهم "الديمقراطيين" يرفضون رفضا قاطعا حتى الجلوس على طاولة الحوار مع التيارات الإسلاموية، وهذا عين الجبن، ففي رأيهم "الإسلامويون" رمز التخلّف وأنّهم طالبان بلدهم وبالتالي لا يمكن أن نثق فيهم، واعتقادي أنّ هؤلاء "الديمقراطيين التقدميين" على تخلّف وانحطاط لا مثيل له، فهم ليسوا بأحسن من المتشدّدين الإسلامويين الذين يرفضون حتى مصافحة النساء، غلوا في الدين لا أكثر، وهذه العقلية المتحجّرة عزّزت مواقف الإسلامويين وأخذوها بقوّة لصد "حقد" "الديمقراطيين"، وقبع كلّ فريق في مكانه لا يريد التنازل عن مواقفه فتخلّف الوطن وظهر الإرهاب نتيجة هذا الإقصاء والإلغاء للآخر دون حجّة. وإن كان عرّابو البعثية القومية العربية لا يزالون يحذّرون من شرّ الفرق الأخرى "الضالة" (وهي إسلامية في معظمها، فالإقصاء يؤدي إلى التشدّد واللجوء إلى التديّن عزاءً لحياة لم يرتق إليها، وهم لا علم لهم بالدين ولو علموا لتيقنوا أنّ الدين يسر وأنّ "خالق الناس بخلق حسن" أنزلت في حقّهم، لكن..)، فإنّهم مازالوا يصوّرن أنظمتهم التي ربّتهم على الظلم على أنّها الفريق الوحيد الخليق بالحكم والجدير بتسيير أمور العباد والبلاد. إنّ إلغاء كلّ فريق للفريق الآخر والفساد المستشري والظلم المنتشر والفقر المتفشي كلها أمور ومتلازمات أدت إلى هذا الاحتقان الموهن. وإن كنت قد تطرّقت في مقالات سابقة إلى ظلم الحاكم وتعفّن فكر المثقف العربي، فإنّي أكرّر ههنا أنّ المثقف العربي له من المسؤولية ما يجعله سببا فيما حدث ويحدث في عالمنا العربي. لقد صدق مالرو في مقولته، فقرننا هذا هو قرن الدين والتدّين وتسييس الدين أو تديين السياسة مع استبضاع (جعلها بضاعة) الشعوب العربية، كما أنّ ماركس لم يخطئ فإن كانت الحركات الإسلامية في القرن التاسع عشر قد أدّت إلى إحياء الهوية الدينية وتوعية الضمائر البشرية في الوطن العربي وإن كان لها أحيانا دور سلبي، فإنّ الحركات الحالية أضحت مهزلة وعرضة للسخرية لتفاهة المفاهيم التي تريد تجذيرها في مجتمعات ترنو إلى اللحاق بمصاف المجتمعات المتقدّمة، وهي تستعمل خطابات ذات مضامين مواربة وأفكار مقتضبة لابدّ من تأويلها في كل حين. وصدق مالرو لأنّها عودة التيارات الدينية إلى الواجهة، فعبثا يحاول العلمانيون إيقافهم أو اضطهادهم فعصر الاضطهاد قد ولّى. ولم يخطئ ماركس، فإن أعاد هؤلاء العلمانيون الكرّة فإنها المأساة لا محالة. نرجو أن يفهم الجميع من المتنافسين فوق برك الدّم أنّنا، نحن المواطنين البسطاء، نريد أن نعيش في هناء، نريد أن يكون لنا منصب عمل دائم، نريد أن يكون لنا مثوى قيّم، نريد أن نكون كما أمثالنا من البشر لا أكثر، إنّنا لا نريد مزايا، أتركونا نعيش وأعطونا حرّيتنا، وخذوا ما شئتم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.