"رواد الأعمال الشباب, رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية        ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44211 والإصابات إلى 104567 منذ بدء العدوان    الجزائر العاصمة: دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    فترة التسجيلات لامتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق يوم الثلاثاء المقبل    العدوان الصهيوني على غزة: فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    الكاياك/الكانوي والباركانوي - البطولة العربية: الجزائر تحصد 23 ميدالية منها 9 ذهبيات    أشغال عمومية: إمضاء خمس مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    قرعة استثنائية للحج    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجيش الجزائري لم يقم بأي عمل داخل تونس"
رئيس الحكومة التونسية، مهدي جمعة، في حوار ل"الخبر"
نشر في الخبر يوم 21 - 11 - 2014

يتحدث رئيس الحكومة التونسية، مهدي جمعة، في هذا الحوار الذي خص به “الخبر” عشية الانتخابات الرئاسية، عن الظروف التي تجري فيها الرئاسيات، والوضع الأمني والتهديدات الإرهابية والتعاون العسكري بين الجزائر وتونس وتأثيرات الأزمة في ليبيا على تونس.
هل رئيس الحكومة مطمئن للمناخ العام الذي تجري فيه الانتخابات في تونس؟
الحمد لله، اجتزنا بارتياح الانتخابات التشريعية، منذ أشهر ونحن نهيئ لهذه الانتخابات، تنقية الأجواء وتنحية التجاذبات السياسية، تحييد الإدارة وتحييد المساجد، والعمل الأمني والتنظيمي ساهم في تهيئة أفضل الظروف، حيث اجتزنا بأفضل الظروف التشريعيات ونتمنى أن تجتاز الرئاسيات في نفس الظروف. التهديد الأمني موجود والدولة التونسية موجودة والجماعات الإرهابية تستهدف تونس مثلما استهدفت الجزائر، الإرهاب عاد في الفترة الأخيرة، لكننا على يقظة تامة، الإرهاب يستطيع أن يضرب لكننا عازمون على منعه، مثلما منعناه من أن يضرب في التشريعيات سنمنعه من أن يضرب في الرئاسيات.
هناك بعض التشنج الحاد في خطابات المرشحين، هل يمكن لهذه التشنجات أن تؤدي إلى أي منزلقات خلال يوم الاقتراع ؟
الحملة الانتخابية جرت بشكل عادي، وعلى العموم ما عدا بعض التجاذبات التي تدخل في إطار الحماس الانتخابي، لكنها لم تصل مستوى الصدام، وبالنسبة للتشنجات، نحن يقظون حتى لا تكون هناك أي انزلاقات، وكلما كانت هناك تجاوزات نبهنا إليها ونبهت عليها الهيئة العليا للانتخابات وتراقب كل من قام بذلك، أنا في اعتقادي لن يقع انفلات، ما يحدث في الحملة الانتخابية عادي، ربما لو كانت ستحدث انزلاقات لحدثت في التشريعيات حيث كان هناك أكثر من 1300 قائمة، لكننا اجتزنا ذلك بسلام.
لكن هناك حالة استقطاب سياسي حاد وخطاب تخويف قد يخلق مناخا للانزلاق يوم الاقتراع؟
حجم الاستقطاب السياسي لا يخيفنا، هو مشهد عادي نشاهده في أرقى الديمقراطيات، حيث هناك أحزاب قوية وكبيرة وهناك أحزاب أقل، ولكل خطابه، في تونس انتقلنا من مرحلة ما بعد الثورة حيث كانت بداية تشكل الأحزاب إلى مشهد سياسي يتشكل في صورته العامة.
وزير الدفاع التونسي تحدث عن تهديدات إرهابية جدية، إلى أي مدى يمكنها أن تؤثر على الانتخابات ؟
هناك تهديدات إرهابية وكبيرة وجدية في تونس، لأننا انتقلنا من مرحلة كانت المجموعات الإرهابية تملك زمام المبادرة، إلى مرحلة صارت المبادرة لمصالح الأمن، حتى على مستوى العمليات الأمنية الاستباقية، وهذا شكل تضييقا على المجموعات الإرهابية التي تحاول أن تتحرك في الجبال والمدن لتوجيه ضربات خاصة، أو القيام بعمليات استعراضية بهدف إعلامي، في هذه الظروف الانتخابية، حيث كل العالم منتبه إلى تونس، نحن متهيئون لذلك ويقظون لأننا ندرك ما تخطط له المجموعات الإرهابية.
لماذا قررتم غلق الحدود مع ليبيا وإبقاءها مفتوحة مع الجزائر، هل هذا دليل الاطمئنان للجانب الجزائري ؟
بطبيعة الحال، نحن مطمئنون على الحدود الجزائرية، رغم وجود المجموعة الإرهابية على الحدود، لكن مستوى التعاون بين تونس والجزائر والحرص المشترك على أمن البلدين، يجعلنا أكثر ارتياحا، بخلاف الوضع في ليبيا الذي يدفعنا إلى حماية حدودنا بأنفسنا.
ما هي طبيعة التعاون العسكري والأمني، وهل هناك مد لوجيستي من الجيش الجزائري للجيش التونسي ؟
وصلنا إلى تعاون كبير ورفيع، لا يتعلق الأمر باتفاقيات تعاون فقط، لكن هناك تنسيق عملي على الأرض، عندما يقرر الجيش الجزائري أو التونسي القيام بعمل عسكري ميدانيا، لا يكون هناك أي تونسي أو جزائري يدخل أو يخرج من المنطقة الحدودية موطن العملية العسكرية من الطرفين، هناك تبادل للمعلومات، ونحن نتعامل بثقة أمنية وعسكرية كبيرة، ليس هناك مد لوجيستي عدا بعض الحاجيات البسيطة، ونحن لا نطلب أكثر من الجزائر، لأننا نعتقد أنه عندما يكون الجيش الجزائري بإمكانياته وتجربته حريصا على الحدود فهذا في حد ذاته حماية للحدود التونسية.
هل سبق للجيش الجزائري القيام بأي عمليات عسكرية داخل التراب التونسي حتى في سياق ملاحقة ظرفية لمجموعة مسلحة أو باتفاق مسبق ؟
لا أبدا لم يحدث ذلك، كل ما يتعلق بالتعاون العسكري يتم وفقا للاتفاقيات الثنائية وباحترام المواثيق التي تضبط التعامل على الحدود، في الجزائر هناك مادة دستورية تمنع الجيش الجزائري من القيام بأي عمل عسكري في الخارج، ونحن لسنا بحاجة إلى تواجد للجيش الجزائري داخل الحدود في تونس، بقدر ما نحن بحاجة إلى خبرته في مراقبة الحدود.
تونس معنية بالأزمة الليبية أكثر من الجزائر، وهناك تعثر لمسعى الجزائر لعقد مؤتمر حوار وطني ليبي، ما هي آفاق حل الأزمة هناك ؟
هناك تنسيق بين تونس والجزائر في المسائل الإقليمية وخاصة في الملف الليبي، ليس هناك فشل في إدارة الحوار بين الأطراف الليبية، نحن متفقون ضد التدخل الأجنبي في ليبيا وعلى وحدة التراب الليبي والوسيلة الوحيدة هي الحوار، والحوار ليس متعلقا بدعوة، بل هو مسألة مسار ومثابرة ومساع مستمرة، وهذا خيار وتوجه نحن على علم أنه يتطلب الوقت والكثير من المبادرات، لدينا قناعة بأن طبيعة الأزمة في ليبيا لا تحل في يوم، نحن في تونس أمورنا كانت أقل تعقيدا من ليبيا، ومع ذلك استهلكنا ثلاث سنوات للخروج من المأزق الداخلي، فما بالك بالوضع الليبي المعقد.
لكن المأزق الليبي يتجه إلى التأزم أكثر مما يتجه إلى الحل، ما قد يعقد أي حل سياسي ممكن ؟
بالفعل، المأزق الليبي معقد كثيرا، ومن أكبر المخاطر علينا هو خطر الإرهاب، ونحن متضررون من ذلك، أغلب العمليات الإرهابية التي حدثت في تونس كان لها مد من ليبيا، خاصة ما تعلق بالسلاح الليبي، ولذلك نحن نسعى لدعوة كل الأطراف الليبية للحوار، ما عدا الأطراف التي لها علاقة بالمجموعات الإرهابية.
الأزمة الليبية خلقت حالة نزوح إلى تونس، كم عدد الليبيين المقيمين في تونس حتى الآن، وهل خلق ذلك مشكلات اجتماعية واقتصادية وأمنية ؟
تقييمنا يؤكد أن ثلثي الشعب الليبي موجود في تونس، حوالي 1,2 مليون ليبي يقيمون عندنا، إضافة إلى 600 ألف ليبي يتنقلون بين تونس وليبيا، ولو أن الأمر يشكل لنا عبئا اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، لكن مع ذلك فهم مرحب بهم بحكم واجب الضيافة وحسن الجوار، لكن هذا لا يمنعنا من ضبط قواعد الإقامة حتى لا تكون هناك أية مشكلات على الهامش.
كم عدد الإرهابيين في الشعانبي وكم عدد الجزائريين ضمن هذه المجموعة ؟
عدد الإرهابيين لا يتجاوز العشرات، لا أرى أن أعطيهم أكثر من حجمهم، هم ليسوا سوى بضعة عشرات، تقلقني كلمة إرهابيين جزائريين، لا أحبذ أن أذكر هذه الكلمة وهي ثقيلة علي، الجزائريون يحبون تونس وإخواننا يريدون كل الخير لنا، وهناك مليون جزائري يدخلون للسياحة في تونس، لذلك أحب أن أسميهم إرهابيين وكفى مهما كانت جنسياتهم، لأنهم مارسوا الإرهاب أيضا في الجزائر، هؤلاء مولودون في الجزائر لكنهم لا صلة لهم بالأرض الطيبة للجزائر. في مجموعة الشعانبي عدد الحاملين للجنسية الجزائرية بعض الأفراد وهم متمرسون، حيث مارسوا العمل الإرهابي في الجزائر ومالي وليبيا.
هل العمليات الإرهابية الأخيرة في تونس محاولة من المجموعات الإرهابية إثبات حضورها، أم أنها دليل حالة تخبط ؟
بالتأكيد هي حالة تخبط، الدليل على ذلك أن العملية الأخيرة هي الاعتداء على حافلة مدنيين، هم محاصرون، في السابق كانت لديهم حرية المبادرة، لكن قوات الأمن انتقلت من مرحلة المكافحة إلى مرحلة المبادرة الاستباقية، نحن نتصدى لهم لوجيستيا، وهم يحاولون الظهور ونحن نمنعهم من القيام بأي عملية، كما تم تجفيف منابع التمويل، وهو ما دفعهم للنزول إلى المدن للبحث عن المؤونة، كما في حالة العملية الأخيرة (مقتل الإرهابي في سيدي بوزيد).
في الجزائر كان هناك الحل العسكري، لكن بالموازاة كانت هناك خيارات أخرى لتحييد المسلحين، كقانون الرحمة عام 1994 والوئام المدني عام 1999 والمصالحة في 2005. هل فكرت الحكومة التونسية في تجريب هذه الخيارات ؟
نحن في أول المسار وفي مرحلة المواجهة الأمنية والعسكرية الآنية للتقليل من مخاطر الإرهاب، في الجزائر كانت هناك تجربة مؤلمة ومكلفة في مكافحة الإرهاب، نحاول أن نستفيد منها، نحن على علم بأن هناك معالجة طويلة المدى، ونحن بدأنا بتحييد المساجد واسترجاع البعض منها التي كانت خارج السيطرة، وإيقاف شبكات الدعم التي كانت أحيانا علنية للإرهابيين، ثم استعادة الخطاب الديني المغذي للتطرف من قبل بعض الأئمة، وهناك العمل التنموي حيث هناك عمل اقتصادي تنموي خاص في مناطق الحدود بالتنسيق مع الجزائر، بهدف تنمية المناطق الحدودية وربط بعض القرى بالغاز والكهرباء، لأنه من الوسائل التي تسمح لنا بتجفيف منابع الإرهاب، وتحييد الشباب الذي لم يتلطخ بالدم.
بالنظر إلى تطلعات التونسيين، هناك من هو غير راض عن مستوى الدعم الجزائري لتونس في المرحلة الانتقالية، هل أنتم راضون عن مستوى هذا الدعم ؟
بكل صراحة، مقارنة مع الدعم الذي نلقاه من الجزائر من دعم سياسي واقتصادي وأمني، أنا راض، وأنا مقتنع بأنه مع تحقيق الاستقرار في تونس سيكون الدعم الجزائري أكثر تركيزا، تصوري للدعم ليس إيداع أموال أو منح هبات وكفى، لكن هناك توافقا مع الجزائر على التعاون على أسس صحيحة لتكون منفعة مشتركة ودائمة وليس انتفاعا مرحليا، التبادل التجاري ليس بالمستوى الذي نريده، لكن لدي قناعة بأن هناك إمكانيات كبيرة للتعاون الحكومي والخاص بالشكل الأفضل. أنا شخصيا لقيت استعدادا كبيرا من المسؤولين الجزائريين للدعم والتعاون، عندما أتحدث إلى صديقي رئيس الحكومة، عبد المالك سلال، أجد كل التفهم والتعاون، قابلت الرئيس بوتفليقة مرتين، شعرت بكل الدعم والحرص على استقرار تونس، ومسار الرجل يؤكد أنه لا يتحدث جزافا.
بالعودة لتقييم وعود الاتحاد الأوروبي لتونس، لم يكن هناك الكثير من الوفاء بهذه الوعود ؟
في مجمله، دعم الاتحاد الأوروبي كهبات مالية لم يكن هو المطلوب، حكومتنا لم تنظم مؤتمرا للمانحين، ولكننا نظمنا مؤتمرا للاستثمار، الاتحاد الأوروبي قدم لنا الدعم السياسي لمواجهة التحديات السياسية والأمنية، وهذا جزء مما كان مطلوبا، أما فيما يتعلق بالاستثمار، فأعتقد أن أبرز عامل يشجع الاستثمار هو الاستقرار، وأتصور أنه مع استقرار الأوضاع يمكن لتونس أن تستقطب الاستثمارات الأوروبية بشكل أكبر.
إذا استدعيتم للاستمرار في قيادة الحكومة، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية.. هل ستقبلون المهمة ؟
استباقا، قلت إنني جئت من أجل مهمة محددة تتعلق بتصفية الأجواء وتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي كانت تبدو مهمة جد صعبة مستحيلة التحقيق، ومع إنجاز هذه المهمة (الرئاسيات والتشريعيات) نكون قد أعدنا الاستقرار ونكون قد قطعنا شوطا في مكافحة الإرهاب وحققنا بعض الاستقرار لتونس، ومع كل هذا أكون قد أتممت مهمتي، أنا لم آت لإنجاز مسار سياسي شخصي، وحتى لو عرض علي قيادة الحكومة مجددا فأنا أحترم قواعد اللعبة التي تنص على أن الطرف الذي صوت له الشعب هو من يتحمل مسؤوليته في الحكومة. وأحب أن أوجه رسالة واضحة لكل الشعب التونسي والقوى السياسية: الشعب صوت لصالح منظومة سياسية معينة، وعلينا احترام اختيار الشعب.
هناك بعض التحاليل التي تربط صعود حزب نداء تونس وترشح وزراء سابقين في منظومة حكم بن علي وعودة سليم شيبوب، بتخوفات من إمكانية تراجع الحريات وعودة النظام السابق، برأيكم هل هذه التخوفات مشروعة ؟
أعتقد أن الجميع وكل شيء سيكون تحت مراقبة القانون، تخوفاتي تصب في سياق التخوف من هزات اجتماعية واقتصادية، أما التخوفات الأخرى المتعلقة بالحريات فأعتقد أن هناك مجتمعا مدنيا وهياكل وهيئات يمكن أن تقوم برصد ذلك، والتخوفات ضمن الجو الانتخابي والحملة الانتخابية ليس إلا.
إلى أي حد كانت تحذيرات البنك التونسي من مخاطر الإفلاس جدية ؟
لا، تونس لم تصل إلى مرحلة الإفلاس، ومنذ استلامي للحكومة حاولت أن يكون هناك أكبر قدر من الشفافية المالية للبلاد، لوضع كل طرف في الصورة، تونس عاشت بعد الثروة ظروفا صعبة وارتفاعا في الأجور ما شكل عبئا على ميزانية الدولة، منذ عشرة أشهر بدأنا في معالجة الوضع، عبر التدقيق ومراقبة الانتدابات وإصلاح المالية وإعادة التوازن للميزانية العمومية وترشيد الدعم، حتى لا ترتفع كتلة الأجور، وهناك مشكلة العجز في الميزان التجاري لتونس، تفسره عدة عوامل أهمها ما يتعلق بالطاقة، لأن إنتاجنا في الطاقة لم يزد في مقابل زيادة الاستهلاك، خاصة ما يتعلق بالغاز الذي نستورده من الجزائر، وبعض التعطلات بفعل التجاذبات السياسية في المجلس التأسيسي، الأمر الذي عطل مثلا مشروع الطاقات المتجددة، إضافة إلى
تعطل حركة الإنتاج الفلاحي، ما دفعنا إلى استيراد الكثير من المواد الغذائية، لكن الموسم الفلاحي هذه السنة أفضل على صعيد إنتاج الحبوب والزيتون، وساهم في تقليص عجز الميزانية إلى أقل من 5 بالمائة، مع الحرص على عدم الزيادة في المديونية. مع كل هذه الظروف، الاقتصاد التونسي أظهر قوته رغم بعض العوامل السلبية، كحالة الركود في اقتصاد الشريك الأول لتونس وهو الاتحاد الأوروبي، والوضع في ليبيا، وحققنا نسبة نمو تقدر ب 2,5 بالمائة.
هناك انسداد في المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل، كيف تردون على ذلك ؟
فضلت منذ اليوم الأول لتسلمي للحكومة أن أكون مسؤولا، مواقفنا واضحة ومبررة بالأرقام، علاقتنا باتحاد الشغل كمنظمة عتيقة علاقة احترام وشراكة وحوار إيجابي، وقمنا ببعض الجهد الاجتماعي لفائدة الموظفين، بالتأكيد هناك اختلافات في بعض الرؤى، كان من السهل أن أوقع على اتفاقيات صورية دون تجسيد، لكني اخترت المسؤولية على المزايدة.
هناك من يتهم الإعلام بأنه جزء من المأزق السياسي بسبب التجاوزات، ما هو موقفكم من راهن الإعلام التونسي ؟
يجب أن ندرك أن الإعلام التونسي مر من حالة كبت قاسية كان يعيش فيها، وأنا أفضل أن يكون لدينا إعلام يخطئ ويتجاوز، على أن يكون هناك إعلام مكبوت، رغم بعض الحالات التي يقوم فيها الإعلام بما يقلق، فبالنسبة لي وجود الإعلام المنبه للمشكلات أفضل من إعلام يمارس التضليل على الحكومة. رغم كل ما يقال عن الإعلام في تونس ورغم كل التجاوزات، فإن لدي أملا في أن الإعلام التونسي يمكن أن يصحح أخطاءه بنفسه دون أي تدخل من السلطة التنفيذية، لأن أي محاولة من السلطة إصلاح الإعلام هو تجاوز أكثر من تجاوز الإعلام نفسه.
من الظلم القول بفشل حكومتكم، هل من العدل القول بنجاح حكومة تكنوقراطية، وما هي القرارات التي تعتبرون في لحظة أنكم ما كنتم لتتخذوها ؟
الطرحان خاطئان، أنا أقول لا نجاح نسبي ولا فشل كذلك، كنت واضحا منذ البداية أنني لا أملك عصا سحرية، وبالنسبة لي فإن صعود درج واحد أفضل من لا شيء، بالنسبة للقرارات أنا رجل أفضل الحوار والاستماع قبل أي قرار، وقراراتي مبنية على الاستماع وعلى المبررات، أفضل أن آخذ وقتا أطول، وعمل ممنهج أفضل من القرارات المتسرعة، قد يحدث في لحظة مستقبلية أن أقدر صدقية القرارات التي اتخذتها.
كرئيس حكومة لديكم اطلاع على حجم وطبيعة التحديات التي تواجهها تونس على أكثر من صعيد.. هل تعتقدون أن ذلك يفرض وجود حكومة توافق ووحدة وطنية ؟
الإصلاحات المطلوبة والتحديات المرفوعة في أفق مستقبل تونس لا يمكن أن تحل إلا في إطار التوافق الذي يجمع أكبر ما يمكن، دعني أستعمل مصطلحاتي الخاصة، المشكلات الراهنة في تونس تتطلب أن تكون الحكومة مشكلة من أصحاب الكفاءة بالدرجة الأولى، بغض النظر عن التوجهات السياسية لهذه الكفاءات، أنا مع الرأي الذي يقر بحكومة كفاءات وليس ولاءات، ليس مهما أن تكون الكفاءة متحزبة أم لا، إضافة إلى ضرورة التوافق على الإصلاحات الكبرى، وأن تكون الحكومة منفتحة على كل الأطراف وعلى المعارضة، ليس مفيدا أن تكون الحكومة منعزلة وبصدد المواجهة مع المعارضة.
هل آلمكم كرئيس حكومة وجود العلاقات بين تونس وسوريا في حالة قطيعة ؟
منذ تسلمي مقاليد الحكومة حاولنا التقدم بخطوة، وأعدنا فتح مكتب تمثيل إداري في دمشق للتواصل مع جاليتنا هناك، يقوم على خدمة الرعايا التونسيين في سوريا، ورغم كل المعطيات الموجودة فإننا لا نستطيع قطع علاقاتنا مع السوريين، وفتح مكتب التمثيل كان من هذا الباب.
كم عدد الجهاديين التونسيين المتواجدين في سوريا وهل تشكل عودتهم هاجسا مقلقا لكم ؟
بغض النظر عن العدد، كل ما أعرفه أنه منذ سنة تم قطع الطريق أمام أي تحول لتونسيين إلى سوريا، ومنعنا أي انتقال للتونسيين إلى جبهات القتال في سوريا وليبيا والعراق، وتم توقيف أكثر من 500 شخص من شبكات تهريب المقاتلين إلى الخارج.
ما مدى دقة التقارير التي تتحدث عن وجود قاعدة أمريكية في جنوب تونس ؟
هذا ليس صحيحا، لا توجد أي قاعدة أجنبية فوق التراب التونسي، هذه مسألة تتعلق بالسيادة الوطنية، ولا يمكن بالمطلق السماح بذلك تحت أي ظرف من الظروف، هناك وفود عسكرية أمريكية وأجنبية تزور تونس في إطار التعاون وتبادل المعلومات بشكل طبيعي ليس أكثر.
ما هي آخر المعلومات بشأن الملاحقات القائمة ضد زعيم أنصار الشريعة أبو عياض ؟
أبو عياض يتواجد فوق التراب الليبي، المعلومات التي لدينا تؤكد ذلك، كما يتواجد في ليبيا أحمد الرويسي أحد المطلوبين في قضية اغتيال شكري بلعيد، وعدد من الإرهابيين المتورطين، ولذلك نحرص على التواصل مع الأشقاء في ليبيا في إطار التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.