صلاة العيد سُنّة عين مؤكّدة لفعله صلّى الله عليه وسلّم لها كلّ عيد، وهي تلي الوتر في التأكيد، وليس إحداهما أوكد من الأخرى، ودليل عدم وجوبها ما تقدَّم أنّه لا يجب إلاّ في الصّلوات الخمس. المخاطب بها من تلزمه الجمعة، والدليل ما ثبت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يصلّ العيد بمنى كما لم يصلّ الجمعة، ويندب للصّبيان والنّساء حضورها قياسًا على الكسوف، ولا تشرع في حقّ الحاج لأنّ وقوفه بالمَشعر الحرام يوم النّحر يكفيه عنها، وقد تقدّم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يصلّها، أمّا أهل منى إذا لم يكونوا حجّاجًا فلا تُشرَع في حقّهم جماعة بل تندب لهم فُرادى، لئلاّ يكون جمعهم ذريعة لصلاة الحجاج معهم. وقتها من حلِّ النّافلة يوم العيد إلى الزّوال فلا تصلّى بعده لفوات وقتها. فالنّوافل لا تُقضى إلاّ الفجر فإنّه يقضى في يومه إلى الزّوال. وأمّا صفتها فهي ركعتان فقط، يقع الجهر فيهما وليس لها أذان ولا إقامة. عن جابر بن سمرة قال: صلّيتُ مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم العيدين، غير مرّة ولا مرّتين بغير أذان ولا إقامة. وعن مالك رضي الله عنه أنّه سمع غير واحد من علمائهم يقول: لم يكن في عيد الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى اليوم، تلك السُّنَّة الّتي لا اختلاف فيها عندنا. ويكبِّر في الركعة الأولى سبعًا بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا دون تكبيرة القيام، والدليل عن نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال: “شهدتُ الأضحى والفطر مع أبي هريرة فكبَّر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة”. والتّكبير محلّه قبل القراءة، والدليل ما تقدّم في حديث نافع مولى ابن عمر، ولا يفصل الإمام بين التّكبيرة إلاّ بقدر ما يكبّر النّاس، والدليل: عمل أهل المدينة. وكلّ تكبيرة سُنة مؤكّدة، وإن نسي المصلّي وتذكّرها في أثناء القراءة وبعدها، كبّر ما لم يركع وأعاد القراءة وسجد لزيادتها بعد السّلام. ولصلاة العيد مستحبّات، وهي: الغسل عند دخول وقتها بالسدس الأخير من اللّيل، ودليل الغسل ما رواه مالك عن نافع “أنّ عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلّى”، ويندب إيقاعه بعد صلاة الصّبح. والتزيُّن بالثياب الجديدة ولو لغير مصلّ، إظهارًا لنعمة الله وشكره، أمّا النّساء إذا خرجن فلا يتطيّبن ولا يتزيّن لخوف الفتنة. والمشي في الذهاب فقط للقادر، والدليل ما أخرجه الترمذي عن عليّ رضي الله عنه قال: من السنّة أن تخرج إلى العيد ماشيًا. ولا يطلب المشي في الرجوع، ليكون الرجوع من طريق آخر لما رواه البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: “كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا كان يوم عيد خالف الطريق”. وكذلك الأكل قبل الذهاب إلى المُصلَّى في عيد الفطر، والدليل ما أخرجه مالك في العيدين عن هشام بن عروة عن أبيه: أنّه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو. ويندب أن يكون الفطر على تمر، لما أخرجه الترمذي عن أنس: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يفطر على تمرات يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلّى، بالإضافة إلى التّكبير في الذّهاب وفي المصلّى إلى غاية الشّروع في الصّلاة، ويكون جهرًا ندبًا إظهارًا للشّعيرة، وكون التّكبير مندوبًا في المصلّى إلى غاية الشّروع في الصّلاة هو المشهور. والقراءة في الرّكعة الأولى بعد الفاتحة بمثل سورة الأعلى والغاشية، وفي الثانية بالشّمس وضُحاها أو اللّيل، لما ثبت ذلك عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. إلى جانب خطبتين، حيث يجلس الخطيب في أوّل الخطبة الأولى وأوّل الخطبة الثانية. واستفتاح الخطبة بالتّكبير، قال ابن حبيب: [ويستفتح خطبته بتسع تكبيرات تباعًا، فإذا مضَت كلمات كبّر ثلاثًا]. *عضو المجلس العلمي بالعاصمة