ماذا سيوقف تراجع أسعار النفط، والى أي حد سينزل برميل النفط، هذه الأسئلة باتت مطروحة لدى العديد من الأوساط المهتمة بتطورات السوق النفطي، بعد أن عرف تقلبات كبيرة في ظرف زمني قصير، فقد فقَد برميل النفط منذ بداية السنة أكثر من 20 في المائة من قيمته، وبعد أن انخفض تحت معدل 100 دولار، ها هو يحطم رقما قياسيا جديدا، بتدحرجه إلى ما دون 90 دولارا. فقد بلغ سعر برنت بحر الشمال أمس حدود 89 دولارا للبرميل، بل انخفض حتى دون ذلك، ليعود ويستقر في مستوى يعادل حوالي 89.2 دولارا للبرميل إلى 89.3 دولارا للبرميل، ولا يزال برميل النفط في مستويات ضعيفة، نتيجة لعدد من العوامل رغم الوضع المتأزم في عدد من بلدان الشرق الأوسط منها العراق وسوريا والحملة العسكرية على تنظيم ”داعش”، بالمقابل، فإن توقعات استهلاك النفط والنمو الاقتصادي عكست وضعا متأزما على مستوى الاقتصاد الدولي، فقد أعاد صندوق النقد الدولي توقعاته ليخفضها مجددا من 4 إلى 3.8 في المائة، خاصة في المناطق المستهلكة للذهب الأسود منها أوروبا واليابان، في وقت بات دخول النفط الصخري الأمريكي في السوق عاملا إضافيا للاضطراب، لكونه يسمح للولايات المتحدة بتقليص تبعيتها للخارج وخاصة لنفط الشرق الأوسط. في نفس السياق، كشفت آخر تقارير كتابة الدولة للطاقة الأمريكية عن ارتفاع محسوس للمخزون من النفط الخام، حيث زاد بمقدار 5 ملايين برميل مقابل توقعات بارتفاع لا يتعدى مليوني برميل. وساهم الوضع الاقتصادي العام، في مراجعة الوكالة الدولية للطاقة ومنظمة ”أوبك” لتوقعاتها بشأن الطلب العالمي، خاصة وأن الطلب الصيني أيضا يعرف تباطؤا فيما يعرف العرض وفرة أكبر، حيث رفعت الولاياتالمتحدة إنتاجها من النفط الصخري من 4.9 إلى 8.6 ملايين برميل يوميا منذ 2008، وينتظر أن يتجاوز 9.6 ملايين برميل يوميا في غضون 2015، وتبقى آراء الخبراء متضاربة، فمنهم من يتوقع استعادة الأسعار لحيويتها على غرار ما حدث في 2012 و2013، ولكن البعض الآخر يحذر من وضع مغاير والدخول في مرحلة الوفرة التي تساهم في انخفاض الأسعار على غرار توقعات مكتب الخبرة رولان بيرغر، فيما يرتقب رد فعل من المنتجين والمصدرين، وخاصة إقدام العربية السعودية إلى تقليص إنتاجها وتحمل جزء من الانخفاض المتوقع من قبل منظمة أوبك، لأن معظم البلدان بحاجة إلى برميل نفط يتراوح ما بين 80 إلى 90 دولارا، لضمان توازن في موازناتها، ويمكن أن يأتي القرار في نوفمبر خلال اجتماع فيينا لوزراء نفط المنظمة، كما أن التراجع الكبير للأسعار لن يخدم المشاريع الأمريكية لتطوير النفط الصخري المكلف، خاصة إذا تدنى السعر دون 70 دولارا، بينما تتوقع هيئة التنقيط الدولية ”فيتش” إمكانية نزول البرميل إلى حدود 80 دولارا، وهو ما سيدفع أوبك إلى التحرك لإنقاذ الموقف.