لا تزال الملايير من العملة الصعبة الجزائرية تهرب إلى البنوك الأجنبية وخاصة منها الأوروبية، في ظل عجز الحكومات الجزائرية المتعاقبة عن صد الضالعين في ملفات تهريب أموال الجزائريين، رغم استنفارها وتشديد الرقابة برا وبحرا، لتستورد الجزائر حجارة جمعت من شوارع شنغهاي، وتدخل ميناء الجزائر لترمى بأرصفته مقابل الملايين من الدولارات، ثم رمال عبئت بحاويات تم حجزها وعتاد قديم دون أي قيمة تجارية، والقائمة طويلة في انتظار وضع حد لنزيف العملة الصعبة نحو الخارج. وكشفت مصادر مطلعة ل“الخبر” عن اهتداء مهربي العملة الصعبة إلى حيلة جديدة مكنتهم من التحايل على السلطات العمومية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواد ومنتجات تحدد أسعارها على مستوى مختلف بورصات العالم، وذلك بتقديم تصريحات جمركية لا تعكس السعر الحقيقي للمنتج والمتداول في البورصات، وذلك بتضخيم قيمة فواتير الشراء للتمكن، وبطريقة قانونية عن طريق تحويل العملة الصعبة من البنوك الوطنية، من الإبقاء على حصة الأسد منها في البنوك الأجنبية، خاصة منها الأوروبية والصينية. في هذا الإطار، قالت ذات المصادر إن الأمر يتعلق هذه المرة بمادة الأرز التي انخفض سعر الطن منها خلال الأشهر الماضية في البورصات الدولية إلى ما بين 400 و500 أورو، ليقوم مهربو العملة الصعبة من مستوردي الأرز في الجزائر بتقديم فواتير يتضاعف فيه سعر الطن بأكثر من 10 مرات ويتجاوز بذلك 4500 أورو للطن الواحد. وفي اتصال ل “الخبر” بالمدير العام للرقابة اللاحقة الرق بن اعمر، لم ينف هذا المسؤول وقائع التصريحات الكاذبة التي اكتشفتها مديريته، والتي تبين من خلالها قيام عدد من المستوردين بتقديم تصريحات جمركية كاذبة تعتمد على سعر محدد لمادة الأرز، تفطنت مصالح الرقابة البعدية إلى تجاوزه السعر المعتمد في البورصات العالمية بكثير. وعن نفس القضية، كشف ذات المسؤول بأن التحقيقات جارية، حيث ستطال العشرات من المستوردين بعد أن تم حجز حوالي 70 حاوية من الأرز الصيني الذي كان سيغزو الأسواق الوطنية خلال شهر رمضان، ليقوم أصحابه باحتكار السوق بعد أن تم تهريب مبالغ باهظة من العملة الصعبة نحو الخارج، يقول عمر الرق. وأكد ذات المسؤول بأن مصالح مديريته “ستكون بالمرصاد أمام مهربي العملة الصعبة، معتبرا أن الظاهرة خطيرة بالنظر إلى انعكاساتها السلبية على الاقتصاد الوطني”. ويلاحظ أن مظاهر التصريحات الكاذبة والتدليس والغش تتعدد خلال السنوات الماضية، على خلفية الارتفاع المتواصل لقيمة الواردات الإجمالية للسلع والبضائع في الجزائر.