تعتبر المنظومة البنكية الجزائرية من الأنظمة المتأخرة على الصعيد الدولي والإقليمي، بالنظر إلى التخلف وبطء وتيرة المعاملات المالية، تحت ذريعة إضفاء حماية مالية أكبر للتحويلات، والمحافظة على ممتلكات الزبائن الخواص والشركات، في وقت يشهد العالم حاليا “ثورة” التواصل و”انفجار” تكنولوجيات الاتصال. يؤكد المختصون في النشاط البنكي أن النظام المصرفي في الجزائر من بين أكثر الأنظمة تخلفا، من حيث ثقل العمليات المالية التي لم تتمكن من تجنيب البنوك التعرض في مناسبات مختلفة لاختراقات أدت إلى ضياع أموال الزبائن، الأمر الذي يستدعي إجراء إصلاحات مستعجلة وفعلية لتطوير القطاع الذي تسيطر عليه بنوك عمومية لا تزال “محافظة” على أساليب تقليدية تجاوزها الزمن، إلى درجة أن المواطن أصبح يفضل “اكتناز” أمواله في منزله بدلا من فتح حسابات بنكية. بنوك تفرض 72 ساعة لسحب الزبائن أموالهم قال خبير المالية والبنوك، كمال رزيق، إن البنوك تلزم الزبائن بالقيام بإجراءات معقدة، اعتبرها من بين التحديات المطروحة أمام وزير المالية الجديد لإخراج البنوك الموجودة في الجزائر خاصة البنوك العمومية من “العقلية المتحجرة”، للتعايش مع التطور والاستجابة إلى متطلبات الفترة. وأضاف أن هذه الوضعية ترتبط بشكل خاص بالبنوك العمومية التي تحظى بحصة الأسد في السوق الوطنية إذ تمثل حوالي 75 في المائة، بينما برّر ذلك بتداعيات الإبقاء على تجريم فعل التسيير الذي من شأنه تقييد المبادرات بالنسبة للمديرين والمسؤولين، وهو الأمر الذي يفسر الفرق الشاسع في التعاملات بين البنوك العمومية والمصارف الخاصة الموجودة في الجزائر. وأشار المتحدث إلى خطورة هذه الوضعية على تطوير القطاعات الاقتصادية وتحسين مناخ الاستثمار، من منطلق أن ذلك يعتبر من بين أبرز العراقيل التي تقف أمام المتعاملين الأجانب الراغبين في النشاط في السوق المحلية. وانتقد المتحدث ثقل المعاملات البنكية التي تفرض على الزبون الانتظار لمهلة 24 أو 72 ساعة لسحب أمواله، وقال إن هذا النوع من المؤسسات المالية والمصرفية غير قادر على الاستثمار في مجال تطوير الخدمات الإلكترونية، إلى درجة أن البنوك العمومية على وجه الخصوص تلزم زبائنها بإجراء المعاملات على مستوى وكالة واحدة دون سواها (تم فتح الحساب البنكي على مستواها) وهو أمر غير منطقي. البنوك العالمية تمكنت من رقمنة المعاملات قال الأمين العام ل”سوسيتي جينيرال الجزائر”، محمد عرابي، إن العديد من البنوك في العالم بلغت مستوى رقمنة المعاملات المصرفية، يتمكن من خلالها الزبون من إجراء عمليات السحب والإيداع عن طريق الأنترنت دون الحاجة للتوجه إلى شبابيك الوكالات البنكية، قبل أن يضيف أن كل مؤسسة مالية تملك خطة واستراتيجية خاصة لتطوير العروض والمنتجات المالية والاستجابة لتطلعات الزبائن التي تنصب بشكل أساسي في الخدمات المصرفية الإلكترونية. وأشار المتحدث إلى أن دخول فروع بنكية لمصارف عالمية النشاط في السوق، بالموازاة مع تطوير بعض أساليب الدفع أو السحب على مستوى هذا النوع من البنوك، خلق، خلال العشرية الأخيرة، نوعا من التنافس في السوق المالية، عبر فتح مجال الاختيار بالنسبة للزبائن الخواص أو من المؤسسات الاقتصادية. ورغم أن عرابي ذكر أن هناك “تطور” في مجال بعض المعاملات البنكية، إلا أنه أكد على أن “خيبة الأمل” تأتي من تأخر الخدمات المصرفية الإلكترونية التي تنتظر تفعيل دور مجموعة المصالح الاقتصادية للمصرفية الإلكترونية “جي.إي.إي” لتسريع وتيرة استعمال الدفع الإلكتروني. من جهته، أفاد المدير التجاري لبنك البركة، سعيد كريم، بأن تحسين أداء البنوك في النشاط المالي يستدعي بذل مجهودات من طرف كل مؤسسة على حدة. وأشار إلى إعادة النظر في ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في استراتيجية مخططات عملية وإدخال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في العمل اليومي للبنوك، أما المحور الثالث فيتعلق بتطوير أداء العمل البشري، من خلال عمليات التكوين المتواصل.