قدّم، أمس الأول، المخرج لطفي بوشوشي العرض الأول لفيلمه “البئر” سيناريو ياسين محمد بن لحاج، بقاعة ابن زيدون، أنتج الفيلم من طرف الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي. وحرص أبرز السينمائيين الجزائريين، على غرار أحمد راشدي وموسى حداد، بشير درايس، لخضر حامينة وغيرهم، على حضور العرض، حيث تقرّبت “الخبر” منهم لمعرفة آرائهم حول هذا العمل السينمائي الأول في مسيرة المنتج والمخرج لطفي بوشوشي، على بعد حوالي شهر فقط من تجربة المخرج الفرانكو جزائري إلياس سالم مع موضوع الثورة الجزائرية عبر فيلم “الوهراني”، حيث جاء فيلم “البئر” للمخرج لطفي بوشوشي، لينقل السينما الجزائرية إلى محطة جديدة في كيفية تناول موضوع ثورة نوفمبر، عبر قصة إنسانية تدور أحداثها حول واقع حياة سكان إحدى القرى الجزائرية وهم يواجهون الموت عطشا، بعد أن تعرضوا إلى حصار من قبل كتيبة لجيش الاستعمار الفرنسي. يسرد الفيلم حكاية سيدة وضعت مولودها في جو ساده اضطهاد وقمع المستعمر، حين يغيب الرجال عن القرية في سبيل الوطن، وبين العطش ورصاص الجنود الفرنسيين، تقاوم عزيمة الجزائريين الموت بحثا عن الحياة. استفادت هذه الفلسفة الإنسانية التي قدمها الفيلم لمدة ساعتين، كثيرا من خبرة لطفي بوشوشي القادم من عالم إخراج الومضات الاشهارية إلى عالم السينما لأول مرة، مع مجموعة من الممثلين الجزائريين والفرنسيين، منهم الممثلة الفرنسية لوران مورال، نادية قاسي. كانت لغة الفيلم على نحو الأفلام العالمية الحديثة التي تحاور قصص التاريخ والحروب، حيث تحدّث عن الإنسانية المغتالة في زمن الاستعمار، دون أن يعرّج إلى شخصيات بارزة من المجاهدين، أو تفاصيل المعارك الكبرى التي نلمسها في أفلام لخضر حامينة وأحمد راشد، إذ يجسّد الفيلم المقولة الشهيرة “بطل واحد هو الشعب”. قدّم الفيلم صورة عالية الدقة، مع موسيقى اختزلت المسافات بين الشاشة والجمهور، وسرد يشدّك حتى المشهد الأخير دون انقطاع، بلغة حوار طغت عليها اللهجة الجزائرية دون تحديد وجهة معينة، رغم أن التصوير كان في مدينة بسكرةجنوبالجزائر، إلا أن المخرج حرص على أن يكون الإيقاع اللغوي والتاريخي للفيلم عابر للولايات. قالوا عن الفيلم المخرج أحمد راشدي “تمنيت إخراج الفيلم” وصف المخرج أحمد راشدي فيلم “البئر” بالفيلم الرائع، وأوضح أن هذا النوع من الأفلام يتمنى أي مخرج أن يوقعه، مشيرا إلى أن هناك تحكم جيد بالسيناريو، رغم طول بعض المشاهد التي يمكن تقليصها، واعتبر أن سر نجاح الفيلم هو المخرج وإدارة التمثيل وأداء مدير التصوير، الذي تمكّن من تجاوز صعوبات التصوير في منطقة صحراوية. واعتبر أن الفيلم هو من صميم واقع الذاكرة الجزائرية، مشيرا إلى أن الكفاح إنساني وليس فقط مسلح ضد المستعمر. الممثل حسان كشاش: “اختزال لصراع الظلم والإنسانية” “المخرج وضع كثيرا من الضغط من خلال قصة بسيطة تقدم مقاربة جديدة عبر قصة إنسانية، ومن ناحية الصورة هناك إبداع كبير والاقتباس وأداء الممثلين، رغم أن بداية الفيلم كانت ثقيلة نوعا ما، وأعتقد أن المخرج أراد سرد قصة حقيقية لنقلها مباشرة دون الدخول في بعد آخر، وهذا اختيار المخرج وهي مقاربة جديدة بالنسبة للسينما الجزائرية، وقد شعرت بأن القصة من الممكن أن تكون في أي مكان وهي اختزال لصراع الظلم والإنسانية، وقد لاحظت تميز أداء الأطفال في الفيلم”. المخرج بشير درايس: “تجربة أولى جيدة” “إنه فيلم جيد بشكل عام، رغم بعض الأخطاء التي يمكن وضعها في إطار التجربة الأولى للمخرج، وقد نشعر خلال متابعة الفيلم بأن القصة حقيقية، وقد تخيلت أن غياب سكان القرية من الرجال راجع إلى التحاقهم بجيش التحرير الوطني لمحاربة الاستعمار”. المخرج موسى حداد: “هناك كثير من المشاعر شدّتني حتى النهاية” “لا يمكن مغادرة المشاهد خلال متابعة فيلم “البئر”، هناك الكثير من المشاعر، وسر نجاح الفيلم يكمن في قوة التواصل مع الجمهور، ولا يوجد هناك حد معين للمقاومة ونوعها وإنما هناك طرق إنسانية مختلفة لمقاومة المجاهدين، والمجاهدين موجودين في خلفية الأحداث وقد وقّع الفيلم النهاية الحقيقية للمستعمر”.