يعيش العالم العربي بشرقه وغربه حالة إعصار سياسي رهيبةّ، فمكث المبدع الجزائري يعيش في حالة غيبوبة نفسية وسياسية ووجد نفسه معزولا في برجه العاجي دون أن يعرف كيف يتصرف أمام الويلات والضربات التي عاشتها تونس ومصر وليبيا وسوريا وفلسطين والعراق. ماذا يمكن للمبدع أن يقوم به أمام كل هذه الضربات القاسية التي سلّطها الغرب المتعجرف والمتعنت من خلال هذه “الثورات” التي خطط لها وبرمجها منذ الخمسينيات، لا شيء، بقي المبدع المشرقي والمغربي مبهوتين كالذي كفر ولم يعرف كيف يخرج من زنزانة العنف والقنوط والجنون. فبدءا بحساب عدد الأموات وعدد الغارات على غزة (مثلا) وعدد الجيوش التي تنعت نفسها بالإسلامية. لم يكن الحال على هذه الإشكالية في التسعينيات في الجزائر مثلا –عندما نظم المبدعون تجمع المبدعين والمثقفين والعلميين (RAIS) سنة 1988 بعد فضيحة ما سمي آنذاك بقضية bigeard، ذلك الضابط الفرنسي الذي عاث فسادا في الجزائر أثناء حرب التحرير والذي صرح في تلك السنة (1988) أنه لم يندم أبدا على ما ارتكبه من جرائم حرب في بلادنا، فشكره الصحفي “الجزائري” الذي قام باستجوابه فقامت القيامة عندها وبرز تجمع (RAIS)وقام بحملات وردود فعل ضد هذه الخيانة العظمى التي ارتكبها ثلة من الصحفيين بمساعدة جناح من أجنحة السلطة آنذاك. آنذاك، أي في بداية التسعينيات، طرحت إشكالية علاقة المبدع بالسياسة، فخرج هو الآخر من صمته وخموله وجبنه كذلك وأدى ما عليه بأخذه الكلمة الصريحة والصادقة، فساعد هكذا على بلورة الأمور وزرع الحقيقة التاريخية. وعلى ضوء الأحداث الرهيبة التي عرفتها بلادنا في شهر أكتوبر 1988، اتضح للمبدعين والمثقفين والعلمانيين الذين قاطعوا هذا التجمع فداحة خطئهم وضخامة أنانيتهمǃ وهكذا نرى أن ابتعاد المبدع عن العمل السياسي اليومي يعبّر عن خيبة أو عن اغتراب الفنان في قعر وطنه أو بمعنى آخر إذا كان العمل السياسي اليومي يحقق رغبة معينة لدى الإنسان ويجسد طموحا معنويا معينا، فإن الابتعاد عن هذا العمل يتضمن رغبة مهزومة أو حرمانا مضنيا، كما يتضمن أيضا طموحا مكسورا وغرورا صبيانيا يحوّل للمبدع التفكير المخطئ، ظنا منه أنه تسييس لا جدوى منه وخطير على الإبداع نفسه. لكن، اليوم ورغم صمت المبدع العربي، نرى أن التحركات الحربية التي ينظمها الغرب وعلى رأسه الولاياتالمتحدة، تضرب في صميم الضمير الإنساني للمبدع العربي الذي يرفض ذلك، خاصة وأنه يعلم علم اليقين أن مناورات أوباما وهولاند وغيرهم من تجار الحروب، أصبحت تشكل خطرا خبيثا على الوجود الثقافي والحياتي على مستوى العالم العربي والإسلامي وأن سبب هذا الدمار وهذا التحريف للإسلام الحنيف هو من نتاج وتخمين أمريكا وحلفائها في الخليج وفي “مصر السيسي” وفي غيرها من الدول المسلمة التي خانت مواطنيها وعقيدتها لسبب بسيط اسمه الانتهازية، خاصة وأن هذا الغرب الخبيث (وعلى رأسه هولاند) يحاول إدماج الجزائر في خطته الجنونية. فحذارǃ