تتواصل مهازل البكالوريا لهذا العام، فبعد الفضائح في تسريب الأسئلة بواسطة تقنية الجيل الثالث، وكذا الخطأ الفادح في مادة الأدب العربي الذي وصل صداه إلى كامل الدول العربية، جاء الدور على عملية التصحيح التي كشف بعضها عن خلل، يتمثل في عدم توافق بعض الأجوبة النموذجية مع أسئلتها المطروحة، يضاف إلى كل هذا اتهامات بعدم كفاءة بعض المصححين الذين تم اختيارهم للعملية، في وقت قرر ديوان الامتحانات استدعاء أصحاب الإجابات المتشابهة. حمى التعليمات المتتالية تربك الأساتذة الاستنجاد بالأساتذة المتعاقدين لتغطية العجز يتواصل مسلسل المهازل التي يرتكبها الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات منذ انطلاق الامتحانات الرسمية، حيث تصنع عملية تصحيح امتحان البكالوريا الحدث، أين أصبح الأساتذة يجتهدون لحماية حقوق المترشحين بسبب الأخطاء المسجلة بين طبيعة السؤال والأجوبة النموذجية، كما أن تعليمات الديوان المتتالية لتدارك الأخطاء المسجلة في مواضيع الامتحانات باتت تربك الأساتذة وتثير احتجاجهم. فحسب ما صرح به المكلف بالإعلام ل”كناباست”، مسعود بوديبة ل”الخبر”، فإن ما يحدث هذه السنة “غير معقول” لأنه بعد الأخطاء اللغوية والمطبعية، تسجل اليوم، حسبه، أخطاء بالجملة في عملية تصحيح مواضيع البكالوريا ستكون وراء “تمييع الشهادة”، يأتي على رأسها النقص الفادح للأساتذة الذي بات يصنع الحدث عبر مراكز التصحيح، أين لجأ الديوان إلى دعوة أساتذة متعاقدين لتغطية العجز المسجل، كما أن “الكناباست”، يضيف بوديبة، تقوم حاليا بدعوة أساتذة الثانوي للالتحاق بالمراكز لتفادي تأخير إعلان النتائج. نقص ربطه ذات المتحدث ب”فشل ذريع” في التحضير للعملية، سواء تعلق الأمر بالمراكز أو حاجة كل واحد منها للعدد المطلوب لتفادي مثل هذا النقص، مشيرا إلى أن هذه السنة تبين أن الاستدعاءات الموجهة للأساتذة المصححين لا تتوافق مع ما تضمنته البطاقات التقنية التي تحدد حاجة كل مركز من المصححين. من جهة أخرى تحدث بوديبة عن الصعوبات التي يواجهها الأساتذة أثناء عملية التصحيح، وعلى رأسها تعاملهم مع أجوبة لا تتوافق طبيعة أسئلتها مع الأجوبة النموذجية، واستدل المتحدث على أمثلة منها سؤال مادة التاريخ والجغرافيا لشعبة العلميين، أين يطلب السؤال إمكانيات الاقتصاد الأوروبي، في الوقت الذي تتكلم الإجابة النموذجية حوله عن مظاهر هذا الاقتصاد، كما أن هناك سؤالا في نفس المادة بشعبة الآداب يطلب تعريفا لرؤوس الأموال، والإجابة النموذجية تقتصر على الموارد المالية رغم أنها تمتد إلى العقار والثروة الحيوانية وغيرهما، كما اقتصر الجواب النموذجي على سؤال حول النمو الديمغرافي أنه القوة البشرية النشيطة، على الرغم من أن النمو الديمغرافي هو الحركة النشيطة وغير النشيطة، يُضاف لها أسئلة تم صياغتها وفق النظام القديم. خلط قال عنه ممثل “كناباست” إنه أربك الأساتذة ودفع بهم إلى الاجتهاد والتشاور فيما بينهم لحماية حقوق المترشحين التي كان يمكن أن تضيع لو تم تطبيق الأجوبة النموذجية، مع العلم أن التصحيح النموذجي لم يعتمد الحلول الممكنة لكل سؤال مثلما جرت عليه العادة واكتفى هذه السنة بإجابة نموذجية واحدة. وفي سياق الحديث عن الارتباك، أشار المتحدث إلى ما وصفه ب”حمى” التعليمات التي أثرت سلبا في عمل الأستاذة، أين أرسل الديوان خلال عملية التصحيح عدة تعليمات، منها تعليمة تنص على استدراك خطأ وقع في مادة الإنجليزية، وأخرى حول خطأ اللغة العربية الذي نسب إلى درويش عوض نزار قباني، آخرها تعليمة كانت يوم الأربعاء الماضي حول مادة الفلسفة بشعبة التسيير أين طُلب من الأساتذة قبول إجابات التلاميذ الذين يعالجون السؤال الأول بطريقة المقارنة على الرغم من أن السؤال يعتمد على الجدل، وهي التعليمة التي أثارت احتجاج الأساتذة كون أغلبهم انتهى من التصحيح الأول ورفضوا إعادة تصحيح الأوراق، مع العلم أن هذه السنة حرم المترشح من السؤال الاستقصائي في هذه المادة الذي كان موضوع السؤال الثاني في الدورات الماضية. الميزانية المخصصة للامتحانات تضاهي ميزانية دولة إفريقية “الآف.آن.تي.يو” تندد بالمحاباة في اختيار الأساتذة المصححين انتقدت الاتحادية الوطنية لعمال التربية “آف.آن.تي.يو” الأخطاء التي وقع فيها الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات هذه السنة، وندد بالطريقة التي ينتقى بها الأساتذة للتصحيح التي تعتمد على “المحاباة” ومن ثمة تحرم أساتذة أكفاء من ذلك. وفق ما جاء في حديث الأمين العام للنقابة، فرحات شابخ ل”الخبر”، فإنه على الوزارة إعادة النظر في عملية انتقاء المصحح لأنه “من غير المعقول أن تسند عملية التصحيح لأستاذ سنة كاملة وهو في عطلة مرضية”، كما أن بعض الأساتذة ليس لهم خبرة 10 سنوات رغم أن المعمول به أن يكون مرسّما وله خبرة السنوات المذكورة، مع ضرورة مراجعة المنح الممنوحة للأساتذة المصححين، وتوفير الحماية اللازمة للأساتذة الحراس. كما ينبغي إعادة النظر في المؤطرين حسبه، وكذا اللجان المكلفة بتحضير مواضع الامتحانات، فرغم الإمكانيات المادية المخصصة لهذه الامتحانات التي تعد ميزانية دولة إفريقية، إلا أنه ترتكب أخطاء فادحة تؤثر على مصداقية الشهادات، انطلاقا من إعادة موضع في شهادة السانكيام، وصولا إلى شهادة البكالوريا التي سجلت أخطاء بالجملة على غرار مادتي اللغة العربية والإنجليزية. واستغرب المتحدث تحميل وزيرة التربية في وقت سابق المسؤولية للديوان، على الرغم من أن المسؤولية الأولى هي من يتحملها، لأن الديوان تابع لها وليس العكس.