رفع التجميد عن كتاب” الاستعلام.. رهان حرب صامتة” لمؤلفه الضابط السامي المتقاعد من جهاز المخابرات الجزائرية محمد خلفاوي، والمؤلف ذو طابع أكاديمي، لكن ظلال نشاط المخابرات من الداخل خيمت على بعض فصوله، واللافت في الكتاب بصمة الجنرال حسين بن حديد في كتابته لمقدمة أول كتاب يصدر عن “رجل ظل” سابق في الجهاز الذي يديره الجنرال محمد مدين المعروف “توفيق”. خلاصة الكتاب الذي يحتوى على 261 صفحة بتسعة فصول مجزأة إلى محاور، هي بمثابة دعوة من ضابط استعلامات سابق بأن “يتفتح جهاز المخابرات على المواطن”، وبصيغة أخرى، الكتاب محاولة لإفهام الناس والمعنيين أن “من يحمي الأمن القومي في البلد ليس جهاز المخابرات ولكن الشعب، المواطن”، هكذا يريد خلفاوي أن يتطور جهاز الاستعلامات لينزل إلى الشارع ويتفتح على المواطن، ويعتبر صاحب الكتاب الذي يعد سابقة في تاريخ المخابرات الجزائرية، إذا اعتبرنا أن أغلب الكتابات التي تناولت المخابرات الجزائرية صاغها إما أجانب وإما ضباط استخبارات سابقين مقيمين بالخارج، أن هناك قطيعة بين رجال الاستعلامات والمدنيين، دامت طويلا. وقال خلفاوي ل “الخبر” أمس إن “الكتاب لبنة أولى في طريق كسر الحواجز التي تعيق الخوض في عمل رجال الظل، على أمل أن يضيف آخرون لبنات أفضل من هذه”. واللافت في الكتاب مقدمته التي كتبها الجنرال المتقاعد حسين بن حديد الذي أثنى على مؤلفه، حينما قال إن “صدور كتاب من هذا النوع دشن ممارسة لم تكن من قبل بالنسبة لجهاز بمثابة طابو”، ليعود بن حديد إلى الرعيل الأول للمخابراتية الجزائرية (المالغ) لما أفاد أن “جيل الاستخبارات الجديد استفاد كثيرا من خبرة المالغ”، وأضاف “لقد سمح لي وجودي في الجيش أن أقدر الكفاءة العالية لهذا الجيل في الحروب الصامتة التي شنها”. لكن بن حديد الذي أثارت مواقفه جدلا في خضم ما أشيع من صراع بين الرقم الأول في دائرة الاستعلام والأمن الجنرال توفيق ومؤسسة الرئاسة قبيل الانتخابات الرئاسية 17 أفريل الماضي، تساءل عن “آفاق تعامل الاستعلامات التي سماها فن الاستعلامات، مع التغيرات الإقليمية الحاصلة والحاملة لتهديدات جدية”، وكان الجنرال بن حديد يقصد التهديدات المتأتية على الخصوص عبر الحدود، معتبرا أن “توسع دوائر وأطراف التدخل وتداخل مصالحهم صار عنصرا أساسيا في جغرافيا الصراعات الحالية”، بينما تحدث بن حديد عن حتمية تقوية جهاز الاستخبارات لمواجهة انتشار الجريمة المنظمة وتداخلها مع الإرهاب، ويتقاطع كاتب مقدمة الكتاب مع مؤلفه محمد خلفاوي، حينما يعتبران معا أنه “مهما يكن، فإن فاعلية جهاز الاستعلامات تفرض إشراك المواطن في خدمة الأمن”، فيما تحدث خلفاوي عن “قطيعة بين رجل الاستعلامات والمواطن”، ودعا إلى “ضرورة جعل الأمن الوطني في جوهر اهتمامات المواطن”، لكن صاحب الكتاب أضاف تفصيلا يقضي بأن “المجتمع المدني هو الجبهة الأولى والأخيرة التي تعزز جهاز الاستخبارات”، ويقتضي ذلك أيضا “مراعاة احترام دولة القانون وحقوق الإنسان في مجال الأمن والدفاع من جهة، وحرية الصحافة واستقلاليتها من جهة أخرى”. ويعتبر خلفاوي أن فلسفة الاستعلامات العسكرية أصبحت مثار جدال وتناول علمي واضح في الدول المعاصرة، كما يشرح في كتابه كيف يجب أن يكون جهاز الاستعلامات في خدمة المواطن، وعرض كيفية إنتاج المعلومة الاستخباراتية وتحليلها واستغلالها ونقلها إلى صاحب القرار. كما يعتقد صاحب “الاستعلامات.. رهان حرب صامتة” أنه “لطالما كان جهاز الاستخبارات محل تشكيك”، وشدد على أن “الاتصال يمكن أن يمحو هذه الصورة النمطية التي أخذت عن الجهاز”.