انتقد البروفيسور عمر خليف، أمس، إصرار الحكومة على المواصلة في الاعتماد على مدخل اقتصاد الريع وصادرات المحروقات، وأشار إلى هشاشة الوضعية الجزائرية تبعا لذلك أمام الهزات الدولية المتعلقة بأسعار النفط، لا سيما وأن العوامل والمصالح الجيوسياسية عادة ما تتحكم فيها. وقال المتحدث، خلال ندوة نظمتها جامعة الجزائر 3 حول انخفاض أسعار البترول وتداعياته على الاقتصاد الوطني، إن الجزائر عالجت كل الأزمات في تدني أسعار المحروقات بنفس الطريقة، دون أن تتخذ السلطات العمومية الوصية الإجراءات الاقتصادية البديلة عن تصدير المواد الخام الذي يمثل قرابة 97 في المائة من مجموع الصادرات الوطنية، وذكر في هذا الخصوص الاستنجاد بالمدخرات المودعة على مستوى صندوق ضبط الإيرادات. وذهب البروفيسور إلى أبعد من ذلك حين وصف أن تسيير قطاع المحروقات يعاني من خلل، وأشار إلى أن مجمع سوناطراك على الرغم من أنه يملك كل الإمكانيات والخبرة لإنجاز مشاريع الحفر والاستخراج تتخلى نسبة من المشاريع للمؤسسات الأجنبية، في حين وصف القرار الأخير المتعلق بالتوجه لاستغلال الغاز الصخري بغير المنطقي من الناحية الاقتصادية، بصرف النظر عن تداعيات هذا الأمر على البيئة، على اعتبار أن مردوديته الاقتصادية ضعيفة، إذ العمر الافتراضي للبئر الواحدة لا يتجاوز السنة. وحذّر عمر خليف من الارتفاع المستمر لتكاليف إنتاج البترول والمواد الطاقوية بشكل عام، إذ تقدّر بالجزائر بحوالي 15 دولارا لبرميل واحد، بينما كانت تقدّر في فترة السبعينيات بدولار واحد. وأشار إلى أن ارتفاع التكاليف تؤثر بصفة آلية على أسعار النفط النهائية في البورصة العالمية. وعلى هذا الأساس، فإن تراجع الأسعار من ناحية وارتفاع التكاليف من الناحية المقابلة يقلص مردودية قطاع المحروقات، خاصة وأن الجزائر تواجه تحديين في الوقت ذاته، الأول متعلق بتراجع أسعار النفط والثاني يتعلق بتراجع الإنتاج وشيخوخة الحقول المنتجة للمحروقات التقليدية. واتهم المتحدث المملكة العربية السعودية بالاتفاق بالوقوف وراء تراجع أسعار النفط، من خلال المحافظة على نفس مستويات إنتاج منظمة الدول المصدّرة للنفط ”أوبك” وإغراق السوق بالإنتاج، على الرغم من تدني الأسعار، مستعملة قوتها الإنتاجية على اعتبار أنها تمثل بالإضافة إلى دول الخليج ما يفوق 50 في المائة من الاحتياطي العالمي من المحروقات، وهي الخطوة التي تتكئ عليها سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية في تحقيق أهدافها الجيوسياسية لإضعاف الاقتصاد الروسي القائم على صادرات النفط لاسيما الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى إيران وكذا الصين التي تعتبر من أبرز الدول النامية، بينما توجد الجزائر في منتصف صراع المصالح بين العملاقة وفي قائمة الدول الأكثر تضررا من انخفاض الأسعار.