تزامن ما يسمى بالثورات العربية و الحملات الشرسة للإساءة إلى أقدس مقدسات الأمة يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة هذا الترابط الممنهج بين النفاق الغربي لأمة التوحيد من المناداة بالديمقراطية إلى الإساءة إلى سيدها و رسولها و كريمها محمد صلى الله عليه و سلم فمنطق الإساءة هذا لم يكن وليد الساعة و انتفاضات الأمة لم تكن حدث اليوم فالدول الغربية المنافقة و المتعجرفة لم تتوقف في حربها القذرة ضد العرب و المسلمين للحظة واحدة و لنا في التاريخ ما يجعلنا نتوقف عند العديد من المحطات فمن الإمبراطورية البيزنطية إلى الإمبراطورية الرومانية إلى الحرب الصليبية مرورا بالحروب الاستعمارية و حتى يومنا هذا لم يتوقف مسلسل الاعتداء المادي و المعنوي على أمة التوحيد بوسائل و أساليب متعددة و مختلفة منها قنائن العسل المسموم و منها السم الخالص فهاته الشرذمة من الدول المعتوهة و التي تدعي كذبا و بهتانا نشر قيم الديمقراطية و حقوق الإنسان بشعوب و جيوش و زعماء غربيين لا محل لهم من الإنسانية و المبادئ البشرية سوى الزندقة و التجني و الكذب عن الآخرين . فهاهي العراق قد دمرت و فقدت أبسط كيانات الدولة بفضل ديمقراطية بوش التي قتلت مليونين من العراقيين تحت حصار ظالم ظاهره إسقاط النظام الصدامي و باطنه قتل الشعب و القضاء على الحرث و النسل و نشر الأمراض و تجريب كل أنواع الأسلحة القذرة و الحجة في ذلك انهاء الدكتاتورية و إرساء نظام جديد يعتمد على مبادئ العدالة و القانون و لكن المفارقة أن العراق لم يبعث من جديد في شكل دولة عصرية و مزدهرة بل عاد إلى التقهقر و التخلف و أصبح هذا البلد يعيش في فترة القرون الوسطى بحكام أكثر تسلطا و تعطشا للسلطة و تمسكا بالمناصب و الكراسي و هاهي الطائفية المقيتة تطفوا على الساحة ليقسم هذا البلد بين الشيعة و السنة و الكرد و التركمان و المسلمين و المسيحيين و القائمة تطول ليعيش هذا البلد سنون القتل و الدمار و الأحزان في كل مدينة و شارع و بيت . أما سوريا الجديدة فستكون أن استمر الحال على حاله دولة بدون شعب و لا عمران ,و قد تظم إلى فلسطين لتكون قطعة أرض شاغرة يتوسع فيها الصهاينة فقد أفادت التقارير الشبه رسمية أن حرب المؤامرة و الوكالة قد دمرت 2.4 مليون بناية و أن 20في المئة من الشعب السوري قد هجر إلى بلدان أخرى كرها أو طوعا و ان هاته الأرقام سترتفع مع استمرار المعارك بين القوات النظامية و من تسمي نفسها بالمعارضة مع فشل شبه مؤكد في مساعي المبعوث الاممي الإبراهيمي .و في ليبيا فإن الأمور أكثر تعقيدا لان الحرب كبدت هذا البلد أكثر من 400مليار دولار خسائر اقتصادية بفعل هجمات الثوار و قصف الناتو إضافة إلى القضاء على المنظومة العسكرية لهذا البلد حيث أصبحت الأسلحة تباع في الداخل بشكل عادي و تصدر نحو دول الجوار بالقطعة أو الجملة و لا يهم من يشتري المهم من يدفع و لا يهم إن كان رسميا و إرهابيا الشيء الذي حرك رمال دول الساحل الثابتة و جعل الاستقرار الأمني مهددا في كل دول الجوار . أما في مصر فبالرغم من الأناشيد الكاذبة و الأغاني الخيالية للإخوان المسلمين و الشباب بنجاح ما يسمونه بالثورة ضد نظام مبارك إلا أن واقع الحال يدل على أن الحكومة المنتخبة (لا تحكم) و أن الشعب الثائر لا يشارك لأن مصر أم الدنيا أراد لها الغرب أن تختزل في ساحة ضيقة اسمها ميدان التحرير و أن الدولة المصرية اختزلت في عشرات من الأمتار أما مصر الجغرافية و الشعب فهي تحت سيطرة العصابات و خارج نطاق قانون السلطة وفي تونس فان نتائج الثورة كانت كارثية حيث أن الرئيس المرزوقي يقبع في قصر قرطاج بدون صلاحيات و لا مهام واضحة فلا سلطة له و لا سلطان و أن حكومة الغنوشي لا تمتلك من المشاريع سوى الهراوات البوليسية في مكافحة المحتجين و المطالبين في كل المدن و القرى و الأرياف فتونس تحولت بفضل ما يسمى بالثورة إلى شعب مطالب و حكومة قامعة لتكون بذلك حلبة صراع كبيرة يتبارى فيها الجهاديون و الاصوليون و العلمانيون و الشعبويون و الرسميون .أما اليمن السعيد فقد غادرهم صالح ليأتيهم منصور بدولة مقسمة بين المرض و المجاعة و إرهاب القاعدة و فوضى الشارع و غياب القانون في مجتمع يمتلك من البنادق و الأسلحة ما لا يمتلكه أي شعب في العالم هاته هي ديمقراطية ساركوزي و اوباما و ليفي التي تريد الدول الغربية ترسيخها و دعمها و رعايتها و تحريض شبابها على الموت من اجلها و الشهادة لتحقيقها مستغلة كل الأساليب الدعائية الكاذبة و مسخرة كل الوسائل الخبيثة و الدنيئة و لكن المفارقة العجيبة تكمن في النفاق المفضوح لهذا الغرب إلا تدمير الشعوب و سرقة قدراتها و طاقاتها لتكون شعوبا فقيرة و متسولة تشحت قطع الخبز في الشوارع و تطلب الصدقة بمد اليد لان هذا الغرب لا و لن ينسى مجد أمة و تاريخا صنعه سيدها و كريمها و رسولها محمد صلى الله عليه و سلم الذي نشر مبادئ العدل و قيم حقوق الإنسان و حتى الحيوان و الطبيعة حينما كان هذا الغرب يعيش كالحيوانات المفترسة يأكل بعضه بعضا ويبتلع القوي الضعيف، قانونهم تحكمه الرذيلة و سوء الأخلاق فجاء الرسول الكريم ليغير التاريخ و يصلح الجغرافيا فتكونت الحضارة و تطور العمران و اخرج البشرية من الحيوانية إلى الإنسانية و هو ما يفسر حقيقة الحرب المزدوجة التي يشنها الغرب الحاقد من تدمير المنشآت المدنية و العمرانية لأمة الإسلام عن طريق الفوضى الداخلية و تحريض الشباب على إسقاط الأنظمة و في المقابل تدمير القيم و الهوية عن طريق وسائل الإعلام و الاتصال بنشر الرذيلة و الفاحشة و إشاعتها و تعميمها و تصديرها انتقاما من محمد صلى الله عليه و سلم ومن أمته التي اتبعته بصدق و قناعة بواسطة أفلام و رسومات تسيء إلى تاريخ و شخص سيدنا و هذا ما يجب أن يتنبه إليه شبابنا .