أثار حكم الإعدام الذي صدر في حق محمد مرسي، أول رئيس منتخب في مصر، تساؤلات عدة حول جدية هذا الحكم، فبالرغم من التنديدات الدولية والحقوقية منذ أن أحيلت أوراق مرسي إلى المفتي للنظر في قضية إعدامه، إلا أن كل ذلك لم يمنع القضاء المصري في عهد السيسي من إصدار حكم الإعدام في حق الرئيس مرسي وعدد من قيادات الإخوان من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان، والشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، ومحمد البلتاجي أحد القيادات البارزة في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير. والسيناريوهات المطروحة بشأن تنفيذ حكم إعدام مرسي من عدمه تكاد تنحصر في سيناريوهين رئيسين، لكل منهما أهدافه التي يسعى من خلالهما العسكر في مصر لتحقيقها. فالسيناريو الأول: المتمثل في إعدام محمد مرسي سيصب في مصلحة الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي لازالت شرعيته كرئيس لمصر منقوصة مادام مرسي على قيد الحياة، خاصة وأن الرئيس التركي أكد في خطاباته أنه لا يعترف إلا بمحمد مرسي كرئيس لمصر، وإعدام مرسي سيوقف مطالب أنصاره بعودته إلى كرسي الرئاسة، كما أن حكما بهذه القسوة قد يدفع فئات من الإخوان إلى اختيار طريق العنف، وهذه أكبر هدية ينتظرها النظام المصري الحالي من الإخوان، لأنه سيؤكد روايته بأن “جماعة الإخوان إرهابية”، ويمكن إعادة تسويق هذه الرواية لدى الغرب، رغم أن بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية رفضتا اعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية رغم ضغط اللوبي الصهيوني في هذا الشأن، ولكن إن تم جر شباب الإخوان نحو العنف حتى ولو تمسكت قيادتهم بمبدأ “سلميتنا أقوى من الرصاص”، فإن هذا سيعطي للعسكر في مصر مبررا ل”فرم” أنصار جماعة الإخوان المسلمين أكبر قوة سياسية معارضة في مصر، ومَن قتل وأحرق 5 آلاف إنسان في يوم واحد وأمام أنظار العالم لن يتردد في قتل إنسان واحد حتى ولو كان رئيسا منتخبا، مادام سيحقق للعسكر في مصر كل هذه المكاسب، لكنه بالمقابل سيجعل من محمد مرسي بطلا قوميا للمصريين مثل الرئيس التركي عدنان مندريس الذي أعدمه العسكر في 1961 بعد انقلاب عسكري أطاح بحكمه، لكنه إلى اليوم لازالت صوره ترفع في التجمعات الشعبية، وستزيد من تعاطف الشعب المصري مع الإخوان وسخطهم على نظام العسكر. السيناريو الثاني: أن العسكر في مصر سيختارون الأسلوب الذي تعاملت به تركيا مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الذي حكم عليه بالإعدام، لكن حكومة العدالة والتنمية تفاوضت معه من أجل المصالحة مع الأكراد وجمّدت حكم الإعدام، وليس مستبعدا أن يساوم العسكر في مصر بورقة الإعدام في مفاوضات سرية مع الإخوان قد ترعاها السعودية بالتنسيق مع زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، يسعى من خلالها العسكر في مصر إلى انتزاع تنازل رسمي من الإخوان عن المطالبة بالحكم ووقف احتجاجاتهم التي لم تتوقف منذ سنتين، وقد يتم تجميد تنفيذ حكم الإعدام خوفا من ردود الفعل الدولية خاصة الأمريكية والأوروبية التي ستزيد من عزلة نظام السيسي داخليا وخارجيا.