تسببت الوعود بالترحيل التي أطلقها المسؤولون المحليون طيلة السنة، بين رؤساء البلديات والولاة المنتدبين، في تفجير الشارع على مستوى الكثير من الأحياء بالعاصمة، فرغم أن عملية الترحيل خرجت من يد “المير”، إلا أن هذا الأخير كثيرا ما يحاول تهدئة المواطنين لدى استقبالهم بالقول إنهم “سيسكنون جميعا، وأنهم أول المرحلين في الحصة السكنية الجديدة”! لا يزال الغموض يلف عملية الترحيل ببلديات العاصمة فيما يخص الأحياء المستفيدة منها ومنح الأولوية، خاصة وأن ولاية الجزائر وحدها من يسير العملية، فيما سحب الملف بنسبة كبيرة من المصالح البلدية والدوائر الإدارية، غير أن الاحتجاج بقي متواصلا وطيلة أشهر السنة، وفي كل مرة يتجه المواطنون إلى البلدية، وعند تشديد لهجتهم، يستقبلهم رئيس البلدية أو الوالي المنتدب للدائرة الإدارية، حيث “يُضطر” إلى منحهم وعودا “كاذبة” من أجل التخلص من ضغط المواطنين، ولتفادي لجوء سكان تلك الأحياء إلى قطع الطريق لينفذ بجلده و”يسلك راسو”. غير أن أغلب المواطنين الذين عبّروا عن سُخطهم من تماطل المصالح المحلية في ترحيلهم أكدوا أنهم تلقوا وعودا منذ سنوات مفادها “ڤاع رايحين ترحلوا”، وهي الوعود التي صدقوها لمدة، قبل أن ينفجروا في وجه المسؤولين ويحمّلونهم مسؤولية “التأخر والتماطل”، مثلما وقع لسكان حي “سارفانتيس” التابع إداريا لبلدية محمد بلوزداد بالعاصمة، الذين احتجوا أكثر من مرة، وأكدوا في حديثهم مع “الخبر” أن جميع رؤساء البلديات طلبوا منهم تكوين ملفات سكن من أجل ترحيلهم في الحصة السكنية الجديدة، حيث قاموا بتكوين ملفات لثلاثة رؤساء بلديات، أنهوا عهدتهم دون أن يوفوا بوعودهم، فيما أكد المتحدثون أن رئيسة البلدية الجديدة طلبت منهم، لدى مقابلتها لهم، أن يودعوا ملفاتهم، غير أنهم “لم يروا شيئا”، رغم أنها وعدتهم بأن لجان إحصاء ستتنقل إلى حيهم، وتساءلوا عن مصير تلك الملفات وعن خلفية “الأميار” الذين تداولوا على البلدية في إطلاق الوعود، هم أصلا عاجزون عن الوفاء بها ولا يملكون الصلاحية لذلك. وقد حاولت “الخبر” الاتصال برئيسة بلدية بلوزداد نعيمة دهينة غير أن هذه الأخيرة لا ترد. ومن جهة ثانية فإن سكان حي ديار الشمس بالمدنية أكدوا هم كذلك أن “الأميار” الذين تعاقبوا على البلدية منحوهم وعودا بتسوية وضعيتهم، وقال هؤلاء إن هذه الوعود هي التي تسببت في تهدئة الشارع لوقت قصير، ولكنها تسببت أيضا في انفجاره عبر احتجاجات عارمة، فيما تجمع أول أمس أمام مقر دائرة بوزريعة سكان حي أحمد بوسماحة التابع إداريا لبلدية بوزريعة، مطالبين السلطات المعنية بالنظر في الملفات التي أودعوها منذ سنوات للاستفادة من السكنات الاجتماعية، منتقدين ما أسموه ب”سياسة الصمت” التي تنتهجها مصالح الولاية، والوعود الكاذبة للمسؤولين المحليين. أما سكان الباخرة المحطمة ببرج الكيفان، فأكدوا من جهتهم أن رئيس البلدية والوالي المنتدب وجميع المصالح المحلية أكدت لهم أولويتهم في الترحيل خلال الحصة السكنية الجديدة، غير أنهم تساءلوا عن السبب في التأخير وعن جدية المصالح البلدية في التكفل بانشغالاتهم، خاصة وأنهم لا يثقون في المسؤولين المحليين، فيما أكد رئيس بلدية برج الكيفان حداد قدور على ضرورة تحري الصدق عند الحديث إلى المواطنين، حيث قال إنه أعطى جميع المعلومات التي يتوفر عليها إلى السكان المعنيين، وهي “منح الحي الذي يسكنونه الأولوية”، غير أنه أكد أن تكفل الولاية بعملية الترحيل جعله يلتزم بأن “لا يمنح وعودا كاذبة وخارج عن مسؤوليته”، وفيما يخص الاحتجاجات التي قرر السكان تنظيمها قال “إنه غير مسؤول عنها”، مفيدا بأن المصالح الولائية التزمت بدورها الشفافية في التوزيع، حيث منحت الأولوية لسكان البيوت المتضررة من الزلزال والذين يتواجدون في حالة استعجالية، ما اعتبره ذات المتحدث منطقيا. ويأتي تصرف بعض المسؤولين مشابها لتصريح الوالي عبد القادر زوخ الذي أكد في خرجاته الميدانية لدى سؤاله عن عملية الترحيل أن “جميع المواطنين الذين يستحقون السكن سيُرحّلون”، وهو التصريح المناقض للواقع على اعتبار أن عدد السكنات الجاهزة بحسب إحصائيات الولاية لا تتعدى 22 ألف، فيما ينتظر استلام 11 ألف أخرى، من بين 85 ألف إجمالية في طور الإنجاز، غير أن عدد الطلبات بين السكن الاجتماعي وسكان الشاليهات والبيوت القصديرية والسكن الهش، يضاف إليها سكان السطوح والأقبية وغيرها، كل تلك الطلبات تفوق بكثير عدد السكنات الجاهزة، الأمر الذي جعل المواطنين يحتجون تعبيرا منهم عن استيائهم من قلة المعلومة من جهة، ويطالبون بضرورة إدراجهم ضمن أوائل المستفيدين، مثلما وعدوا به. ومن جهة ثانية أسر مصدر مسؤول من ولاية الجزائر أن جميع البلديات ال57 على مستوى العاصمة معنية بالحصة السكنية الممثلة في 22 ألف وحدة سكنية جديدة، غير أن العملية لن يستفيد منها جميع المواطنين.