أربكت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ضربت كلا من باريس وسان سانت دوني كل الدول الغربية، ما جعل تأثيرها بارزا على مختلف التعاملات مع الأشخاص من أصول عربية، وكذا المنتمين إلى الديانة الإسلامية عبر كل ربوع العالم، حيث ساهم ذلك في ضبط سلسلة من الإجراءات تجاوزت كل الخطوط الحمراء ضد المسلمين والتصاعد الحاد لأفعال الإسلاموفوبيا من قبل المتطرفين الذين يتبنون خطابات الكراهية والعنصرية، سواء في فرنسا أو سائر الدول الغربية. وهو ما تم تسجيله لدى الأجهزة الأمنية بشيكاغو، حيث تم منع مسافرين أمريكيين من أصول فلسطينية من ركوب طائرة الخطوط الجوية “ساوتوسيت أرلاينز” التي تربط بين مدينتي شيكاغو وفيلادالفيا، وذلك بحجة شعور أحد المسافرين بالخوف بعد سماعهما يتكلمان باللغة العربية، ليعتذر منهما مضيف الطائرة، خاضعين إياهما إلى عملية تفتيش دقيقة، راودت من خلالها الأجهزة الأمنية شكوك حول علبة “البقلاوة” التي يحملونها، ناهيك عما صدر عن مرشح الجمهوريين “ترام” في أمريكا عن سلسلة من الملاحظات المثيرة للجدل حول المسلمين واللاجئين السوريين والعراقيين، عقب هجمات باريس الأسبوع الماضي التي تبنتها داعش، الأمر الذي رفضته منافسته هيلاري كلينتون.
تابعونا على صفحة "الخبر" في "غوغل+"
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد إلى شن اعتداءات على المسلمين والمساجد بفرنسا، قابلتها ردود فعل حسنة، حيث تمكن من خلالها الدانماركيون من وضع حد لبعض المتطرفين الذين حاولوا الاعتداء على مساجد المدينة، موفرين بذلك الحماية لبيوت الله. وبالنسبة للفتور الذي شهدته مساجد فرنسا، هذا الجمعة، فقد رجح الأمين العام لدى اتحاد الجمعيات المسلمة بسان سانت دوني 93، امحمد هنيش، بأن تكون راجعة إلى سوء الأحوال الجوية وتهاطل الأمطار أمام استحالة أداء الصلاة في الخارج، موضحا بأن مسلمي فرنسا اليوم لايزالون في قلب الحدث ويعيشون حالتي ذعر وقلق، ويترقبون ما ستسفر عنه الأيام القادمة، وهم بصدد متابعة أحداث مسلسل مريع لا يعلمون كيف ستكون نهايته وسط المداهمات المتتالية التي قاربت 800 مداهمة، والإقامات الجبرية حتى فيما يتعلق بالأشخاص الذين لا علاقة لهم لا بالدين أو بالشبكات الإرهابية، لكن يكفي بأن يكونوا ناشطين معارضين أو لديهم أفكار معارضة للرأي العام الفرنسي، قائلا إن الوضع اليوم بفرنسا شبيه تماما بأوضاع الدول العربية قبل وقوع الربيع العربي. وبينما ألغى مسجد باريس الكبير التجمع الذي كان قد دعا إليه بعد صلاة الجمعة، نظرا لعدم توفر تغطية أمنية كافية ومنع المحافظة بباريس كل تجمع أو تظاهرة قبل 30 نوفمبر الجاري، فقد كان مسجد ستراسبورغ محط كل ممثلي الديانات بفرنسا لينددوا بهذه الهجمات ويقفوا وقفة تضامن مع مسلمي فرنسا والديانة الإسلامية في فرنسا، فيما كان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية قد حث بدوره جميع الأئمة على إدانة الهجمات في خطبهم. ويذكر أن الأقلية المسلمة في فرنسا هي الأكبر في أوروبا، وتمثل 10 في المائة من عدد السكان، بتعداد أزيد من 6 ملايين مسلم، وهناك من يقول 11 مليون مسلم. وتجدر الإشارة إلى أن باريس شهدت فتورا نهار أمس على غير العادة على مستوى مراكزها التجارية الكبرى ومحلاتها الفخمة وشوارعها ومعالمها السياحية، حيث عرفت أروقة “لافايات” ومحلات شارع أوسمان بباريس المشهورة تراجعا بنسبة 50 في المائة.