اجتمعت لجنة التحكيم التابعة للاتحادية الدولية لكرة القدم يوم 14 جانفي الماضي، بالعاصمة السويسرية زيوريخ، لاختيار الحكام الذين سيديرون مباريات مونديال البرازيل 2014، حيث تم ضبط قائمة ب25 ثلاثيا تحكيميا وثمانية ثنائي يمثلون 43 دولة في القارات الخمس. وكان الاختيار على الشكل الآتي: قارة آسيا (أربعة ثلاثي تحكيمي + ثنائي واحد) – إفريقيا (ثلاث ثلاثي تحكيمي + ثنائيين) – كونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى بحر الكاريبي ثلاث ثلاثي تحكيمي + ثنائيين) – أمريكا الجنوبية (خمسة ثلاثي تحكيمي + ثنائي واحد) - أوقيانوسيا (ثلاثي واحد + ثنائي واحد) – أوروبا (تسعة ثلاثي تحكيمي + ثنائي واحد). ومن أهم أسماء الحكام المعروفين عالميا ممن حملتهم القائمة النهائية للجنة ”الفيفا”، نجد الانجليزي هاوراد ويب والبرتغالي بيدرو بروينكا والإسباني كارلوس فيلاسكو كاربالو، في غياب الصفارة الفرنسية لأول مرة في تاريخ المونديال منذ دورة 1974، وذلك بسبب تراجع أداء الحكام الفرنسيين في مختلف المنافسات الأوروبية. حيمودي والبحريني نواف.. في مهمة رفع الراية التحكيمية العربية وستكون الصفارة العربية ممثلة في مونديال البرازيل 2014، بحكمين هما الجزائري جمال حيمودي والبحريني شكر الله نواف، وذلك بعد تألقهما الكبير وخطف الأنظار بأدائهما الجيد في كثير من المباريات الواعدة، سواء في المنافسات القارية أو الإقليمية، حيث نجح حيمودي من التتويج عن جدارة واستحقاق بلقب أحسن حكم في القارة الإفريقية لمرتين متتاليتين أما البحريني فقد استطاع في ظرف زمني وجيز بعد حصوله على الشارة الدولية من تقديم مستويات جيدة جعلته يدير كثير من المباريات الهامة، مثلما حصل في مونديال الشباب سنة 2011. وسيكون هدف الثنائي هو إدارة أكبر عدد من اللقاءات خاصة المتعلقة بالأدوار النهائية لتشريف التحكيم العربي والتأكيد أنه لا يقل مستوى عن الأوروبي. واستغل الحكمان الفترة الماضية للقيام بتربصات مغلقة الهدف منها رفع استعداداتهم، خاصة من الجانب البدني، لاسيما مع اقتراب موعد انطلاق العرس العالمي. الحكام العرب والعرس العالمي.. قصة طويلة و غريبة صنع كثير من الحكام العرب أسماءهم من ذهب في الأعراس الكروية العالمية على مر السنوات الماضية، ومن أهم هؤلاء نجد الحكم المغربي المرحوم سعيد بلقولة الذي يعد الأول عربيا وإفريقيا ممن أدار نهائي في كاس العالم، وكان ذلك في مونديال فرنسا سنة 1998 بين البلد المستضيف فرنسا أمام البرازيل وانتهى الموعد لصالح منتخب ”الديكة” بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل صفر. وبقية الأسماء العربية التي شاركت في المونديال، نجد الحكم المصري علي قنديل الذي نال شرف إدارة أول مباراة مونديالية في دورة سنة 1966 بإنكلترا في مواجهة كوريا الشمالية أمام الشيلي، وجددت الاتحادية الدولية الثقة في الحكم نفسه علي قنديل في مونديال المكسيك سنة 1970، حيث أدار آنذاك المباراة التقليدية بين المكسيك وسلفادور. ومثل العرب في مونديال 1974 حكم عربي وحيد، هو المصري مصطفى كامل محمود، الذي أدار مواجهة البلد المستضيف أمام المنتخب الاسترالي. وفي مونديال الأرجنتين سنة 1978 منال الحكم فاروق بوضو، شرف إدارة مباراة ألمانيا ضد المكسيك.. وتطور الحضور العربي أكثر في مونديال إسبانيا 1982، بتعيين ثلاثة حكام عرب وهم الجزائري بلعيد لاكارن الذي أدار مواجهة الأرجنتين أمام المجر، والحكم العربي الثاني هو البحريني يوسف الدوي الذي نال شرف إدارة لقاء المجر أمام السلفادور، وآخر حكم عربي هو الليبي يوسف الغول الذي أشرف على مواجهة الاتحاد السوفيتي أمام نيوزلندا. ”يد” مارادونا.. وصمة عار في جبين بناصر ويبقى تاريخ الكرة العالمية يتذكر دائما ما حصل في مونديال المكسيك سنة 1986، عندما نجح النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا من التسجيل بلمسة يد سحرية في مرمى المنتخب الانكليزي دون أن يعلن الحكم العربي التونسي بناصر أي مخالفة، وهو ما خلف الكثير من التعاليق على تلك اللقطة التاريخية التي لا تزال تتحدث عنها الأجيال باستمرار لأن الخطأ المرتكب من قبل الحكم التونسي لا يغتفر، لأنه ساهم في تحديد النتيجة النهائية لتلك المباراة. وعرفت تلك الدورة أيضا مشاركة الحكم السوري جمال الشريف الذي يشغل حاليا منصب محلل في قناة ”بيين سبورت”، حيث أدار مباراتين جمعت الأولى المنتخب الكندي أمام المجر والثانية بين انكلترا أمام البارغواي. أما الحكم السعودي، فلاح نشاز، فقد اكتفى بإدارة لقاء وحيد بين بلغاريا أمام كوريا الجنوبية.ومثل البذلة السوداء العربية في مونديال سنة 1990، بدولة إيطاليا حكمان عربيان يتقدمهما السوري جمال الشريف الذي أدار مباراة وحيدة بين منتخب الولاياتالمتحدة الأمريكية أمام المنتخب النمساوي، والحكم الثاني هو التونسي ناجي الجويني الذي أشرف هو الآخر على مباراة واحدة في الدورة جمعت البرازيل أمام كوستاريكا. وتطور عدد الحكام العرب في الدورة الموالية التي جرت سنة 1994، بالولاياتالمتحدة الأمريكية إلى ثلاثة، يتقدمهم السوري جمال الشريف الذي أدار ثلاث مباريات كاملة في الدورة واستطاع رفع عدده الشخصي من مباريات المونديال إلى ست، والحكم الثاني هو التونسي ناجي الجويني الذي أشرف على إدارة مباراتين، الأولى جمعت سويسرا أمام النمسا والثانية بلغاريا أمام الأرجنتين، وسطع في هذه الدورة نجم الحكم الإماراتي علي بوجسيم الذي أدار بنجاح اللقاء الترتيبي بين السويد ضد بلغاريا. وكانت دورة فرنسا سنة 1998 ”عربية” بامتياز بعد اختيار أربعة حكام دفعة واحدة لإدارة بعض من مباريات ”المونديال”، وهم السعودي عبد الرحمان الزيد والمصري جمال الغندور والإماراتي علي بوجسيم والمغربي سعيد بلقولة، حيث اختارت ”الفيفا” الإماراتي بوجسيم لإدارة المباراة الواعدة في نصف النهائي بين البرازيل أمام هولندا، قبل أن يقع اختيارها على المغربي سعيد بلقولة الذي يعد أول حكم عربي وإفريقي في آن واحد يدير نهائي ”المونديال”. ولم يختلف الحال كثيرا في مونديال 2002 المنظم في دولتي اليابانوكوريا الجنوبية بعد اختيار خمسة حكام عرب، وهم الإماراتي علي بوجسيم الذي نال شرف إدارة اللقاء الافتتاحي بين فرنسا والسنغال، والحكم الثاني الكويتي سعد كميل الذي عين لإدارة اللقاء الترتيبي بين المنتخب التركي والكوري الجنوبي، والثالث هو التونسي مراد الدعمي الذي اكتفى بإدارة لقاء واحد بين الإكوادور والمكسيك، وهو الأمر نفسه بالنسبة للحكم المغربي الكزاز في مواجهة إسبانيا أمام سلوفينيا، والحكم الأخير هو المصري جمال الغندور الذي أدار لقاء المنتخب الإسباني أمام المنتخب الكوري الجنوبي في الدور الثاني. وتقلص حضور الحكام العرب في مونديال 2006 بألمانيا من خمسة إلى حكم واحد، هو المصري جمال عبد الفتاح، والتمثيل العربي في الدورة الماضية التي جرت في جنوب إفريقيا سنة 2010 لأول مرة في القارة السمراء، كان اثنين هما السعودي خليل الغامدي والجزائري محمد بنوزة. الحكم الدولي السابق سليم أوساسي ل”الخبر” ” نقطة قوة حيمودي تكمن في الصرامة” قال الحكم الجزائري الدولي السابق، سليم أوساسي، في تصريح ل”الخبر”، إنه ليس متخوفا من الأداء الذي سيظهر به جمال حيمودي في مباريات مونديال البرازيل 2014، وذلك من خلال إشارته إلى أنه على يقين بنجاح ابن مدينة غليزان في تشريف الصفارة الجزائرية والعربية والإفريقية. وقال أوساسي ”تتويج حيمودي في مرتين متتاليتين بلقب أحسن حكم في إفريقيا لم يكن ضربة حظ، وإنما باجتهاد كبير من جانبه في السنوات الماضية وتطويره لمستواه بشكل رائع”. وعن نقاط قوة الحكم حيمودي، أضاف محدثنا بأنها تكمن أولا في الصرامة الكبيرة عند تطبيق القوانين والشخصية القوية في مخاطبة اللاعبين فوق الميدان، مع تمتعه بإمكانات بدنية جيدة. وعن رأيه حول الأداء المنتظر من الحكام في المونديال المنتظر، فإن أوساسي استبعد حدوث الأخطاء الفادحة التي تكون سببا في تحديد نتائج المباريات بعد التطور الكبير في أداء التحكيم العالمي بفضل الدورات المنظمة بصورة دورية من قبل مختلف الهيئات القارية والإقليمية، وتحدث أيضا بأن الكثيرين يجهلون المستوى الكبير الذي يتمتع به التحكيم البرازيلي، وذلك من خلال قوله: ”كثير من الحكام البرازيليين أداروا المباريات النهائية للمونديال عندما لا يكون بلدهم الأصلي طرفا فيها”، مضيفا ”البرازيل ليست قوية فقط في منتخبها، بل أيضا في حكامها، بدليل تعيين عدد منهم منذ سنوات طويلة لإدارة أهم المباريات في المونديال، وبالأخص النهائيات”.