قال اللّه تعالى: {شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس وبيّنات من الهُدى والفرقان فمَن شَهِد منكم الشّهر فليصمه ومَن كان مريضًا أو على سفر فعدّة من أيّام أخَر يريد اللّه بكم اليسر ولا يُريد بكم العسر ولتكملوا العدّة ولتكَبِّروا اللّه على ما هداكم ولعلّكم تشكرون} البقرة:185، هذا الشهر المبارك موسم عظيم للخير والبركة والعبادة والطاعة. وروى أحمد بسند حسن أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك افترض اللّه عليكم صيامه يفتح فيه أبواب الجنّة ويغلق فيه أبواب الجحيم وتُغَل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم”، وفي الصحيحين قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم. وسلسلت الشياطين وفتحت أبواب الجنّة”. لقد رغّبت السُنّة النّبويّة الشّريفة في التأهّب والاستعداد لقدوم شهر رمضان المبارك قبل استهلاله، لأنّه من تعظيم شعائر اللّه القائل: {ذلك ومَن يُعظِّم شعائر اللّه فإنّها من تقوى القلوب} الحج:32. وكان السلف رضوان اللّه عليهم يستقبلون رمضان ستة أشهر؛ يستقبلونه بالعبادة وقراءة القرآن وقيام الليل والإكثار من النّوافل وبذل الصدقات وسائر القربات، احتفاء برمضان واستقبالاً له وحرصًا منهم على الفوز في هذا الشهر الكريم. قال المعلى بن الفضل: كان السلف الصالح يدعون اللّه ستة أشهر أن يُبلّغهم رمضان. وقال يحيي بن أبي كثير: كان من دعائهم في نهاية شعبان: “اللّهمّ سلّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلّمه منّي متقبّلاً”. نعم.. كانوا ينتظرونه ويترقبونه ويتهيّأون له بالصّلاة والصّيام والصدقة والقيام. أسهروا له ليلهم، وأظمأوا نهارهم، ولو تأمّلْتَ حالهم لوجدتهم بين باكٍ غَلَبَ بعبرته، وقائمٌ غصّ بزفرته وساجد يتباكى بدعوته. أمّا ما يلزم المسلم في استعداده لهذا الشهر الكريم، ما يلي: -ممارسة الدعاء قبل مجيء رمضان، ومن الدعاء الوارد: “اللّهمّ بارِك لنا في رجب وشعبان وبلِّغنا رمضان”، و«اللّهمّ سلّمني إلى رمضان وسلِّم لي رمضان وتَسلَّمه منِّي متَقبّلاً”. -المبادرة إلى التوبة الصادقة، قال اللّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللّه تَوْبَةً نَصُوحًا} التحريم:8. -تعلّم ما لابد منه من أحكام الصيام وآدابه، والعبادات المرتبطة برمضان من اعتكاف وعمرة وزكاة فِطر وغيرها، قال رسول صلّى اللّه عليه وسلّم: “طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ”. -عقد العزم الصادق والهمّة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصّالحة، قال تعالى: {فَلَوْ صَدَقُوا اللّه لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} محمد:21. -الاجتهاد في حفظ الأذكار والأدعية، خصوصًا المتعلّقة بشهر رمضان؛ استدعاءً للخشوع وحضور القلب واغتنامًا لأوقات إجابة الدعاء في رمضان والاستعانة على ذلك بدعاء: “اللّهمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”، رواه أبوداود والنسائي وأحمد.