يجلس قادة 52 حزبا سياسيا من بين 64 حزبا وجهت لهم الدعوة، و30 شخصية من بين 36، ومنظمات وجمعيات وطنية وأستاذة، إلى طاولة أحمد أويحيى مدير ديوان رئيس الجمهورية، لطرح تصوراتهم حيال مسودة التعديلات الدستورية التي طرحتها لجنة عزوز كردون، وكشفت عنها رئاسة الجمهورية قبل أسبوعين. وستبدأ المشاورات مع قادة 8 أحزاب و9 شخصيات سياسية ورئيس كتلة الثلث الرئاسي بمجلس الأمة ومنظمتين وطنيتين، في الفترة الممتدة بين الفاتح إلى 5 جوان، في حين يبدو الشارع الجزائري غير مكترث بأخبار المراجعة والمشاورات، ما دفع البعض إلى التعليق بالقول ”عقول السياسيين عند أويحيى، وقلوب الجزائريين عند حاليلوزيتش”، نظرا لانشغال الجزء الأكبر من الجزائريين بأخبار المنتخب الوطني واستعداداته لمونديال البرازيل. وخلافا لما جرت عليه أطوار مشاورات لجنة عبد القادر بن صالح صائفة 2011، فإن الإعلام الخاص غير معني بتغطية تصريحات الفعاليات المتشاور معها في إطار هيئة أحمد أويحيى، وتقتصر نقل تصريحات المعنيين على الإعلام العمومي فقط، وتطرح تساؤلات حول هذا التقييد وخلفياته، بينما أقرت رئاسة الجمهورية في بيان لها الأربعاء المنصرم أنه يحق لكل حزب أو شخصية سياسية عقد ندوة صحفية خاصة، بحيث يمكنها دعوة الصحف والقنوات التلفزيونية الخاصة لكشف فحوى مشاوراتها مع أحمد أويحيى. وشكلت مشاورات تعديل الدستور ”الشعرة التي قسمت ظهر البعير” في علاقة السلطة بالمعارضة التي كانت متوترة أصلا منذ ما قبل رئاسيات 17 أفريل، وأفرزت هذه العلاقة إعلان 12 حزبا مقاطعة المشاورات، ويتقدم المقاطعين تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي التي تحضر لعقد ندوتها الوطنية يوم 10 جوان، بالموازاة مع جلسات دستورية لأحمد أويحيى، أكثر ما لفتت الانتباه خلوها من 3 مترشحين للرئاسيات الفارطة، ويتعلق الأمر بكل من علي بن فليس وفوزي رباعين وموسى تواتي، بينما يشارك كل من لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال وعبد العزيز بلعيد رئيس”جبهة المستقبل، في حين ينحو كل من مولود حمروش رئيس الحكومة الأسبق الذي أثارت مواقفه من العهدة الرابعة لبوتفليقة جدالا واسعا، وكذلك الجنرال المتقاعد خالد نزار السائر في الاتجاه ذاته. واللافت أيضا أن جزءا من أحزاب ”قطب التغيير” الذي ينسق بين أطرافه علي بن فليس، قرر المشاركة في المشاورات، ومع أن لكل حزب كامل الحرية في اتخاذ ما يناسبه من موقف، إلا أن الأحزاب المشاركة في المشاورات ضمن هذا القطب كانت إلى وقت قريب ترفض كل ما تتخذه السلطة من قرارات، خاصة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي رفعت فيها مطالب للمعارضة وبينها الأحزاب المعنية، وقد أدارت السلطة لها ظهرها، لكن قادة تلك الأحزاب لم تجد حرجا في الجلوس إلى طاولة أويحيى. وتعد المراجعة الدستورية التي يشرع فيها اليوم السادسة في تاريخ الجزائر المستقلة ضمن 7 دساتير، حيث أقر المجلس التأسيسي مباشرة بعد الاستقلال سنة 63 دستورا للدولة، عدله لاحقا الراحل الرئيس هواري بومدين عام 76، ثم جاء الرئيس الشاذلي بن جديد ليقر دستور التعددية عام 89 بعد أحداث أكتوبر 88، وبعده أقر الرئيس السابق اليامين زروال دستور 96 في خضم الأزمة الدموية التي اندلعت في البلاد، وهو دستور تعرض لانتقادات شديدة من قبل الرئيس بوتفليقة ووعد بمراجعته، إلا أنه قام بلمسات طالت دسترة الأمازيغية لغة وطنية عام 2002، بعد أحداث القبائل (أفريل 2001) كما عمد بوتفليقة إلى ”مراجعة” أخرى للدستور طالت فتح العهدات الرئاسية يوم 12 نوفمبر 2008، وبموجبها تمكن من الترشح لعهدة ثالثة ثم رابعة، قبل أن يقرر تعديلات وصفت بالمعمقة في 2014، فتحت بشأنها مشاورات تبدأ اليوم.