قدم المخرج لطفي بوشوشي، في أول تجربة سينمائية له، فيلما روائيا طويلا تراجيديا عنوانه "البئر"، صور فيه مأساة قرية عانت العطش من جهة والخوف من تصفية المحتل الفرنسي لكل من أراد التوجه لجلب الماء من جهة أخرى، وهي المقاربة التي أراد المخرج إسقاطها حول أحداث أثقلت كاهل الشعب الجزائري لنيل حريته، وكيف جابه الموت بعد أن انتهت جميع الحلول، فكان له النصر الذي لم يكن مجانيا بل خلّف العديد من الضحايا. تدور أطوار القصة في ريتم بطيء ومشاهد طويلة جدا، وأخرى تتكرر دون هدف درامي من شأنه حبك البنية الدرامية على نحو يضمن التشويق وشد المشاهد للمتابعة، واختار المخرج لطفي بوشوشي، أن يصعد بأحداث قصة الفيلم من حين لآخر ليجعل المتلقي يدور في حلقة مفرغة، لذلك على المتفرج أن يكون صبورا ليربط خيوط أحداثها وفهم القصة في الأخير، وكان بإمكان بوشوشي أن يقصر في تلك المشاهد لضمان عنصر الفرجة المريحة. وتم عرض الفيلم أولا للصحافة أمس، بقاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح، يروي فيلم "البئر" في 100 دقيقة قصة مجموعة جنود من الجيش الفرنسي حاصروا قرية اشتبه في وجود مجاهدين بها قاموا بقتل قيادات من الجيش المحتل، ليجد القرويون أنفسهم بين موتين، إما الموت عطشا بسبب القحط الذي ضرب المنطقة أو الموت برصاص الجنود إن حاولوا الخروج من حدود القرية. بلغت القلوب الحناجر ولم يجد القرويون سبيلا لبر الأمان سوى التضحية، فالموت منتظرهم لا محالة، الجنود الفرنسيون بقوا متربصين بهم وسبق وأن قتلوا أم إبراهيم عندما خرجت تبحث عن ابنها، وسلط المخرج الضوء على الجانب اللاإنساني للعدو، عندما أرادت الأم "فريحة" إرسال ابنها "منصور" حتى يتحدث مع الجنود وإفهامهم أن القرية لا تحوي مجاهدين وأنهم يريدون الماء فقط، اعتقدت أن المحتل هم بشر يحملون شيئا من الإنسانية ولو إزاء الأطفال، لكن الولد عاد بعد أن ضرب الجنود الرصاص عشوائيا على سبيل التخويف والتهديد. والفيلم "البئر" للطفي بوشوشي (الجزائر/ 2014 / 100د / عربية - فرنسية) من إنتاج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، بدعم من صندوق دعم وترقية تقنيات وفنون السينما بوزارة الثقافة. ولطفي بوشوشي منتج ومخرج من مواليد 1964 بالجزائر من عائلة سينمائية، لطفي بوشوشي، حائز على شهادة من المدرسة العليا للسينما والسمعي البصري بباريس. في بداية التسعينيات عمل كمخرج مساعد أول في العديد من الأفلام الطويلة لمخرجين أمثال مرزاق علواش ومحمد شويخ، بالموازاة عمل كمدير إنتاج بمؤسسة التلفزيون الجزائري. ومنذ سنة 1995 اعتمد من طرف الدولة الجزائرية لتغطية الأحداث. يعمل أيضا لصالح القنوات ووكالات الأنباء الأجنبية ك: TF1 وفرانس 24 وAPTN.