ستكون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في الدخول الجامعي الجديد، أمام مشكلة حقيقية، وذلك بعد رفض طلبة المدرسة العليا للتجارة، ومدرسة الدراسات العليا للتجارة، والمدرسة العليا للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، والمدرسة الوطنية للمناجمت (حديثة النشأة) الالتحاق بما يسمى ”قطب الامتياز” بالقليعة في ولاية تيبازة. وبرر طلبة المدارس العليا، الواقعة بالعاصمة، رفضهم التحوّل إلى موقع القليعة، كون الأخير ”تنعدم فيه الحياة”، حيث لا توجد أي هيئة لها علاقة بتخصصاتهم العلمية، والحديث هنا عن المؤسسات المالية والبنوك وشركات التأمين والوزارات ذات الصلة بما يدرسون. وتحدث الطلبة أيضا عن مشكلة الأمن في هذه الجهة، حيث يؤكدون أنه غائب، وصبت المسيرة التي نظمها مواطنو القليعة أول أمس للاحتجاج على غياب الأمن في سياق المبررات التي قدمها رافضو الترحيل. وتساءل هؤلاء، وعددهم 2700 طالب، عن خلفية قرار تحويلهم، رغم أنهم لم يشتكوا يوما من الاكتظاظ، عكس ما يعانيه، مثلا، طلبة جامعة الجزائر 3، إذ كان الأجدر – حسب الطلبة - تحويل زملائهم من معاهد أخرى إلى الموقع الجديد، حتى يتم القضاء على مشكلة الاكتظاظ التي تميّز العديد من مراكزنا الجامعية، أضف إلى ذلك أن قطب القليعة بإمكانه استقبال أكثر من 11 ألف طالب. ويضيف المحتجون أن معدل الطلبة في كل مدرسة ما بين 600 و700، وهو معدل مقبول يضاهي معدل المدارس العليا في فرنسا، مثلا، أو لدى جيراننا، مؤكدين أن المدارس العليا في تخصصاتهم في كل دول العالم يكون موقعها في عواصم الدول، وليس في المدن البعيدة، ”فلماذا تنصع الجزائر الاستثناء، وتبقى الجزائر العاصمة بدون مدارس عليا؟”. من جهتهم عبر أساتذة المدارس الأربع عن رفضهم التحول إلى القليعة، مؤكدين أن المدارس التي يدرسون بها شكّلت محيطا لها بمواقعها بالجزائر العاصمة، عمره 40 سنة، مثل المدرسة العليا للتجارة الكائنة بتافورة، وهي قريبة من هيئات لها علاقة بتخصصات الطلبة، مثل وزارة المالية، الديوان الوطني للإحصاء، بورصة الجزائر، البنوك وشركات التأمين، وغيرها، وبتحويلها إلى قطب الامتياز بالقليعة، فإنها ستموت حتما، أكثر من ذلك أن هذه المدرسة مثلا أصبحت معلما من معالم المدينة. وفي هذا السياق علمنا أن عشرات الدكاترة والبروفيسورات في هذه التخصصات (التجارة والإحصاء والمناجمت) قرروا تقديم ملفات تقاعدهم، ولو مسبقا، ما يجعل مصير الطلبة في حكم المجهول. وكان وزير التعليم العالي السابق رشيد حراوبية قرر تحويل هذه المدارس إلى القليعة في سنة 2009، قبل أن يجتمع مجلس وزاري مشترك في 2013، وصدر بعدها في نوفمبر 2013 مرسوم تنفيذي يتضمن تحويل هذه المدارس إلى قطب الامتياز بالقليعة. فهل سيتمكن الوزير مباركي من تفكيك الهدية المفخخة التي سلمه إياها سابقه؟